تركيا وانقسام الحزب الحاكم

 

باتت أزمة الفساد في الحكومة التركية وعلى مستوى كبار المسؤولين في الدولة تهدد بشكل مباشر، ليس فقط المستقبل السياسي لرئيس الحكومة رجب إردوغان، بل أيضاً تهدد الحزب الحاكم "حزب العدالة والتنمية"، خاصة أن هذه الأزمة تأتي في أعقاب المظاهرات والاحتجاجات التي عمت العاصمة التركية أنقرة ومدناً أخرى، اعتراضاً على سياسات الحكومة الداخلية والخارجية أيضاً.
لقد وعد الرئيس التركي عبد الله غول الشعب بعدم إخفاء حقائق الفساد في المراتب العليا للسلطة، وهذه خطوة تشير إلى تعمق الانقسام في الحزب الحاكم، حيث بات واضحاً أن هناك فريقاً داخل الحزب يريد أن يلقي المسؤولية على فريق آخر للتخلص منه، ولا يستبعد بعض المحللين أن تعزز هذه الخطوة مواقف الإسلاميين الأتراك الذين يحاولون تثبيت وجودهم في السلطة، في مواجهة قوى الأمن والجيش المتنفذة والمتغلغلة في مراكز صنع القرار وفي قطاعات الإنتاج.
الرئيس غول قال إن "تركيا ليست تلك التي كانت قبل 10 أو 15 سنة"، مشيراً إلى أنه قد أجريت إصلاحات عديدة في السياسة، وفي النظام القضائي. أي أنه في البلد الذي أجريت فيه مثل هذه الإصلاحات القضائية، لن يخفى الفساد ولن يسكت عن الأخطاء، وأن "القضاء سيصدر قراره بشأن الفساد، دون أن يغفل شيئاً".
تتفاقم الأزمة السياسية في تركيا بعد عملية "الرشوة الكبرى" التي نفذت يوم 17 ديسمبر الجاري، حيث اعتقل حوالي 90 شخصاً في أنقرة وإسطنبول بتهمة الفساد، بينهم ابن وزير الداخلية وابن وزير الاقتصاد، وقد رفعت النيابة العامة دعوى جنائية ضد الوزيرين بتهمة الفساد، وطلبت من البرلمان رفع الحصانة عنهما.
من جانبه أعلن إردوغان أن كل هذا من فعل خصومه في الخارج والداخل، وأصدر أوامره بإقالة 70 شخصاً من الذين ساهموا في التحقيقات، ومن بينهم مدير الأمن في إسطنبول حسين تشابكين، الذي قال مودعاً "كنا مخلصين للقسم بشأن حماية دولتنا وأمتنا".
ووفقاً لمحللين محليين، فإن الهدف من كشف الفساد هو إضعاف موقف إردوغان، الذي يسعى لتوسيع صلاحياته أكثر، مشيرين إلى رفيق إردوغان سابقاً، فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة، والذي له سلطة ونفوذ كبيران داخل أجهزة الدولة.
إن اشتداد التنافس بين زعيمي حزب العدالة والتنمية، سيؤدي حتماً إلى انقسام الحزب الحاكم، وهذا سينعكس على موقفه في الانتخابات، إذ إن شعبية إردوغان في انخفاض مستمر. ويعني ذلك أن الحزب لن يفوز بأغلبية مطلقة في الانتخابات البرلمانية، وقد يضطر للدخول في تحالف مع قوى سياسية أخرى من أجل تشكيل حكومة ائتلافية.

صحيفة البيان الأماراتية

نقلاً عن صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى