بعد دعوة عبّاس: ترامب يدرس قمّة ثلاثيّة بمشاركة إسرائيل والفلسطينيين أوْ مؤتمرٍ إقليميٍّ للدول العربيّة المُعتدلة بقيادة السعوديّة وتل ابيب

حاول رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، التملّص من الردّ على دعوة رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عبّاس، لزيارة واشنطن والاجتماع إلى الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، حيث أعلن ديوانه أنّه لا يعلم شيئًا عن الدعوة ولا عن المُبادرة الأمريكيّة الجديدة لعقد مؤتمر قمّة ثلاثيٍّ بمشاركته وترامب وعبّاس.

وعلى الرغم من ذلك، أشارت المصادر الرسميّة في تل أبيب، كما أفادت صباح اليوم صحيفة (يديعوت أحرونوت) إلى أنّ الرئيس الأمريكيّ ومُساعديه ومُستشاريه يدرسون سبل إعادة إحياء المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وبحسب المصادر، فإنّ ترامب على استعدادٍ للمُشاركة في قمّةٍ تُعقد في الشرق الأوسط بمشاركة نتنياهو وعبّاس، إذا توصّل لقناعةٍ أنّه ستكون لهذه القمّة تكملة. أمّا السيناريو الثاني الذي تدرسه الإدارة الأمريكيّة، لفتت المصادر، فهو ترتيب مؤتمر قمّةٍ إقليميٍّ في المنطقة بمُشاركة إسرائيل، الأردن، مصر والسلطة الفلسطينيّة وعددٍ من الدول العربيّة، التي وُصفت بالمُعتدلة، وفي مُقدّمتها المملكة العربيّة السعوديّة، التي يعتبرها الرئيس ترامب دولةً مهمّةً جدًا ونافذة ومؤثرة على الأحداث والمُستجدّات في المنطقة.

وغنيٌ عن القول إنّ المؤتمر الإقليميّ هو الذي تسعى إسرائيل إلى عقده بهدف تعزيز علاقاتها مع الدول العربيّة السُنيّة ضدّ ما أسمته المصادر بالتمدّد الإيرانيّ في الشرق الأوسط، كما أنّ الهدف الثاني لتل أبيب هو إبعاد القضيّة الفلسطينيّة عن المشهد، إذْ أنّ أركان إسرائيل يؤكّدون بمناسبة أوْ بغيرها على أنّ القضية الفلسطينيّة، باتت بالنسبة للدول العربيّة الـ”مُعتدلة” في أولوية ثانيةٍ وثانويّة مُقابل التهديد الإيرانيّ.

على صلةٍ بما سلف، قالت دراسة جديدة صادرة عن مركز واشنطن لدراسة الشرق الأدنى إنّه في واشنطن سيجد الإسرائيليون والسعوديون والإماراتيون والأردنيون والمصريون السؤال الأهم الذي يؤثّر على أمنهم الجماعي: وهو، هل ستقرر إدارة ترامب تولي زمام القيادة عبر استثمار الأموال والقوى البشريّة ورأس المال السياسيّ لمنع تدهور الأوضاع في الشرق الأوسط، أو ستكتفي بإستراتيجية “أوباما مع بعض الزيادات” القائمة أساسًا على الحدّ على نحو صارم من انكشاف أمريكا على مشاكل المنطقة المزمنة، والمقنّعة باعتماد موقف ألطف وأرحم وأكثر تسامحًا تجاه الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة؟

وأضافت الدراسة قائلةً إنّ الشخص الذي وعد “بتفكيك” الاتفاق النوويّ مع إيران و”القضاء” على تنظيم «الدولة الإسلامية» و”نسف” إيديولوجية التطرف الإسلاميّ، هو نفسه الذي سمح بفرض عقوبات طفيفة إلى حدّ ما تشبه تلك التي فرضها أوباما، ولفتت إلى أنّه صحيح أنّ ترامب وعد بـ”تصويب” “الفوضى” التي ورثها عن أسلافه، ولكن ليس من الواضح أي “فوضى” سيصحّح وكيف سيفعل ذلك. وتساءلت الدراسة: هل سيجعل إدارته تركّز أكثر على المشكلة “الملحة” التي يطرحها “داعش” أوْ على المشكلة “المهمة” المتعلقة بطموحات إيران في المنطقة؟ هل يعتبر روسيا وحليفتها المحلية الرئيسية، إيران، مسببتي الأوبئة والمشاكل المنتشرة في المنطقة أوْ المستفيدتين من الخلل الوظيفيّ في المنطقة أوْ لاعبين أساسيين خلال معالجة المشاكل الإقليمية؟

كما تساءلت الدراسة: هل يتمتع ترامب ببُعد النظر الإستراتيجيّ من أجل التشاور والتوصّل إلى خطةٍ لإنقاذ مصر من الانهيار الاقتصاديّ الآن، بدلاً من مواجهة انهيار سياسيّ، واحتمال وجود دولة فاشلة على الحدود مع إسرائيل، قبل نهاية ولايته؟

وتابعت الدراسة قائلةً إنّه إذا كان الخبراء الإستراتيجيون العرب والإسرائيليون يعقدون اجتماعات وراء الأبواب المغلقة من أجل وضع خطط بشأن دفاعاتهم الجماعية، فهذه هي الأسئلة التي يجب أن تُركز اهتمامهم. ففي النهاية، شدّدّت الدراسة، لن يكون لعاملٍ وحيد هذا القدر من التأثير على أمن ودفاع إسرائيل والدول العربية السنّية على السواء خلال السنوات المقبلة كإرادة الرئيس ترامب ورغبته في تأمين قيادة فعالة لمعسكر الدول الموالية للغرب والمؤيدة للاستقرار في المنطقة. وبناءً على ذلك، أوضحت الدراسة، يجب أنْ يتمثّل هدفها المشترك في إقناع الرئيس الأمريكيّ أنّ الاضطلاع بهذا الدور يصبّ في مصلحة الولايات المتحدّة.

ولكن، أوضحت الدراسة، أنّه ليس من الصعب جدًا أنْ نتصوّر بأنّ السياسة العامة للإدارة الأمريكيّة يمكن أنْ ترى تحسنًا في العلاقات الثنائية الرئيسيّة مع السعوديّة التي توترت في عهد أوباما مع الحفاظ في الوقت نفسه على تردّد أوباما في العمل بالنيابة عن شركاء أمريكا القدماء والتورّط في مخاوفهم الأمنيّة الأساسيّة.

واختتمت الدراسة قائلةً إنّه في حين قد يستفيد البعض في المنطقة على المدى القصير من هذه المقاربة، أيْ مزيد من المبيعات العسكرية وربمّا مساعدات خارجية إضافية، إلّا أنّهم جميعًا سيُعانون في النهاية إذا أصبح انسحاب الولايات المتحدّة من المنطقة المعيار الجديد للسياسة الخارجية الأمريكية. وحينئذ، سيجدون أنفسهم حقًا حلفاء عالقين معًا في القارب نفسه على غير هدى ومن دون ربّان، بحسب توصيفها.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى