الجنرال يدلين: ترامب ناقش الدول العربيّة وفي مقدّمتها السعوديّة الشروع بعملية تطبيعٍ مع إسرائيل قبل الاتفاق النهائيّ مع الفلسطينيين وضغط من الرياض على عبّاس لتليين مواقفه

قال الجنرال المُتقاعد، عاموس يدلين، رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة سابقًا، ورئيس مركز أبحاث الأمن القوميّ التابع لجامعة تل أبيب إنّه في لقاءات ترامب، في السعودية نوقشت سبل دفع عملية سياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، وأنّ الهدف هو تجنيد القيادة السعودية، وكذلك القادة الآخرين من دول الخليج، لمساعدة واشنطن على تقديم “صفقة” بين إسرائيل والفلسطينيين. بهذا الخصوص، تابع يدلين، ينبغي على الرياض استخدام نفوذها على الفلسطينيين، ودفعهم إلى اعتدال مواقفهم، وإظهار تعاطٍ أكثر إيجابيّةٍ تجاه إسرائيل، والمتوقع أمريكيًا هو ألّا تنتظر السعودية ودول الخليج الأخرى إتمام الاتفاق النهائيّ بين إسرائيل والفلسطينيين كما تقرر مبادرة السلام العربيّة، وإنمّا يشرعوا بعملية تطبيع مع إسرائيل لقاء الخطوات التي سيتخذها الإسرائيليون والفلسطينيون باتجاه الاتفاق وقبل إتمام الاتفاق النهائيّ.

ولفت إلى أنّه وفقا للصحيفة الأمريكيّة “وول ستريت” فهناك مقترح سعوديّ بهذا المعنى، ولكنه مرتبط بالتجميد الجزئيّ للاستيطان. مُوضحًا أنّ القيادة السعودية من جانبها دفعت ترامب إلى عدم نقل السفارة الأمريكيّة إلى القدس، الخطوة التي تقول بأنّها تشوش محاولة تجديد العملية السياسيّة، على حدّ قوله.

وتابع إنّ اللقاءات في السعودية من المتوقع أنْ تُقدّم له إنجازات كثيرة من وجهة نظره: على المستوى الشخصيّ، الرئيس ترامب ورجاله يُقدّرون بأنّ اندفاع قادة الدول العربيّة والإسلاميّة للقاءات السياسيّة معه سترسخ صورته كزعيم دولة عظمى يعتمد عليه، وكذلك يتوقع أنْ تصلح اللقاءات الصورة التي رسمت له خلال الحملة الانتخابية كمصاب بالإسلاموفوبيا.

كما أنّ النظام الأمريكيّ، وكذلك السعوديون، معنيون بتقديم جبهة موحدة أمام إيران وأمام أنشطتها التخريبية، وتطلعها إلى تأسيس محور شيعي من طهران حتى بيروت. الولايات المتحدة والعربية السعودية ومعهما المعسكر السني البراغماتي برمته، يرون في احتواء إيران هدفًا مركزيًا، كما يأمل النظام الأمريكيّ بأنْ يعمق ويقوي مشاركة دول إسلامية كثيرة في الحرب على “داعش”. وأردف يدلين: تأكيد خاص يبديه النظام الأمريكيّ باهتمام ترامب ليظهر أنّ الشراكة مع السعودية ودول الخليج قد أثمرت إسهامًا حقيقيًا في الاقتصاد الأمريكيّ، وأنه يمثل تحقيقًا لوعوده في خلق فرص عمل جديدة.

وبحسب يدلين، الذي نقل مركز “أطلس″ دراسته للعربيّة، من غير الواضح إذا ما كان النظام يملك مخططًا متبلورًا عن كيفية إخراج الطرفين من الطريق المسدود، لكن عمل الفريق قبيل الزيارة يعزز إمكانية أنّه وبشأن الكثير من المكونات المتبلورة فليس هناك أي تغيير يذكر في موقف واشنطن كما عرضت أيضًا من قبل أنظمة سابقة.

وأشار يدلين إلى أنّه في قلب الزيارة لإسرائيل والسلطة الفلسطينية، يقف توجه النظام لتحريك العملية السياسية، الرئيس والمتحدثون الكبار باسم النظام لا يخفون اهتمامهم بأنْ “يساعد” الطرفان الرئيس على التوصل إلى “الصفقة الشاملة”، وأنْ ينجح حيث فشل أسلافه من الرؤساء، رغم أنّهم يكررون تقريرهم بأنهم ليسوا مهتمين بفرض الحلول على الطرفين، ولكن يبدو أنّ الحوار سيتركز في الأساس في المرحلة الأولى من خطوات بناء الثقة بين الطرفين، بحسب تعبيره.

وشدّدّ يدلين على أنّ التحدي الماثل أصلًا أمام إسرائيل في تصرفها أمام النظام الأمريكي يتعزز إلى الآن أكثر، حتى وإنْ لوحظت خيبة الأمل من بعض مواقف النظام، فإنّ على إسرائيل أنْ تمتنع عن عرض مواقف تضعها في “موقف الرافض”، على هذا الأساس، وعلى افتراض أنّ النظام لا ينوي أنْ يضع في هذه الزيارة معايير على الطاولة، وما يزال من الممكن التأثير على مواقفه، وبالتالي التأثير على تصميم المسيرة على إسرائيل إنْ تنتقل من سياستها السلبية، سياسة التمسك بالوضع القائم إلى عرض سياسة فاعلة للغاية: يجب وضع سياسة توضح منها الأهداف الإستراتيجية لإسرائيل، وما هي المواضيع الجوهرية التي لا تستطيع إسرائيل التنازل عنها: الترتيبات الأمنية، عدم عودة اللاجئين، والإبقاء على التجمعات الاستيطانية والأحياء اليهودية في القدس. وتجدر الإشارة، زاد يدلين، إلى الخطوات المؤقتة الممكنة والترتيبات الانتقالية التي يغير اعتمادها في إطار الاتفاق مع الفلسطينيين الواقع على الأرض وتبني الثقة وتسمح بتأسيس بنى تحتية لدولة اقتصادية وأمنية، والتي من شأنها أنْ تسهل مواصلة طريق التوصل إلى اتفاق نهائي.

كما أنّه ينبغي على إسرائيل، برأي يدلين، دفع عملية متعددة الأطراف، إقليمية، بما يتوافق مع السياسة التي يحاول النظام الأمريكي دفعها مع السعودية ودول الخليج الأخرى، والتي في إطارها تتمسك أمريكا بسياستها التي توفر استجابة لمصالح هذه الدول (سياسة العدوانية أمام إيران والاستعداد لتوفير السلاح) بينما تبدي الدول العربية استعدادًا كبيرًا في الذهاب صوب إسرائيل، والتي يبرزها اعتماد خطوات تطبيعية، وإسرائيل من جانبها تجمد الخطوات التي تدل على نيتها وضع العراقيل أمام تحقيق حل الدولتين، بل حتى منع تحققه.

وفي المجمل، فإن استعداد واشنطن والرياض لتعزيز الشراكة الإستراتيجية بينهما، وكذلك اندفاع النظام الأمريكيّ لتقديم العملية السياسية الإسرائيلية الفلسطينية توفر فرصة هي الأولى من نوعها منذ سنوات طويلة لتحريك عملية سياسية أكثر عملانية ممّا كان في الماضي، لذلك على إسرائيل أنْ تمنع وضع نفسها في موقف الرافض، وإنْ لم يكن من الممكن في الوقت الحالي التوصل إلى اتفاقٍ نهائيٍّ مع الفلسطينيين، فإنّ هناك فرصة أكبر ممّا كان في الماضي للقيام بخطواتٍ نحو ترتيباتٍ مؤقتةٍ تكون مقبولة، سواء لدى واشنطن أوْ لدى الدول العربية المركزية، ومن خلالهم تكون مقبولة لدى الفلسطينيين، بحسب تعبيره.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى