تقريرٌ سريٌّ لمُراقب وزارة الأمن الإسرائيليّة: الجيش غيرُ مستعدٍ للحرب القادمة

كشف تقرير سريّ أعدّه المُراقب الداخليّ في وزارة الأمن الإسرائيليّة عن وجود فشل كبيرٍ وإخفاقاتٍ أكثر في الإدارة والتنسيق بين سلاح الجوّ في جيش الاحتلال، وبين سلاح المدرعّات وسلاح البريّة خلال اندلاع مُواجهة عسكريّةٍ، كما كشف التقرير عن فشل كبير في إدارة مراكز إطلاق النار ومدى جهوزيتهم، وقد نشرت قناة “كان” في التلفزيون العبريّ، وهي شبه رسميّةٍ، مساء أمس الجمعة وبشكلٍ حصريٍّ وجود التقرير السريّ.

ولفتت مُراسلة الشؤون العسكريّة، كارميلا مناشيه، التي أوردت النبأ، إلى أنّ المُراقب تنال في تقريره إخفاقاتٍ أخرى تتعلّق بتأهيل أصحاب المناصب في مراكز تفعيل إطلاق النار، علاوةً على وجود نقصٍ كبيرٍ في القوى البشريّة، الأمر الذي يؤثّر سلبًا على استعداد الجيش الإسرائيليّ من الناحية الخدماتيّة للمعركة القادمة، كما أكّدت في تقريرها، الذي اختتمته باقتباس جنرالٍ سابقٍ في الجيش والذي قال إنّه لا ينام الليل من شدّة قلقه وتوجسّه من استعداد وجاهزية الجيش للحرب القادمة.

في سياق ذي صلةٍ، لخصّ دافيد م. فاينبرغ، نائب رئيس “معهد القدس للدراسات الإستراتيجيّة” انطباعاته عن الجيش الإسرائيليّ قائلاً: خرجتُ من مؤتمر عقد، هذا الأسبوع، مثقلاً بمخاوف شديدةٍ حيّال مدى جاهزية الجيش الإسرائيليّ للحرب المقبلة، أوْ على الأصح حيال روحه القتالية وروحه الجماعية، وآمل أنْ يجري إصلاح مواطن الضعف في الوقت المناسب، قبل اندلاع المواجهة العسكرية المقبلة التي تنتظرنا، على حدّ تعبيره.

من ناحيته قال الجنرال يائير غولان، النائب السابق لرئيس هيئة الأركان، والجنرال (احتياط) يعقوب عميدرور، المستشار السابق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لشؤون الأمن القومي، قالا أمام المنتدى الذي عقده “معهد القدس للدراسات الإستراتيجيّة”، إنّ الجيش الإسرائيليّ يجري تدريبات مكثفة لمقاتليه على خط المواجهة تحضيرًا لهجومٍ بريٍّ حاسمٍ ضد أعداء إسرائيل، فيما أوضح غولان أنّه ليس في وسع أيّ قوةٍ جويّةٍ تحقيق انتصار لنا في المعارك المقبلة، أوْ منع إطلاق الصواريخ من جانب أعداء إسرائيل، وسيكون لزامًا علينا شنّ هجماتٍ بريّةٍ بقوّاتٍ كبيرةٍ جدًا وبسرعةٍ فائقةٍ، على حدّ تعبيره.

وأكّد غولان على أنّ الجيش الإسرائيليّ وسلاح الجوّ مزودان اليوم بأفضل ممّا كان في السابق بكثير، بمنظومات اتصالاتٍ تكتيكيّةٍ، واستخبارات ميدانية دقيقة، وقدرات سيبرانية ممتازة، وأسلحة روبوتيّة، إلى جانب منظومات جوية من الرائدة في العالم كافة (طائرات نفاثة من طراز F-35 وطائرات من دون طيّار فتاكّة) ومنظومات بحريّة متعددة (غواصات وغيرها).

ومن جهته، يعتقد عميدرور، الذي يشغل الآن منصب زميل بحث رفيع في “معهد القدس للدراسات الإستراتيجيّة”، بأنّ لدى إسرائيل الآن قدرات عديدة ومتعددة: اقتصاد متين وصناعات قوية، وجيش ومواطنون يتمتعون بالدافعية، وجبهة داخلية تتمتع بالمناعة النفسية، لافتًا إلى أنّ إسرائيل اليوم قوة هائلة وقادرة على هزم أي واحدة من القوى الإسلامية المحيطة بنا.

فاينبرغ شدّدّ على أنّ هنا بالذات تبدأ المخاوف بالتسرب، مُتسائلاً: هل تحرص قيادة الدولة العبريّة على تعزيز الجبهة الداخلية وتزويدها بالمناعة النفسية اللازمة للصمود في المواجهات المقبلة؟ وهل الروح القتالية لدى الجيش الإسرائيليّ هي كما ينبغي لها أنْ تكون حقًا؟ ليس تمامًا، كما يقول خبراء آخرون استمعت إليهم.

وأورد المثال التالي: عوزي روبين، ومؤسس مديرية “حوماه” (السور) في وزارة الأمن للحماية من الصواريخ (والتي طورت صاروخ “حيتس”)، حذّر من أنّ إستراتيجية إيران تتمثل في شنّ حرب استنزاف طويلة الأمد ضد إسرائيل، سلسلة حروب “إزعاجية” تسبب أضرارًا للاقتصاد الإسرائيليّ وتجعل الحياة فيها غير محتملة. ولفت إلى أنّه بدون استثمارات كبيرة في الدفاع عن منشآت البنى التحتية القومية وعن قدرتها على الصمود، والتي هي غير كافية برأي روبين، ثمة تخوف كما يقول من انهيار المناعة القومية الإسرائيلية، ما سيؤدي إلى هجرة مواطنين من إسرائيل، على حدّ قوله.

فاينبرغ أشار في سياق استعراضه للمؤتمر إلى أنّ إن أكثر ما يثير القلق هو ما ساقه الجنرل احتياط غرشون هكوهن، قائد اللواء الشماليّ والكليات العسكرية سابقًا، والذي شدّدّ على أنّ الجيش الإسرائيليّ يهجر مناطق الأطراف في إسرائيل ويتخلى عنها.

ويتولى هكوهن حاليًا إدارة التقييمات الخاصة بقيادة الأركان العامّة، ضمن تدريبات محاكاة الحرب المكثفة التي أجراها الجيش في شمال البلد قبل بضعة أشهر، وهي التدريبات الأوسع التي أجريت حتى الآن. ويقول إنّ التدريبات شملت إخلاء عشرات آلاف المواطنين (وفي حال وقوع سيناريو مماثل في الجنوب، سيتم اتخاذ الإجراءات نفسها بالنسبة للمواطنين في المنطقة المحيطة بقطاع غزة).

ووصف هكوهن هذا بأنّه حماقة، لافتًا إلى أنّه ليس فقط لأنّ الأمر لن يكون عمليًا وقابلاً للتنفيذ في إبان الحرب، وإنمّا أيضًا لأنّه يمثل تخليًا تامًا ونهائيًا عن القيم الصهيونية. وتساءل هكوهن: لماذا يخطط الجيش الإسرائيليّ لعمليات إخلاء كهذه؟ أين اختفت مزايا الإصرار والتصميم والاستعداد لمواجهة الصعاب؟ لماذا لا تطلب قيادة الدولة والجيش من المواطنين الذين يعيشون في المناطق النائية الانحناء ريثما تمر العاصفة أوْ، أفضل من ذلك، تسليح أنفسهم والانخراط في المجهود الحربي؟، كما قال.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى