التصريحات السياسية تفقد تأثيرها على الأسواق المالية العالمية

 

 

هبة العيساوي

غالبا ما تتأثر الأسواق العالمية بالتصريحات السياسية في العالم، وتحديدا في الدول العظمى كالولايات المتحدة، إلى جانب تأثرها من القرارات الاقتصادية التي تتعلق بالدولار والفائدة عليه أو النفط وكميات انتاجه.
ولكن بحسب خبراء ماليين، فإن التضخم غير المنطقي في أسواق المال في أميركا قد يؤدي إلى انفجار هذه الفقاعة وحدوث أزمة مالية عالمية جديدة أصعب من التي قبلها، وهذا يناقض التصريحات الأميركية بتعافي الاقتصاد.
وفي ظل تلك القرارات والأحداث السياسية المتتالية أصبح من الصعب ربط توجه أسعار الدولار مع أسعار الذهب أو مع تعافي أسواق النفط، فلم تعد تربطهم علاقات عكسية أو طردية كما في السابق، بحسب الخبراء.

الدكتور سامر الرجوب قال إنه بالرغم من الارتباط الوثيق الذي يربط الاقتصاد بالسياسة وخصوصا عندما يتعلق الأمر باضطراب العلاقات السياسية بين الدول كما يحدث الآن بين الولايات المتحدة الأميركية – من خلال التصريحات الرئاسية مؤخرا- وإيران إلا ان ذلك لم ينعكس جوهريا على اسواق المال والسلع واسواق الصرف والسندات.
وأن ما يحدث الآن في تلك الاسواق انما هو انعكاس للسياسات الاقتصادية التي تربط الدول الاقتصادية القيادية في العالم مثل الولايات المتحدة الأميركية ومناطق اليورو والصين واليابان وبداية فترة من الانتعاش الاقتصادي العام.
ورأى الرجوب أن التغيير الاخير على سعر الفائدة الأميركية وجه الكفة لصالح الاسواق المالية الأميركية وارتفع مؤشر داو جونز منذ بداية العام الحالي بالإضافة الى سوق الشركات الكبيرة الأميركية S&P 500 وسوق ناسداك.

ولكن في المقابل، بحسب الرجوب، انتعشت باقي الأسواق العالمية ايضا في مؤشر واضح على بداية تعافي العالم من نتائج الازمة المالية العالمية 2008 وبداية الإنطلاق نحو نمو متسارع مع بداية العام 2017 بسبب سياسات تخفيض أسعار الفوائد واجراءات تشجيع الاستثمار، ونلحظ الاتجاه الصعودي في الاسواق المالية منذ بداية 20177 في كل من أسعار الاسهم اليابانية والبريطانية والإسبانية والالمانية باستثناء سوق شانغهاي الصيني الذي يبدي تارجحا وعدم استقرار في اسعار اسهم شركاته.

وأوضح الرجوب فيما يخص أسعار البترول والتي يتوجب أن تنخفض أسعارها مع ارتفاع سعر الدولار مقابل العملات الاخرى إلا أن العكس تماما قد حصل، فنجد أن أسعار البترول الخام قد سجلت ارتفاعا وتأرجحا غير واضح المعالم مع بداية العام، والذي أدى إلى عودة أسعار الذهب إلى الارتفاع بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النحاس والفضة في مؤشر واضح ان ما يمكن ان يكون قد حرك أسعار البترول هي القرارات الاخيرة لدول الأوبك والتي دعت إلى تخفيض العرض من البترول.

وتطرق الرجوب إلى السندات الطويلة الأجل الأميركية بعمر عشر سنوات، مشيرا إلى أن عوائدها سجلت اتجاها عاما صعوديا شابه التأرجح مؤخرا في حين ارتفعت عوائد السندات الصينية الطويلة الأجل وبنفس العمر بشكل واضح مما يوفر فرصة للإستفادة من تحويل التجارة في االسندات الاميركية الى السندات الصينية التي تعطي عائدا أعلى بالرغم من تحسنه مؤخرا في الولايات المتحدة الأميركية.
وأضاف أن هذا الاستبدال “SWAP” بين السندات سيرفع الطلب على السندات الصينية ويرفع من سعرها كما سيسبب خفض الطلب على السندات الأميركية ويؤدي الى تخفيض سعرها، الأمر الذي سيدفع البنك الفيدرالي الأميركي رفع سعر الفائدة مجددا وسيرفع من سعر الدولار وسيستمر البترول في الارتفاع على إستحياء وتأرجح.

من جانبه، لم يعد يربط الخبير المالي والمراقب للأسواق العالمية سامر ارشيدات بين التصريحات السياسية أو القرارات الاقتصادية مع الذي يحدث في الأسواق العالمية، مبينا أن توقعاته مبنية على التضخم غير المبرر الذي تشهده أسواق المال الأميركية.
وبين ارشيدات أن أي تصريحات من الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب تؤثر سلبا على الأسواق المالية يقوم فورا مؤيديه من أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين بالتدخل والشراء لرفع الأسهم الأميركية ودعم السوق.
وأصر ارشيدات على توقعاته باقتراب حدوث أزمة اقتصادية عالمية جديدة بدأت ملامحها بالظهور في أسواق المال، مرجحا أن تكون أصعب بكثير من تلك التي كانت في العام 2008.

واستبعد أن تعود أسعار النفط للارتفاع مرجحا أن تستمر الأسعار بالانخفاض إلى مستويات متدنية.
وأما بخصوص الذهب، رجح ارشيدات أن يستمر الضغط على أسعار المعدن الأصفر ليصل إلى مستوى أقل من 1100 دولار للأونصة قبل عودته للتحليق ليصل إلى مستويات غير مسبوقة كونه سيكون الملاذ الحقيقي للمستثمرين.
بدوره، يربط المراقب لأسواق الذهب والمال ربحي علان توجه أسعار الذهب مستقبلا بالتصريحات الأميركية والتصعيد مع إيران.
ورأى علان أن السياسة والقرارات الاقتصادية لها علاقة كبيرة بتوجه أسعار الذهب عالميا، مشيرا إلى أن أي قرارات سلبية أو تصعيد سياسي يزيد الطلب على المعدن النفيس ويؤدي إلى ارتفاع أسعاره.
ورجح علان أن نرى مستويات مرتفعة للذهب مع الربع الأول للعام الحالي تتراوح حول 1400 دولار للاونصة مع حركة شراء مرتفعة عليه عالميا من دول عظمى أو صناديق استثمار.

صحيفة الغد الاردنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى