ترامب الذي حاول منع الناس من عدّة دولٍ إسلاميّةٍ دخول أمريكا وجد أقوى دعمٍ له في مسقط رأس الإسلام – السعوديّة

لا تُبدي إسرائيل الرسميّة وغيرُ الرسميّة اهتمامًا علنيًا خاصًّا بزيارة الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب إلى المملكة العربيّة السعوديّة، واختيارها كأوّل دولةٍ يقوم ترامب بزيارتها خارج الولايات المُتحدّة. ولكن يبدو أنّ السعوديين استخلصوا العبر والنتائج من زيارات رؤساء أمريكيين سابقين، وقرروا، كما أفادت القناة العاشرة في التلفزيون العبريّ، منع صحافيين إسرائيليين اثنين من الدخول إلى المملكة على الرغم من أنّهما يحملان أيضًا جواز السفر الأمريكيّ، والاثنان هما غيل تماري، مُراسل القناة العاشرة في واشنطن، وزميلته، أولي أزولاي، من صحيفة (يديعوت أحرونوت)، والمُقيمة في الولايات المُتحدّة، والتي كان سبق وزارت المملكة برفقة الرئيس الأسبق، جورج بوش الابن لدى زيارته للرياض. بالإضافة إلى ذلك، قال موقع صحيفة (يديعوت أحرونوت) على الإنترنيت إنّ السلطات السعوديّة تتخوّف جدًا من أنْ يتمكّن تنظيم “الدولة الإسلاميّة” من إخراج عملية إرهابيّة إلى حيّز التنفيذ خلال زيارة ترامب، كما أكّدت محافل أمنيّة رفيعة المُستوى في تل أبيب.

علاوة على ذلك، رأى مُحلل الشؤون العربيّة في الموقع، روعي كييس، أنّ السعوديّة تعمل كلّ ما في وسعها من أجل إضفاء الصبغة التاريخيّة على الزيارة، لافتًا إلى أنّه خلافًا لاستقبال الرئيس الأمريكيّ السابق، باراك أوباما، الذي كان فاترًا للغاية، واستُقبل في المطار من قبل أمير الرياض، فإنّ ترامب سيحظى باستقبالٍ ملكيٍّ، ذلك لأنّ صنّاع القرار في الرياض يُقدّرون عاليًا اختيار ترامب للسعوديّة كأوّل بلدٍ يزوره بعد دخوله إلى البيت الأبيض، على حدّ تعبيره.

نشر مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابع لجامعة تل أبيب، دراسة جديدة عن العلاقات السريّة بين إسرائيل والمملكة العربيّة السعودية، جاء فيها أنّه على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسيّة عادية بين الدولتين، إلا أنّ المصالح المشتركة بينهما، منع إيران من الوصول إلى القنبلة النوويّة ومنع الجمهورية الإسلاميّة من التحوّل لدولة عظمى في المنطقة، أدّت في الآونة الأخيرة إلى تقاربٍ كبيرٍ بين الرياض وتل أبيب.

وبرأي الدراسة فإنّ المبادرة السعودية، التي تحوّلت إلى مبادرة عربيّة، كان هدفها الأساسيّ تحسين صورة المملكة بعد أحداث سبتمبر 2001، ورفضت السعودية جميع المحاولات الأمريكيّة للتقرّب من إسرائيل، كما فعلت في حينه كلّ من قطر وسلطنة عمان، كما أعلنت المملكة في مناسبات عديدة عن أنّها لن تقوم بأيّ خطوة إيجابيّة نحو إسرائيل بعد المبادرة العربيّة، إلا إذا حدث الاختراق في المفاوضات بين تل أبيب ورام الله، ولكنّ الدراسة لفتت إلى أنّ الإطلاع على وثائق (ويكيليكس) يؤكّد لكلّ من في رأسه عينان على أنّه بين الرياض وتل أبيب جرى ويجري حوار سريّ ومتواصل في القضية الإيرانيّة.

بالإضافة إلى ذلك، قالت الدراسة، إنّ الوثائق أثبتت أنّ العديد من الشركات الإسرائيليّة تقوم بمساعدة الدول الخليجيّة في الاستشارة الأمنيّة، وفي تدريب القوات الخاصّة وتزويدها لمنظومات تكنولوجيّة متقدّمة، علاوة على لقاءاتٍ سريّة ومستمرة بين مسؤولين كبار من الطرفين. كما تبينّ، زادت الدراسة، أنّ إسرائيل قامت بتليين سياسة تصدير الأسلحة إلى دول الخليج، بالإضافة إلى تخفيف معارضتها لتزويد واشنطن بالسلاح لدول الخليج، وذلك في رسالة واضحة لهذه الدول أنّه بالإمكان التعاون عوضًا عن التهديد، كما أنّ إسرائيل تتمتّع بحريّة في بيع منتجاتها في دول الخليج، شريطة أنْ لا يُكتب عليها أنّها صُنّعت في الدولة العبريّة.

وأشارت الدراسة أيضًا إلى أنّ السعودية والدول الخليجيّة تعرف مدى قوة إسرائيل في أمريكا ومدى تأثيرها على قرارات الكونغرس، وبالتالي فإنّ هذه الدول ترى أنّه من واجبها الحفاظ على علاقات معينّة مع تل أبيب، ولكن العلاقات الطبيعيّة لم تصل حتى الآن إلى موعدها، ذلك أنّه بدون إحداث اختراق في العملية السلميّة مع الفلسطينيين، لا يُمكن التقدّم أكثر في العلاقات.

وأوضحت الدراسة أنّه لا يُمكن من اليوم التنبؤ فيما إذا حدث اختراق في العملية السلميّة، وهل هذا الأمر سيقود إلى ربيع سياسيّ بين إسرائيل والسعودية، وباقي دول الخليج، لافتةً إلى أنّ السعودية اشترطت تنفيذ طلبات الغرب بإجـراء الإصلاحات وتحسين العلاقة مع إسرائيل ولعب دور إيجـابيّ في المنطقـة بالتقـدّم على المسار الفلسطينيّ.

ونوهت الدراسة إلى أنّه بحسب الرواية السعودية ودول الخليج الأخرى، فإنّ العلاقات الدبلوماسيّة العلنية مع إسرائيل في الوقت الراهن ستكون نتائجها سلبية أكثر بكثير من إيجابياتها، ذلك أنّ دول الخليج تتمتّع الآن بالعلاقات السريّة مع إسرائيل، دون أنْ تضطر لدفع الفاتورة للرأي العام العربيّ، الذي يرفض التطبيع مع الدولة العبريّة، ذلك أنّ الرأي العام العربيّ يرفض الآن أيّ نوع من العلاقات مع إسرائيل، كما أنّ هذا الأمر ينسحب على إسرائيل، لأنّه من الأفضل لها أنْ تبقي العلاقات مع السعودية وباقي دول الخليج سريّة وغير رسميّة لأنّ هـذه الـدول الرجعيّة لا تحترم حقوق الإنسان ولا تتماشى سياستها الداخليّة مع القيم الديمقراطيّة لإسرائيل، على حدّ تعبيرها.

يُشار إلى أنّه في مقال رأي لفريدا غيتس، كاتبة أمريكيّة في الشؤون العالميّة، قالت إنّه قد يبدو من غير البديهي أنّ الرئيس الأمريكي الذي حاول منع الناس من عدّة دولٍ إسلاميّةٍ من دخول الولايات المتحدة، ويرى الكثيرون أنّه يكره الإسلام، وجد أقوى دعم له خارج دولته تحديداً في مسقط رأس الإسلام. وأضافت: لكن هذا هو الحال في الواقع، إذْ يسعد القادة العرب برؤية نهاية حملة أمريكا لتحسين العلاقات مع إيران، ولا يهمهم أنّ واشنطن قررت التوقف عن إثارة ضجة بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية، على حدّ تعبيرها.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى