الجيش على أبواب الرقّة … و«داعش» يبادر في دير الزور

يواصل الجيش السوري وحلفاؤه عملياتهم العسكرية ضد تنظيم «داعش»، في مناطق عدّة من الجغرافيا السوريّة، حيث تمكّن من توسيع نطاق سيطرته على أكثر من محور في البادية، وريفي حلب وحماة الشرقيين، طارقاً باب الحدود الإدارية لمحافظة الرقّة، وذلك ضمن المعارك التي يخوضها الجيش لإعادة ربط الجغرافيا السورية بعضها ببعض.

وتمكّن الجيش السوري، أمس، من استعادة السيطرة على أكثر من 1400 كلم مربع في عمق البادية السورية، شرقي تدمر، وذلك في إطار سعيه بالتقدّم باتجاه محطة «T3»، بوصفها خطوة مهمة تقوده إلى الوصول إلى المحطة «T2»، الواقعة في عمق بادية البوكمال، ليصل بذلك إلى الحدود السورية ــ العراقية من ناحية البوكمال، في ريف دير الزور. ويحاول الجيش استثمار زخم العمليات ضد تنظيم «داعش» في المقلب العراقي، ليمنع مسلحي التنظيم من التسلل إلى عمق الحدود السورية، وإنشاء قواعد دفاعية جديدة لهم في المنطقة. ويبدو أن الجيش سيعمل على رفع وتيرة المعارك الدائرة في البادية، مستفيداً من التضاريس الصحراوية للمنطقة، وقلّة التجمعات السكنية فيها، ما يمنح سلاح الجو دوراً أساسياً وحاسماً في معارك البادية.

وانسحب زخم العمليات العسكرية على ريف حلب الشرقي، حيث نجح الجيش في تحقيق إنجازٍ ميداني مهم مكّنه من السيطرة على بلدة مسكنة، وإنهاء وجود «داعش» في الريف الشرقي، ليصل إلى قرية دبسي فرج، والتي تبعد أقل من كيلومتر واحد عن الحدود الإدارية للرقّة. ويؤسّس الجيش من خلال سيطرته على مسكنة، قاعدةً لتوسيع نطاق عملياته العسكرية، ليعيد بذلك الربط البري بين المحافظات السورية، من خلال مسعاه إلى فتح طريق الرقة ــ السلمية ــ حلب، عبر الطبقة، والذي سيمكّنه لاحقاً من إعادة ربط المنطقة الشرقية ببقية المحافظات عبر تلك الطرق البريّة، إضافةً إلى توسيع الحماية الأمنية لطريق خناصر ــ أثريا الاستراتيجي.

ويبدو أن وجهة الجيش القادمة في هذا المحور، بعد السيطرة على مسكنة، ستتركّز على البادية، والتي تربط ريف حلب بريف حماة، من خلال العمليات الهادفة إلى إمساك المنطقة الممتدة من مسكنة، وصولاً إلى خناصر، فيُقفل بذلك ملف وجود «داعش» في الريف الجنوبي الشرقي لحلب. وبربط خناصر بأثريا، وصولاً إلى العقيربات، في ريف حماة، سيعزّز الجيش حماية الخاصرة الشرقية للسلمية، وهو ما يفسّر إطلاقه معركة ضد التنظيم في ريف السلمية الشرقي، والتي تأتي تكاملاً مع عمليات ريف حلب الشرقي.

وعلى اعتبار أن معركة «الفجر الكبرى»، والتي أُطلقت من محاور عدّة ضد «داعش» بهدف إنهاء وجود التنظيم في البادية السورية، فإن الجيش ــ في حال نجاحه في السيطرة على ريف السلمية الشرقي والوصول إلى ناحية العقيربات، سيندفع للعمل على ربط ريف حماة بريف حمص الشرقي، وصولاً إلى مدينة السخنة، التي ستكون قاعدة الانطلاق الأبرز لاستعادة دير الزور، وفك حصار «داعش» عنها.

في المقابل، يحاول «داعش» تقويض خطط الجيش، أو الرد على تقدمه في مناطق واسعة، محاولاً تحقيق أي إنجاز ميداني يرفع من معنويات مقاتليه، بعدما دخل مرحلة الترهّل والسقوط في عموم الجغرافيا السورية. وهاجم مسلحو التنظيم مواقع الجيش السوري جنوبي دير الزور، وتمكّنوا من إحراز تقدّم في منطقة البانوراما، عند المدخل الجنوبي للمدينة، بعد ثلاثة أيام من المعارك المتواصلة، نجح فيها بالسيطرة على مزارع البانوراما، ومدرسة البانوراما لقيادة السيارات. وحقّق المسلحون سيطرةً نارية على دوار البانوراما، الأمر الذي يهدد الطريق الذي يربط «اللواء 137» بالمدينة.

نجاح التنظيم في إحداث الخرق دفعه إلى تعزيز المواقع التي سيطر عليها بأكثر من 300 مسلح، وتحويلها إلى قاعدة لشن هجمات إضافية، وهو ما حصل فعلاً، صباح أمس، من خلال هجومه على تلال الصنوف، وأم عبود، وعلوش، والسيرياتيل لتضييق الحصار على الجيش، ومنع الطيران المروحي من الهبوط في المطار، بالتوازي مع توسع مسلحين بالسيطرة على منطقة المقابر التي خسرها الجيش مطلع العام.

ويحاول التنظيم من خلال هذه الهجمات إحياء خططه السابقة، والتي تهدف إلى محاصرة الجيش في ثلاثة مربعات، الأول في المدينة غرباً، والثاني في المطار والجفرة وهرابش شرقاً، والثالث في «اللواء 137» ومحيط البانوراما جنوباً، ليفصل بذلك جبهات الجيش ويضعفها، مسهّلاً حصارها، ومحاولاً السيطرة على كل جبهة على حدة.

بدوره، أكّد مصدر عسكري، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «الجيش يدرك خطط داعش، وسيفشلها من خلال استعادة السيطرة على النقاط التي خسرها في محيط البانوراما لتأمين المواقع العسكرية في المنطقة، بالتعاون مع سلاح الجو»، مضيفاً أن «التنظيم استخدم كثافة نارية غير مسبوقة في هجماته على البانوراما، ما دفع العناصر إلى الانسحاب من بعض المواقع حفاظاً على أرواحهم».

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى