أميركا واحتمالات التدخل العسكري في سوريا (وكالة نوفوستي الروسية)

منذ اندلاع الأزمة السورية قبل نحو عام ونصف، توقع كثيرون تدخلا عسكريا أميركيا، ينصر المعارضة ويقلب موازين السلطة في دمشق. إلا أن الآمال سرعان ما خابت بعد أن حددت واشنطن موقفها بالدعم الكلامي وتقديم المعدات "غير العسكرية" للمعارضة السورية.
ورغم المطالب والمناشدات المتتالية من قبل المعارضين السوريين و"المتضامنين" العرب مع الشعب السوري، بإقامة منطقة حظر جوي أو شن حملة عسكرية جوية على غرار ما جرى في ليبيا، إلا أن واشنطن لم تحرك ساكنا، وقالت إن خيار التدخل العسكري ليس على الطاولة، على الأقل في الوقت الراهن. فما هي أسباب اللامبالاة الأميركية؟!
الخبير العسكري الروسي إيغور كوروتشينكو، رئيس تحرير مجلة "الدفاع الوطني"، يرى أن الولايات المتحدة تتدخل عسكريا في سوريا، فهي "تقوم بنقل الأسلحة والمعدات العسكرية للمتمردين السوريين، كما أنها تزودهم بمعلومات استخباراتية عن الجيش النظامي ومنشآته".
 ويعتقد الخبير الروسي أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تسهم في تحديد الضباط والمسؤولين السوريين، من "خونة مفترضين"، لتسهل هروبهم وانضمامهم إلى المتمردين، "مقابل إغرائهم بمبالغ مالية وتقديم الملجأ السياسي لهم". أما بخصوص التدخل العسكري المباشر، فيؤكد كوروتشينكو أن الولايات المتحدة لا تستطيع القيام بذلك دون غطاء شرعي من مجلس الأمن الدولي، خاصة في ظل حالة الفوضى السياسية السائدة في العالم الآن، كما أن "دخول الإدارة الأميركية الحالية في مغامرة عسكرية جديدة سيفقدها بلا شك أصوات الناخبين" في الانتخابات الرئاسية القادمة.
وأعرب إيغور كوروتشينكو عن أمله بأن يتمكن الرئيس السوري بشار الأسد من حسم الصراع الدائر على الأرض، مؤكدا أنه في حال لم يتم ذلك، ستصبح سوريا "ساحة للصراعات بين القادة الميدانيين من المتمردين والمتطرفين"، ما قد يقود إلى السيناريو الأسوأ، بأن "تتحول سوريا إلى أفغانستان أو عراق أو صومال جديد".
ومن جانبه، أفاد الصحافي رائد جبر، مدير مكتب جريدة "الحياة" في موسكو، بأن الإدارة الأميركية منذ تولي الرئيس باراك أوباما مقاليد الحكم، لم تبد متحمسة للتدخل عسكريا، ليس في سوريا فحسب، بل في أي من الدول. وعلى العكس، حرصت على تقليص تواجدها العسكري في العراق وأفغانستان، بناءً على الوعود الانتخابية التي قدمها أوباما بإعادة كافة الجنود الأميركيين إلى بلادهم.
وأضاف جبر أنه "حتى في ليبيا، رغم وجود غطاء دولي من قبل مجلس الأمن، كانت المشاركة الأميركية في العملية العسكرية ضد قوات (الرئيس الليبي الراحل) معمر القذافي محدودة. وهذا يثبت انعدام الرغبة لدى الولايات المتحدة في التورط بحرب جديدة".
وأشار الصحافي إلى أن الأزمة الاقتصادية العالمية، التي تعصف بالعالم وبالتحديد أميركا وأوروبا، "لا تسمح للولايات المتحدة بدفع التكاليف الباهظة، لحرب جديدة"، ستحتاج لموارد ضخمة.
كما أكد رائد جبر أن "أي جندي أميركي قد يقتل (في حرب افتراضية في سوريا)، سيشكل خسارة فادحة لأوباما أو أي مرشح آخر للانتخابات الأميركية"، التي ستجري بعد عدة أسابيع.
ومن هذا المنطلق، يرى مدير مكتب "الحياة" أنه "ليس هناك ما يغري السياسيين الأميركيين، في التورط بحرب جديدة"، قبيل المعركة الانتخابية الرئاسية.
وأكد جبر أن الولايات المتحدة لن تلجأ إلى السيناريو العسكري خارج مجلس الأمن، ودون غطاء دولي، إذ أنها "ستخاطر بقطع شعرة معاوية مع روسيا والصين"، وواشنطن بالتأكيد لا تريد قطع العلاقات مع العملاقين.
وأشار رائد جبر إلى أنه في حال صدور قرار دولي بالتدخل عسكريا في سوريا، فإن "مشاركة الولايات المتحدة ستكون محدودة".

وكالة نوفوستي الروسية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى