الجنرال يدلين: بن سلمان مُتسّرع والمواجهات الخارجيّة والمعارك الداخليّة ستُزعزع استقرار المملكة

رأت دراسة جديدة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القوميّ في تل أبيب أنّ السعوديّة تُواجه تحديًا في كلّ بعدٍ تقريبًا، على الصعيدين المحليّ والخارجيّ، ومن ثمّ، فإنّ الاضطرابات الأخيرة في المملكة، التي تنعكس في عدد غير مسبوق من الاعتقالات لمئات المسؤولين، بمن فيهم الزعماء الرئيسيون للقطاعات الاقتصادية، والاتصالات، والسياسية، قد تثبت أنّها تطور تاريخي.

وتساءل الجنرال في الاحتياط، عاموس يدلين، رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة الأسبق، في دراسته الجديدة: هل سينظر أعداء الرياض إلى الاضطرابات السياسيّة كفرصةٍ لتكثيف الضغوط؟ هل تُواجه المملكة حقبة من عدم الاستقرار؟ ويردّ قائلاً إنّه يجب على الاستراتيجيين والمُحلّلين في الدول المتضررة من مكانة السعودية، وإسرائيل أيضًا، أنْ يُكثّفوا من مراقبة استقرار المملكة وإعداد خطط الطوارئ في حالة حدوث أزمةٍ، على حدّ تعبيره.

ورأى أنّ الاضطراب الذي شهدته السعودية مؤخرًا، والذي انعكس في عدد غير مسبوق من الاعتقالات لمئات المسؤولين، بمن فيهم القادة الرئيسيون للقطاعات الاقتصاديّة، والاتصالات، والسياسة، ظاهريًا كجزءٍ من حملة قمع على الفساد، قد يثبت أنّه تطور من حيث الحجم تاريخيًا، لافتًا إلى أنّ موجة الاعتقالات وُضعت أيضًا لإزالة المعارضين الحاليين والمحتملين لتعيين وليّ العهد، محمد بن سلمان، ملكًا.

ومع ذلك، شدّدّ يدلين، فتح ولي العهد الجبهة الداخليّة في الوقت الذي تتورّط فيه السعودية في عددٍ من الجبهات الخارجية في الشرق الأوسط: ضدّ إيران في اليمن، ضدّ حزب الله في لبنان وضدّ قطر، وفي الوقت نفسه، فإنّ التوترات مع إيران آخذة في التأجج، ما يساعد الملك وابنه على حشد السعوديين حول العلم، بينما ترتفع أسعار النفط. وأوضح أنّ هذه المواجهات الخارجيّة والمعارك السياسيّة الداخليّة لديها القدرة على زعزعة استقرار المملكة وتضمن الرصد المستمر، وإعداد الخطط لمُواجهة عدم الاستقرار.

وتابع أنّه على مرّ السنين كان التضامن بين كبار الأمراء مصدرًا للقوة في المملكة، ولكن الآن تغيّر كلّ شيءٍ: بن سلمان وحده يًسيطر على قوات الأمن الرئيسية الثلاثة. وأكّد أنّه يُنظر إلى إجراءات وليّ العهد على أنّها حملة أصلية على الفساد وأكثر من ذلك كمحاولة لتحصين سلطته ومكانته، خاصّةً وأنّ نمط حياته الباهظ لم يتغير.

لذلك، يبدو أنّ تصرفات بن سلمان تهدف إلى منع الانتقاد من الفصائل المتنافسة في الأسرة ومنع تشكيل المعارضة لحكمه. ولعل أفعاله تعكس حركته للاستيلاء على العرش فورًا على الفور.
ولفت يدلين إلى أنّ بن سلمان يتمتع بدعمٍ بين جيل الشباب، نصف سكان السعودية تقريبا تحت سن 25، الذين يتوقون لإصلاحات في النظام الاجتماعيّ المحافظ والقضاء على الفساد. ومع ذلك، فقد تزايدت الشكوك حول قدرته على تنفيذ خطته الرؤيا لعام 2030 بالوتيرة والنطاق المقصودين، في ضوء التقارير التي تشير إلى تغييرات كبيرة في الخطة وتمديد بعض المواعيد النهائية أو إزالتها تمامًا.

وفي الوقت نفسه، أوضح يدلين، أصبح الجمهور، الذي كان معتادًا منذ فترةٍ طويلةٍ على حياة وفرة ناتجة عن عائدات النفط، محبطًا بصورةٍ متزايدةٍ بسبب تراجع الرواتب، وانخفاض الدعم، وارتفاع تكاليف المعيشة نتيجة الانخفاض في أسعار النفط.
وأشار الجنرال الإسرائيليّ إلى أنّه إذا استمرت هذه الاتجاهات، فإن بن سلمان عرضة لخسارة دعم شباب المملكة، كما أنّ موجة الاعتقالات والقلق من عدم الاستقرار السياسي من شأنها أيضًا أنْ تجعل من الصعب على المملكة تجنيد رؤوس الأموال الأجنبيّة التي تحتاجها لخططها الطموحة ولردع المستثمرين المحتملين.

ورأى يدلين أنّ بن سلمان، الذي حصل على تأييد الجمهور من الرئيس ترامب، يقود السعودية نحو حكومة تتركّز فيها كل السلطة في يدّ حاكمٍ وحيدٍ، لافتًا إلى أنّ الحقبة التي اتسمت بتقسيم السلطة والحلول التوفيقية ومظاهرات التضامن بين الأمراء، يبدو أنّها في طريقها إلى نهايتها.
وأشار أنّه إلى حدٍّ كبيرٍ، أصبحت الحكومة السعودية عرضًا من رجل واحد لم يُحرز بعد إنجازات هامة، ويُركّز، بدلاً من ذلك، على تجميع السلطة والمكانة، وطريقته المُتسّرعة من أجل تحقيق هذا الهدف، يتصادم، في جملة أمور، مع المؤسسة الدينية، والنخب الاقتصادية والاجتماعية، عندما لا يكون واضحًا على الإطلاق ما إذا كانت ستنضم إلى سلطته أم لا، ولا تزال نتيجة هذه العملية غير واضحة، قال يدلين.

ووفقًا له، استفادت السعودية من الاستقرار النسبيّ على مدى السنوات الـ8 الماضية، منذ اندلاع الاضطرابات الإقليمية، حتى لو بدا في بعض الأحيان أنّ سلطتها ونفوذها مبالغ فيهما. اليوم، المملكة تتحدّى في كل الأبعاد تقريبًا. لذلك، يجب دراسة حجم التداعيات الخارجية المحتملة للأزمة الحالية: هل سينظر الأعداء إلى الاضطرابات السياسية في السعودية كفرصة لتكثيف الضغط؟ هل سيتمكّن بن سلمان في تثبيت نفسه المملكة كحاكمٍ بلا منازع، أم أنّ المملكة ستُواجه حقبةً من عدم الاستقرار لا يمكن التنبؤ بنتائجها؟

واختتم قائلاً: يجب على الاستراتيجيين والمُحلّلين في البلدان المتضررة من موقف السعودية، بما في ذلك إسرائيل، أنْ يزيدوا من مراقبة استقرار المملكة وإعداد خطط الطوارئ في حالة زعزعة الاستقرار.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى