التومان يغرق وخامنئي بين ‘المطرقة’ الرفسنجانية وسندان ‘النجادية’ (أسعد حيدر)

أسعد حيدر

امام ايران ايام صعبة، اذا لم تسارع قيادتها للحسم فإن أخطار التفتت الداخلي اسوأ بكثير من كارثة الحرب الخارجية.

خسرت ايران الحرب الاقتصادية بالضربة القاضية. كل الدفاعات الاستباقية والمباشرة التي قامت بها القيادة الايرانية وحكومة احمدي نجاد، فشلت في وقف تدهور التومان الايراني مقابل الدولار وبينما كان الرئيس احمدي نجاد يحاول شرح اسباب انخفاض سعر العملة وصل سعر الدولار الى ما يزيد عن 3800 تومان اي 38 ألف ريال.
واذا استمر الانهيار على هذه الوتيرة فإن المواطن الايراني سيضطر لحمل عملته في كيس كبير لشراء رغيف ايراني من الخبز. الرئيس احمدي نجاد اعاد هذا الوضع الى سببين:
• انخفاض عائدات النفط بسبب المقاطعة الغربية بحيث انخفض الانتاج الى 800 الف برميل يومياً اضافة الى ان الجزء الذي يباع تقبض ايران ثمنه باليوان الصيني مثلا وليس بالدولار او تتم مقايضته بمواد تحتاجها ايران.
• منع المبادلات المصرفية التي تحول دون قبض ثمن مبيعات النفط بالدولار اضافة الى وصول كلفة التحويلات المالية الالتفافية الى اكثر من 30% بدلاً من 6%.
• الحرب المفتوحة في اسواق العملة في الداخل خصوصاً بعد ان سارع الايرانيون الى تحويل مدخراتهم من الريال الى العملة الصعبة.
هذه الاسباب وان كانت صحيحة لكنها ليست كافية، لتفسير كامل وشامل لانهيار العملة الايرانية خصوصاً وان ايران تملك احتياطاً نقدياً ضخماً يتجاوز 100 مليار دولار، المشكلة تكمن ايضاً في الانفاق الهائل على:
*المشروع النووي الذي تشعب كثيراً لاسباب امنية حيث اضطرت السلطات في الايرانية الى بناء منشآت ايرانية عديدة حتى اذا وقعت اعتداءات اسرائيلية لا يتم تدمير كامل المشروع الايراني، كما حصل في العراق وسوريا،
*الانفاق الهائل وغير المسبوق على تصنيع الاسلحة خصوصا الصاروخي منها الى درجة ان الجنرالات الايرانيين يتنافسون منذ اسابيع بالحديث عن قوة هذا السلاح الى درجة القدرة على محو اسرائيل "وتكسير اسنان اميركا في فمها"، علماً ان هؤلاء الجنرالات يعرفون جيدا ان سلاحهم الصاروخي يمكن ان يؤذي لكنه لا يمكنه تدمير اسرائيل ولا القواعد الاميركية على مساحة المنطقة، اضافة الى ان اسرائيل تملك مخزوناً من مئات القنابل النووية والطائرات والصواريخ والغواصات النووية القادرة على نقلها لضرب اية نقطة في المنطقة خصوصا ايران.
*الانفاق المتزايد لدعم نظام الرئيس بشار الاسد ومنع سقوطه والذي وصل وفق المعلومات المتوافرة الى عشرة مليارات دولار خلال العام 2012 عدا الدعم المالي الضخم لحزب الله.
أخطر من كل هذه الاسباب يعود الى تداخل هذه الكارثة الاقتصادية مع اشتباك داخلي وهو ما لم تشهده ايران من قبل، اذ جرت العادة منذ بداية الثورة ان تتضامن القوى المتصارعة في مواجهة ازمات أخف من هذه بكثير.
لم يعد خافياً ان المرشد اية الله علي خامنئي يعمل على العثور على حلول يلملم فيها اولاً واساساً الجبهة الداخلية، ومن ثم اختيار المجموعة السياسية القادرة على تنفيذ سياسة تنقذ البلاد والاهم من كل ذلك صياغة خط سياسي منتج وفعال ومنقذ.
ويقف في قلب كل ذلك احمدي نجاد محارباً ومطالباً بعدم استبعاده وتهميشه خصوصاً بعد ان تحول الى تيار له انصاره ومريديه واصبح يجاهر بان له دوراً بعد خروجه من الرئاسة في حزيران من العام 2013.
وترتكز" النجادية" على ركيزتين، ودعامة طارئة على مجمل خطابه السياسي طوال اكثر من سبع سنوات:
*"المهدوية": رغم كل الضغوط عليه وعلى رجله وصهره ما زال يركز على عودة الامام المهدي والمرة الاخيرة التي افاض بالحديث عنها كانت امام الجمعية العامة للامم المتحدة.
صحيح انه لم يشر الى عودته مصحوباً "بهالة نورانية" الا انه شدد على "أن الامام المهدي سيعود مصحوباً بيسوع المسيح وحكماء ليؤمنوا للبشرية مستقبلاً مشرقاً ابدياً".
*القومية الايرانية": لم يعد اي خطاب لنجاد يخلو من دغدغة للمشاعر القومية لدى الايرانيين. في الجمعية العامة افاض نجاد في خطابه بالكلام عن "ايران ارض المجد والجمال..الخ" مما اكسبه شعبية جديدة خصوصاً في اوساط القوميين والمعادين لحكم المرشد وآيات الله.
*اما الدعامة فتقوم على سياسة فتح الحوار مع الولايات المتحدة الاميركية خلافا لرأي المرشد خامنئي حالياً. نجاد يدعو لهذا الحوار والانفتاح لانه يعرف ان هذا الخط اصبح شعبياً من ناحية، ومن ناحية اخرى لتطويق التوجه الطارئ للمرشد للجوء الى خصمه الكبير الشيخ هاشمي رفسنجاني الذي لا يستطيع المزايدة عليه في الاعتدال داخلياً، باتجاه الاصلاحيين والشباب والانفتاح على العصر خصوصا فيما يتعلق بالمعلوماتية والمواقع الاجتماعية، وخارجياً باتجاه الولايات المتحدة والسعودية.
اما ما يتعلق برفسنجاني الذي يوصف بانه" قلعة الثورة" و"ثعلب" الدولة وانه "عدة رجال في خدمة هاشمي رهسنجاني "فانه لم يكن ليقبل بسجن "رجل بيته" ابنته فائزة واستدعاء ابنه من الخارج وتسليم نفسه، لو لم يكن يستعد لتصفية ملفاته تحضيراً لاستعادة مواقعه وربما الترشح لرئاسة الجمهورية خصوصاً وان الدستور يسمح له بذللك، لان الفصل التاسع لا ينص على سن معينة تحول دون ترشحه.
امام ايران ايام صعبة، اذا لم تسارع قيادتها للحسم فإن أخطار التفتت الداخلي اسوأ بكثير من كارثة الحرب الخارجية.

ميدل ايست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى