تل أبيب: ليبرمان ونتنياهو والأجهزة الأمنيّة يُفضّلون استمرار حكم حماس

ما زالت إسرائيل، قيادةً وشعبًا ومراكز أبحاث ومُستشرقين، ما زالت تُحاول سبر غور انتخاب إسماعيل هنيّة رئيسًا للمكتب السياسيّ لحركة حماس، صحيح، أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، قام بتمزيق ورقة المبادئ الجديدة للحركة في خطوةٍ استعراضيّةٍ للرأي العّام المحليّ والعالميّ، ولكن بالمُقابل، نقل مُعلّق شؤون الشرق الأوسط في موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ عن مصادر سياسيّة وأمنيّة رفيعة المُستوى في تل أبيب قولها إنّ وزير الأمن أفيغدور ليبرمان ونتنياهو، تمامًا مثل جهاز الأمن كلّه، يُفضّلون استمرار حكم حماس على نهج هنية في القطاع، حيث أنّ حماس ستعمل على فرض الهدوء على حدود غزة وتعتقل النشطاء السلفيين الذين يخططون لهجمات أوْ إطلاق صواريخ، ولن نصل بالتالي لوضع يتدهور به وضع القطاع لفوضى، ممّا يؤدي لسيطرة جهات متطرفة مسلحة عليها رويدًا رويدًا، على حدّ تعبيرهم. ولفتوا أيضًا إلى أنّه الآن بقي علينا فقط أنْ نأمل بأنّ حماس هنية هي من تمسك مفاتيح القطاع، وليس حماس السنوار، كما أكّدوا للموقع الإسرائيليّ.

على الرغم من ذلك، تابعت المصادر عينها قائلةً للموقع الإسرائيليّ، إنّه مع ذلك، هذا لا يوحي ببشرى سياسيةٍ أوْ أيديولوجيةٍ شاذةٍ، فهنية، ذو الـ 54 عامًا فقط، يعتبر معتدلًا داخل التنظيم، بالتأكيد مقارنة مع السنوار، لكنّه في نهاية المطاف يُمثّل مصالح حماس حاليًا، فهو مثلًا يسعى لهدنة في غزة، لكن بالتأكيد ليس اعترافًا بإسرائيل أوْ مفاوضات للسلام معها.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّه من الداعمين لوثيقة حماس الجديدة التي قدمت وجهًا أكثر لطفًا لحماس تجاه الغرب، لكنه أيضًا ليس واحدًا ممّن خرجوا للتمرد على مبادئ التنظيم التي تمّ وضعها منذ إقامته. علاوة على ذلك، هنية معروف بأنه “رجل الشعب”، أيْ رجل قد يشتري وجبة فلافل من أبسط كشك ويساعد المرأة العجوز في عبور الشارع، بعيدًا كل البعد عن صورة قيادة حماس الهانئة في الخارج.

وشدّدّت المصادر الأمنيّة والسياسيّة في تل أبيب، كما أفاد الموقع، على أنّ انتخاب هنية، كرئيس للمكتب السياسي، جنبًا إلى جنب مع انتخاب يحيى السنوار قائدًا لحماس في غزة، يُوضح إلى أيّ مدى تحولت غزة لقلب التنظيم، بينما أصبحت باقي المناطق التي يعمل فيها التنظيم (الضفة، الخارج والسجون) هامشية، بحسب قولها.

واستعرض الموقع السيرة الذاتيّة للقائد الجديد، وقال إنّ هنية “ابن حماس″ الكلاسيكيّ، فقد تعلّم في الجامعة الإسلاميّة، وترأس مجلس الطلاب فيها، درّس في الجامعة وتم تعيينه مسؤولًا في مكتب المؤسس الشيخ أحمد ياسين، ولمدة سنوات طوال رافق الشيخ أينما ذهب، وبالتأكيد فإنّ تقربه من الزعيم الروحيّ للتنظيم ساعده بالبروز على آخرين كثر من أبناء جيله ومعاصريه، بحسب تعبيرها.

ولفتت المصادر إلى أنّه ليس واضحًا حتى اللحظة أين سيستقّر هنية، إنْ كان سيبقي في قطاع غزة أوْ سيُغادر للخارج، وشدّدّت على أنّه لو بقي في غزة قد يكون لذلك تداعيات مهمة متعلقة بقدرته على الخروج للقاءات سياسية أوْ حشد تبرعات، وبطبيعة الحال، في وقت الحرب يمكن افتراض أنّ إسرائيل قد تحاول المساس به، وفي كلتا الحالتين، أوضحت المصادر، لو عمل من الخارج أوْ من القطاع سيكون مثيرًا للاهتمام رؤية علاقاته مع قائد حماس في غزة السنوار، المفترض أنْ يعمل الآن تحت قيادته، وذلك على الرغم من انّه من ناحية الحنكة، فالسنوار، الذي هو من نفس جيل هنية، يُعتبر أكثر حنكة منه.

مُضافًا إلى ما ذُكر أعلاه، السنوار له ماضٍ قتالي لا يمتلكه هنية، ولذلك فهو يحظى بدعم كبير في الذراع العسكريّة، قاعدة غير أكيدة أنّه في خلاف بين السنوار وهنية، ستفعل الذراع العسكرية بالضرورة ما يقرره رئيس المكتب السياسيّ العام، وعلى الأرجح أوامر القائد في غزة هي ما سيتم تنفيذها. أحد الأمور التي كانت لصالح هنية في عملية التصويت على رئاسة المكتب السياسي هي صورته كـ “رجل الشعب”، فهو يتمتع بشعبيةٍ كبيرةٍ ودعمٍ في صفوف كثيرٍ من الفلسطينيين، في غزة والضفة الغربيّة.

وأردفت المصادر قائلةً إنّ استطلاعات أجريت في السنوات الماضية أظهرت أنّه في حال إجراء انتخابات في الضفة وغزة فإنّ هنية سيفوز على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عبّاس، لكنّه قد يخسر أمام مروان البرغوثي، منظم إضراب الطعام في السجون.

واعتبرت المصادر ذاتها أنّ قرار قيادة حماس باختيار هنية تعتبر استمرارًا مباشرًا تقريبًا لعرضها لـ “وثيقة المبادئ”، أي أنّ محاولة إرسال رسالة للجمهور الفلسطينيّ، العربيّ، والغربيّ بأنّ حماس تحولّت لتصبح أكثر اعتدالًا، براغماتية وعملية أكثر. واختتمت قائلةً: حماس 2017 لم تخضع لتغييرٍ حقيقيٍّ، لكن على الأقل تحاول أنْ تسوق لتغيير كهذا للعالم، داخل التنظيم الهدف النهائيّ لكل خطوة أنْ تُشكّل بديلًا عن منظمة التحرير، وبالتالي تصبح ممثلًا للشعب الفلسطينيّ، بحسب المصادر الرفيعة في تل أبيب. وماذا بالنسبة لإسرائيل؟ وعود ليبرمان باغتيال هنية خلال 48 ساعة في حال لم يعد جثث الجنود المفقودين نُسيت منذ وقت طويل، وباتت في خبر كان، قال الموقع.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى