الاعتداءات الإرهابية تفاقم المخاوف على آفاق الاقتصاد التركي

عززت ستة اعتداءات انتحارية في ثمانية أشهر وأزمة ديبلوماسية مع روسيا، المخاوف على مستقبل الاقتصاد التركي، المهدد بسبب تراجع عدد السياح وبلايينهم وتنامي قلق المستثمرين الأجانب.

وبعد أيام على هجوم انتحاري في شارع الاستقلال المزدحم الممتد كيلومترين في قلب اسطنبول الذي نُسب إلى الجهاديين، خفّت كثافة الحشد الذي يرتاده يومياً، وبدأت الفنادق والمطاعم والمحال الكثيرة على جانبيه تعدّ خسائرها. لكن على رغم البرودة النسبية في رد فعل الأسواق على هذا التفجير الدامي الأخير في 19 الجاري والذي أودى بأربعة سياح أجانب وأصاب نحو 30 شخصاً، يخشى محللون تبعاته في بلد يسجل أصلاً نمواً هشاً وعجزاً عاماً كبيراً وتضخماً مرتفعاً.

وقال وليام جاكسون من «كابيتال ايكونوميكس» في لندن، «هذه الهجمات قد تكلف الاقتصاد كثيراً، على مستوى الاستثمار على المدى الطويل والسياحة».

وعلى بعد دقائق من شارع الاستقلال، يشغل فندق «غولدن إيج» المرمم حديثاً نصف غرفه الـ 180، وزبائنه بمعظمهم إيرانيون أتوا للاحتفال بعيد النوروز (رأس السنة الفارسية) في تركيا. وقال موظف في الفندق «عاد مديرنا حديثاً من المعرض الدولي للسياحة في برلين، ونقل إلينا أن أحداً لا يريد المجيء إلى تركيا».

وتوقع المحلل في «فيننسبنك» اينان ديمير، «تراجع عائدات السياحة إلى 17 بليون دولار هذه السنة في مقابل 21 بليوناً العام الماضي، وحصول بلبلة في قطاع التوظيف مع تجاوز البطالة عتبة 10 في المئة من السكان العاملين».

وفي كانون الثاني (يناير) الماضي، تراجع عدد السياح بنسبة 20 في المئة مقارنة بالشهر ذاته قبل سنة. ولفت ديمير إلى أن المستثمرين الأجانب سيكونون أيضاً «أكثر حذراً بكثير في مجيئهم إلى تركيا، من أجل سلامتهم وعلى مستوى مساهماتهم»، مرجحاً حدوث «انعكاسات على الاقتصاد التركي».

وتشكل الاضطرابات السياسية مصدر قلق آخر، إذ أمرت السلطات خلال الشهر الحالي، بوضع اليد على مجموعة «زمان» الإعلامية المعارضة المقربة من العدو اللدود للرئيس رجب طيب اردوغان، الداعية الاسلامي الامام فتح الله غولن المقيم في المنفى في الولايات المتحدة. وقال جاكسون «عندما تبدو الشؤون والقرارات القضائية مدفوعة بالسياسة، فهذا يقلق المستثمرين الأجانب».

وعلى رغم التباطؤ، يشهد الاقتصاد مؤشرات مشجعة، مدعوماً باستمرار انخفاض أسعار الوقود، إذ تحسن الإنتاج الصناعي بنسبة 5.6 في المئة في كانون الثاني الماضي، وارتفع مؤشر ثقة الهيئات الاقتصادية هذا الشهر بعد تراجعه على مدى ثلاثة أشهر.

لكن المخاوف لا تزال قائمة، ويتعلّق أولها بتعيين خلف لحاكم البنك المركزي إردم باشدجي، الذي يلقى تقدير الأسواق وهو وقف قدر الإمكان في وجه ضغوط اردوغان لتقليص معدلات الفائدة لإنعاش النمو. وربما يؤدي تعيين حاكم جديد أكثر تقبلاً لدعوات السلطة إلى قلق المستثمرين، الذي تعزز الخميس الماضي مع قرار المصرف خفض إحدى فوائده الموجهة الذي اعتبر تنازلاً للسلطة.

وأكد ديمير أن هذا القرار «يعكس أثر السياسة على قرارات في شأن الاقتصاد الكلي في تركيا»، ورأى أن «تعيين شخصية موالية لاردوغان على رأس البنك المركزي، سيلحق مزيداً من الأضرار بثقة المستثمرين».

صحيفة الحياة اللندنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى