… تحالف جديد على الخليج (وائل عبد الفتاح)

 

وائل عبد الفتاح

ــ 1 ــ

… زيارة المشير السيسي إلى الإمارات: يُقال إنها آخر نشاط رسمي قبل استقالته من وزارة الدفاع استعداداً لمشواره إلى الرئاسة، والمناسبة عسكرية لكن أهدافها السياسية تسبقها.
فالتسريبات (ومصر تطفو على بحيرة تسريبات كبيرة) تتحدث عن أول خطوة في بناء منظومة دفاعية مصرية في الخليج. التسريبات الأكثر إثارة عن تردد القاهرة في قبول الرغبة الجارفة بإقامة قاعدة مصرية على الخليج.
السياسة في التسريبات تتعلق بأموال إماراتية جديدة في الطريق (5 مليارات دولار)… ليكتمل اطمئنان السيسي إلى الرافعة الخليجية التي تعد حجراً تأسيسياً لنظام «المشير» الذي يعتمد في جانبه الاقتصادي على مشاريع تتعلق بقطاعات اجتماعية دفعت فواتير باهظة من اهتزاز الدولة بعد 25 يناير. المشاريع مشتركة (أموال إماراتية وتنفيذ المؤسسة العسكرية).
الزيارة هي استكمال أركان النظام الذي يأتي في ظل إعادة بناء التحالفات الإقليمية والدولية، التي لم تعد تُبنى وفق معادلة (مع أو ضد) أميركا، لكنها مع تعدّد الإرادات أصبح من الممكن أن تتفكّك التحالفات الكبيرة إلى تحالفات شبكية معقدة. لا تُبنى على أساس إيديولوجي (رأسمالية، شيوعية) أو نظامي (تقدم، رجعية) ولا حتى على أساس الصراعات الطائفية أو المذهبية… التحالفات تقام الآن على أساس «نقاط المصالح» التي يمكن فيها للسعودية مثلاً أن ترعى في دمشق ما تحاربه في مصر وتونس… وهكذا.

ــ 2 ــ

تحالف داخل التحالف…
… العلاقة بين مصر والخليج لن تُبنى على قواعد ما قبل 25 يناير… أو حتى على الخط الممتد من السادات (بعد موقف الملك فيصل في حرب أكتوبر) أو بما وصل إلى ذروته عند مبارك (بمشاركة قوات مصرية ضد العراق في حرب الخليج)… وليس السيسي مَن سيلعب دور «الوحش السني» بالطريقة التي أراد أن يلعبها محمد مرسي والإخوان في مواجهة إيران… التي يثير التصالح معها قلقاً متعدداً يعيد تسمية الحرب تحت اسمها الموحّد الجديد: «مواجهة الإرهاب».
بهذا المعنى تمتد الخطوط بين مصر والإمارات وتنقطع الخطوط كلها مع قطر التي تؤيّد نظاماً هنا وجماعات هناك لترسم حدود بقعتها اللونية في هذا الوضع السائل.
ليس للتحالف عدو ثابت… الانشغال بالحفاظ على النفوذ، أو الإعلان عنه، ضماناً لموقع «الطرف الفاعل»، وهنا يصل التهديد إلى حدود صناعة وضع عبثي تماماً ينتشر فيه قلق لا يؤدي إلى الانفجار أبداً… وإن كان لا يعدم بث روح انتظار انفجار قادم (الحرب الأهلية، الطائفية، الاقليمية… قوة دولية).
إنه زمن يتحكّم فيه الخليج (بمعسكريه) في الصراعات الداخلية على المستقبل.
المال يتكلم بعد مراحل، لكن كلامه تحت الأفكار والسياسة… والمنطقة تقودها أنظمتها التي وُصفت بالرجعية، وكل داخل في بلدان ثارت على حكّامها مفتوح اليوم على الخليج.

ــ 3 ــ

ربما سايكس بيكو جديد…
وهذه مؤشرات البحث عن نقطة توازن… تجهيزاً لاتفاقات التشكّل الجديد للمنطقة. ليس المهم إعادة تقسيم حدودي، ولكن في إعادة توزيع التيارات السياسية ليضمن الخليج استقراره، وخاصة مع اقتراب فقدان البترول لزهوته، فالانتقال هنا ليس من نمط حكم أو إيديولوجية صاعدة، ولكن في رغبة الدول التقليدية أن تحافط على استمرارها باستخدام «الفائض البترولي» ولهذا خرجت من حدودها بحثاً عن مستقبلها الذي لم يعد مضموناً فقط برعاية واشنطن.. ولكن لا بد من تغيير الأحجام والأدوار في الإقليم لإعادة تقسيم الأدوار والملاعب وخطة اللعب.

صحيفة السفير اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى