إسرائيل قلقة من تسليح روسيا لسوريا وإيران

تنظر إسرائيل بقلق إلى المحاولات الروسية للعودة إلى دائرة النفوذ في الشرق الأوسط، وهذه المرة عبر مبيعات السلاح، خصوصاً المتطور منه.

ولا يقف القلق الإسرائيلي عند تسليح روسيا لكل من إيران وسوريا، ليس فقط بمنظومات دفاعية، وإنما يتجاوز ذلك إلى القلق من تزويدهما وغيرهما بأسلحة هجومية. ومؤخراً طفت على السطح أنباء عن تزويد روسيا لسوريا بأسلحة متطورة، وقرب اتفاقها مع إيران لتزويدها بطائرات «سوخوي 30» التي تعتبر بين أفضل الطائرات الحربية في العالم.

وكانت وسائل إعلامية نقلت عن مساعد الرئيس الإيراني للشؤون العلمية والتكنولوجية سورنا ستاري، أثناء مشاركته في عرض جوي في موسكو، قوله إن بلاده تبحث مع روسيا إمكانية شراء طائرة «سوخوي 30» الحربية المتطورة، التي لا تملك مثلها سوى دول قليلة في العالم. وأشار سورنا إلى أن الإشاعات حول هذا الأمر صحيحة، وأن الحكومة الإيرانية بحثت الأمر مع الجهات الرسمية في روسيا.

وتفيد مصادر إعلامية إسرائيلية أنه إذا أفلحت إيران في الحصول على هذه الطائرة المتطورة، فإن هذا يشكل تطوراً خطيراً، وذلك بسبب قدرات هذه الطائرة الدفاعية والهجومية وقدرتها على صد غارات أجنبية. وبحسب تقارير نشرت فإن قيمة كل طائرة من هذا النوع تتراوح بين 30 و50 مليون دولار، ويمكنها الطيران بضعف سرعة الصوت، والوصول إلى مسافة ثلاثة آلاف كيلومتر من دون حاجة للتزود بالوقود (وهي مسافة تزيد عن مسافة الطيران إلى إسرائيل والعودة). كما يمكن للطائرة حمل صواريخ متطورة فضلاً عن مدفع داخلي بقطر 30 مللمتراً.

ومعروف أن إسرائيل بذلت جهوداً جبارة لمنع روسيا من بيع صواريخ «أس 300» إلى إيران، مستخدمة كل نفوذها الأميركي والأوروبي. ومن شبه المؤكد أن ما بذلته من أجل منع موسكو بيع طهران منظومات دفاعية لا يساوي شيئاً مقابل ما ستبذله لمنعها من بيع إيران أسلحة هجومية، مثل هذه الطائرة.

غير أن ما يخص العلاقة الروسية – الإيرانية يسري بشكل أوضح على العلاقة الروسية – السورية. وأشار المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل إلى أن ما نشر، خلال الأسبوع الأخير، يدل على تعزيز روسيا بشكل كبير لمساعداتها العسكرية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. وكتب أن الأمر وصل حد الاستخدام المحتمل للطواقم الجوية والطائرات الحربية الروسية في المعارك، في محاولة للحفاظ على حكم الأسد. وأوضح أن الانتقادات الأميركية لذلك هزيلة وليست أكثر من ضريبة كلامية.

واستذكر هارئيل ما نشرته «نيويورك تايمز» حول إرسال روسيا بعثة جديدة من الخبراء إلى سوريا، واستعداداتها لنشر ألف مستشار عسكري في منطقة اللاذقية، الأمر الذي فُسر على أنه تجهيز لإنشاء قاعدة عسكرية روسية في الساحل السوري. وكان موقع «ديلي بيست» الأميركي قد نقل عن معارضين سوريين تزويد روسيا للنظام السوري، ليس فقط بمجنزرات جديدة، وإنما أيضاً بجنود يشاركون في القتال. وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية نشرت نبأ عن مرابطة طائرات حربية روسية في سوريا، ومشاركتها في القتال.

وتتعامل إسرائيل مع ما يجري على هذا الصعيد وفق تقدير استخباري سبق ونشرته «هآرتس»، يفيد بأن روسيا وإيران مصممتان على ضمان بقاء النظام السوري. ويرى هذا التقدير أن الدولتين تنقلان للقوات السورية وسائل قتالية إضافية، وأنهما تضعان تحت تصرفها معلومات استخبارية كجزء من محاربتها للقوات العاملة على إسقاط حكم الأسد.

ولكن الجديد في الأمر، وفق هارئيل، أن هاتين الدولتين كانتا تعملان في الماضي في الغالب بشكل منفرد، ولكن منذ التوقيع على الاتفاق النووي في فيينا بين إيران والقوى العظمى الست، بداية حزيران، تتكاثر المؤشرات على أنه فُتحت بين موسكو وطهران قنوات تنسيق جديدة. وقبل نحو شهر جرى الإبلاغ عن زيارة قائد «فيلق القدس» الجنرال قاسم سليماني لموسكو، وهو المسؤول عن المساعدات الإيرانية لنظام الأسد، لـ «حزب الله» ولسلسلة منظمات في الشرق الأوسط. ويمكن التقدير بأن هذه كانت جزءاً من مساعي التنسيق الجديدة بين الدولتين.

وأضاف هارئيل أن الهجوم العسكري الذي شنته الولايات المتحدة ضد «داعش» في العراق وفي سوريا ساعد الأسد بشكل غير مباشر، لأنه أضعف بقدر ما أحد خصومه الأساسيين ودفع التنظيم إلى تكريس جزء مهم من وقته للدفاع عن النفس، بدلاً من مواصلة الهجوم على النظام بكامل القوة. ولاحظ أنه «عندما لا يعمل الأميركيون على إسقاطه، وروسيا وإيران تزيدان الدعم له، تتعاظم الاحتمالات في أن ينجح الأسد في تثبيت خطوطه الدفاعية، برغم الخسائر الجسيمة التي تكبدها، والمعنويات المتدنية في جيشه والتآكل المستمر من جانب الثوار في المناطق التي احتفظ بها النظام».

وخلص هارئيل إلى أن إسرائيل، ومنذ سنوات عديدة، لا تؤيد حقاً إسقاط نظام الأسد، لأنها معنية باستمرار الوضع القائم وببقاء نظام الأسد ضعيفاً يسيطر فقط على «سوريا الصغرى»، أقل من نصف المساحة الأصلية للدولة. ومع ذلك، فإن التطورات الجديدة لا تشجع من ناحيتها. ولكن إذا كانت روسيا بالفعل تنشر طائرات قتالية وتقيم قاعدة جديدة في سوريا، فسيتعين على إسرائيل أن تواجه قيداً مختلفاً جداً، ولا سيما إذا ما انضمت إلى الطائرات منظومات من الصواريخ الروسية المضادة للطائرات.

صحيفة السفير اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى