خفض دعم الطاقة المرتقب في مصر يهدد بمعاودة صعود التضخم

تقترب مصر من تحقيق مستهدفاتها بشأن خفض معدلات التضخم السنوية بحلول منتصف العام الجاري، في وقت يتخوف فيه المحللون من أن تؤثر الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة على الأسعار مجددا.

محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر، توقع في نهاية العام الماضي انخفاض مستوى التضخم إلى 13 بالمائة منتصف عام 2018. ويقترب ذلك الرقم من التحقق، لا سيما بعد أن نجحت مصر في خفض معدل التضخم إلى 14.3 بالمائة في فبراير / شباط الماضي، مقابل 17 بالمائة في يناير / كانون الثاني السابق عليه.

ووفق بيانات وزارة التخطيط، تستهدف الحكومة خفض معدل التضخم من 21 بالمائة في العام المالي 2016 / 2017، إلى 15 بالمائة في العام المالي الجاري، و9.7 بالمائة في العام المالي المقبل، و7.7 بالمائة في العام المالي 2019 / 2020.

** تحقيق المستهدف

المحللة الاقتصادية لدى بنك الاستثمار “مباشر” العالمية (خاص) إسراء أحمد، تقول: “نجح البنك المركزي المصري في تحقيق مستهدفه للتضخم والبالغ 13 بالمائة وربما أسرع مما كانت تأمله الحكومة”.

وصعدت معدلات التضخم منذ تحرير سعر صرف الجنيه في 3 نوفمبر / تشرين الثاني 2016، إضافة إلى إجراءات خفض دعم الوقود والكهرباء ومياه الشرب ورفع قيمة الضريبة المضافة إلى 14 بالمائة.

وتوقعت المحللة الاقتصادية في مذكرة بحثية حصلت عليها “الأناضول”، أن يستمر التضخم في تراجعه حتى نهاية العام المالي الجاري، وأن يسجل التضخم في مارس / آذار حوالي 13 بالمائة”.

ويبدأ العام المالي في البلاد مطلع يوليو / تموز حتى نهاية يونيو / حزيران من العام التالي، وفقا لقانون الموازنة العامة.

ومنتصف فبراير 2018، خفض البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة واحد بالمائة على الإيداع والإقراض، إلى 17.75 بالمائة، و18.75 بالمائة على التوالي.

ومن المرتقب أن تخفض مصر دعم الوقود والكهرباء، بالإضافة إلى إجراءات تقشفية أخرى قبل بداية العام المالي المقبل.

** مستويات قياسية

المحلل الاقتصادي أنور النقيب (مصري)، يؤكد أن “تراجع معدل التضخم يعود إلى تأثر دخول المواطنين سلبيا بعد ارتفاع الأسعار بمستويات قياسية عقب التعويم، وبالتالي تراجع الطلب على السلع والخدمات”.

“النقيب” استبعد في حديثه للأناضول تأثر معدل التضخم في مصر بتثبيت سعر الدولار الجمركي عند 16 جنيها للشهر السادس على التوالي، أو استقرار سعر صرف الدولار في البنوك مؤخرا، لكون “الاحتكار يتحكم في السوق المصري”.

وشدد على أن تراجع معدل التضخم اسميا “لا يعود إلى زيادة الإنتاج الحقيقي وتفوق المعروض على الطلب، أو تحسن حقيقي في الاستثمارات الأجنبية التي تستهدف قطاعات الإنتاج”.

** تراجع حقيقي

رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة سابقا (مستقلة) أحمد شيحة: يرى أن المواطن “لن يشعر بتراجع حقيقي في الأسعار إن لم يحدث تراجع كبير في سعر صرف الدولار بالبنوك، إضافة إلى خفض الدولار الجمركي بنسبة كبيرة، وأيضا زيادة المنتج المحلي”.

والدولار الجمركي، هو ما يدفعه المستورد من رسوم بالعملة المحلية بما يوازي الرسوم الدولارية المفروضة عليه، نظير الإفراج عن البضاعة المستوردة والمحتجزة في الجمارك.

“شيحة” أشار في حديثه للأناضول إلى أن مصر تستورد الكثير من احتياجاتها من الخارج، خصوصاً الغذاء، ومستلزمات الإنتاج، ما يساهم في ارتفاع الأسعار على المواطنين.

** انحسار التضخم

وكان وزير المالية عمرو الجارحي قال منتصف الشهر الماضي، إن انخفاض معدلات التضخم لا يعني انخفاضا في الأسعار، ولكن يشير إلى انخفاض معدل ارتفاع الأسعار، متوقعا انحسار التضخم خلال 12 شهرا المقبلة.

وتدريجيا، تراجع معدل التضخم السنوي اعتبارا من أغسطس / آب الماضي للشهر السادس على التوالي، بعدما سجل مستوى قياسيا في يوليو / تموز الماضي عند 34.2 بالمائة.

وتقول الحكومة إنها تستهدف التضخم من خلال تفعيل دور السياستين النقدية والمالية، عبر رفع أسعار الفائدة وطرح أدوات دين لامتصاص السيولة، وتشكيل غرفة متابعة لأسعار السلع الأساسية.

وتتضمن خطوات الحكومة، وفقا لوزارة التخطيط، لمواجهة التضخم، تأمين الاحتياجات المستقبلية من السلع الأساسية، وتطوير المطاحن والمخابز والمضارب، وزيادة الإنتاج المحلي من السلع الاستراتيجية، خاصة الزيوت والسكر، وتطوير منظومة التخزين لتقليل نسبة الفاقد.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى