أسرار العلاقات السعوديّة الإسرائيليّة: لقاءات بعيدة عن الأضواء في عدّةٍ دولٍ

بنيامين نتنياهو يخشى جدًا من الإعلام العبريّ ويتوجّس كثيرًا من التسريبات، لذا يعمل على تعيين أشخاصٍ مُقرّبين جدًا منه لتنفيذ مُهمّاتٍ سياسيّةٍ وأمنيّةٍ حساسّةٍ جدًا، بعيدًا عن الأضواء. المُحامي يتسحاك مولخو، (73 عامًا)، الذي تصله برئيس الوزراء الإسرائيليّ أيضًا صلة قرابة، كان حتى تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي 2017 رجل الظّل الأول في علاقات الدولة العبريّة السريّة مع الدول العربيّة، علاوةً على كونه المُراقب للمفاوضات التي جرت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة بقيادة الوزيرة السابقة، تسيبي ليفني.

وبحسب صحيفة (يسرائيل هايوم) العبريّة، المُقرّبة جدًا من نتنياهو، والتي اعتمدت على مصادر سياسيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب، فإنّ المُحامي مولخو، المُتّهم الآن بالحصول على رشاوى في قضية شراء الغواصّات من ألمانيا، اجتمع بشكلٍ سريٍّ للغاية مع كلّ زعيمٍ أوْ رئيسٍ أوْ قائدٍ في العالم من أجل مصلحة كيان الاحتلال، وكان دوره بالغ الأهميّة في تثبيت وترسيخ العلاقات مع كلٍّ من مصر والأردن، وكان يقوم بهذه المُهمّات بصفته مبعوثًا خاصًّا لنتنياهو.

المصادر عينها شدّدّت، بحسب الصحيفة، على أنّ “رجل الظلّ”، الذي كان يُفرش له السجاد الأحمر لدى وصوله إلى ديوان رئيس الوزراء الإسرائيليّ، خلافًا لغيره من المُقرّبين، عقد اجتماعاتٍ مع قادة الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، ألمانيا وبريطانيا، بالإضافة إلى لقاءات رسميّةٍ وسريّةٍ للغاية مع قادة المملكة العربيّة السعوديّة، مصر والمملكة الأردنيّة الهاشميّة وقادة دول أخرى لا تُقيم مع إسرائيل علاقاتٍ دبلوماسيّةٍ، في إشارةٍ واضحةٍ إلى الدول المُصنفّة بحسب المُعجم الصهيونيّ، بـ”الدول العربيّة السُنيّة المُعتدلة”.

علاوةً على ما ذُكر أعلاه، فقد أفادت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكيّة للأنباء، والتي يعتمد عليها الإعلام العبريّ كثيرًا، أفادت أنّ المُحامي مولخو برفقة دبلوماسيين اثنين من تل أبيب، التقوا على مدار سنتين بشكلٍ سريٍّ مع شخصياتٍ رفيعةٍ من المملكة السعوديّة في كلٍّ من إيطاليا، التشيك والهند، حيث شدّدّ الجانبان على تقاطع مصالح تل أبيب والرياض في كلّ ما يتعلّق بالتمدد الإيرانيّ في المنطقة، واعتبروا أنّ العدو الأخطر للدولتين هو الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ د. دوري غولد، المدير العّام السابق لوزارة الخارجيّة في تل أبيب، كان ضمن الوفد الإسرائيليّ، الأمر الذي مهدّ الطريق أمام الجنرال في الاحتياط أنور عشقي، المُقرّب من العائلة الحاكمة في الرياض، لزيارة تل أبيب بشكلٍ علنيٍّ عدّة مرّاتٍ والمُشاركة في مؤتمراتٍ نظمّتها الدولة العبريّة.

وشدّدّت الوكالة الأمريكيّة في تقريرها المذكور على أنّ العلاقات بين تل أبيب والرياض تزداد قوّة وترابطًا، مُشيرةً إلى الاستطلاع الذي تمّ إجراؤه في السعوديّة، والتي أكّدت نتائجه على أنّ السعوديين يخشون من إيران أكثر بكثير من خشيتهم من إسرائيل.

بناءً على ما تقدّم، كشفت مساء أمس الاثنين شركة الأخبار الإسرائيليّة ( القناتان 12 و13)، نقلاً عن مصادر سياسيّة وصفتها بأنّها رفيعة للغاية، كشفت النقاب عن أنّ المُحامي مولخو كان “المُحرّك الرئيسيّ” أوْ الدينامو، الذي بذل مجهودًا كبيرًا في التوصّل لاتفاقٍ مع السلطات السعوديّة لكي تُوافق الأخيرة على السماح للطائرات المُتوجهة من تل أبيب إلى دلهي وبالعكس المرور في الأجواء السعوديّة، وتابعت المصادر قائلةً إنّه بعد استقالة مولخو من منصبه، تولّى مهمّة الاتصالات مع السعوديّة، مئير بن شابات، رئيس مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ.

وكانت صحيفة (يسرائيل هايوم) العبريّة كشفت النقاب أخيرًا عن أنّ شركة الطيران الإسرائيليّة “إلعال” تقدّمت بطلبٍ رسميٍّ إلى منظمة الطيران المدنيّ الدوليّ لمساعدتها على تلقي ترخيص من سلطات المملكة العربيّة السعوديّة لاستخدام المجال الجوي السعوديّ من أجل تنظيم رحلاتٍ جويّةٍ بين إسرائيل والهند. ولفتت الصحيفة، نقلاً عن مصادر في الشركة، إلى أنّ “إلعال”، وهي الشركة الأكبر في إسرائيل، قامت بتقديم طلبٍ مُشابهٍ إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

كما قالت المصادر إنّ الهدف من الطلب هو تجاريّ فقط، لأنّ السماح للشركة الهنديّة بعبور الأجواء السعوديّة سيؤدّي إلى تقصير مّدة الرحلة من تل أبيب إلى دلهي، الأمر الذي سنعكس على أسعار التذاكر، في ظلّ التنافس الحّاد بين الشركتين، وسيعود بالأضرار الماديّة على الشركة الإسرائيليّة، التي تُعاني من مشاكل اقتصاديّة جمّة بسبب التنافس مع الشركات الأجنبيّة التي تنقل المُسافرين من وإلى تل أبيب.

ولفهم نظرة الإسرائيليين إلى السعوديّة، يكفي في هذه العُجالة العودة قليلاً إلى الوراء، والاستعانة بأقوال عميل الموساد سابقًا والمؤرخ حاليًا، غاد شيمرون، الذي أكّد في حديث لتلفزيون (I24NEWS)، إنّه لا شيء يجمع بين السعودية وإسرائيل سوى ما وصفه بـ”الشيطان المُشترك”، أيْ إيران، لافتًا إلى أنّ الدولة العبريّة تُعتبر دولةً متقدّمةً وعلمانيّةً بينما السعودية هي دولة محافظة ومتخلفّة، ولا يجمعهما أي شيء، على حدّ تعبيره.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى