توماس فريدمان: غياب القيادة مشكلة ملحة تواجه دول الربيع العربي

 

تحدث الكاتب توماس فريدمان حول مستقبل دول الربيع العربي عن غياب الأشخاص القادرين على القيادة في هذه الدول، وقال إنه عندما جاء إلى العالم العربي بعدما شهده من ثورات، كان أكثر ما أدهشه هو ظهور عدد قليل من القادة الجدد من هذه الثورات البركانية الضخمة في عالم السياسة بهذا الجزء من العالم.

ويوضح فريدمان أنه لا يقصد بالقادة من فازوا في الانتخابات، ولكنه يقصد الرجال والنساء الذين لديهم الشرعية والرغبة في إخبار شعوبهم بالحقيقة، وبناء التحالفات المطلوبة لتحريك مجتمعاتهم إلى الأمام من جديد.
ويشير فريدمان إلى أنه في حواراته مع أصدقائه العرب يكون دائماً سريعاً في القول بأن الولايات المتحدة، ناهيك عن أوروبا، لديهما مشكلة مشابهة أيضا، فهناك فراغ عالمي في القيادة، لكن في العالم العربي اليوم أصبح هذا الأمر يمثل مشكلة بشكل خاص لأنه في منعطف حرج، فكل دولة من الدول التي شهدت صحوة في حاجة إلى الانتقال من حكم سلطوي كحكم صدام حسين إلى حكم ديمقراطي كحكم الرئيس الأمريكي الأسبق "جيفرسون".

ويعتقد فريدمان أن السبب وراء قلة عدد القادة الحقيقيين في العالم العربي هو عمق الفجوة التي يجب أن تواجهها مجتمعات تلك الدول، فمن سيقول للناس قدر الوقت الذي تم إهداره، ومن سيقول لهم أنهم على مدار الخمسين عاما الأخيرة، أهدرت أغلب الأنظمة العربية لحظاتها بالديكتاتورية، فالاستبداد غير مرغوب فيه، لكن على الأقل بعض الدول الاستبداداية مثل كوريا الجنوبية وتايوان استخدم الحكام سلطاتهم في بناء اقتصاديات تقوم على التصدير، وقاموا بتعليم شعوبهم رجالا ونساء، فأسسوا طبقات وسطى عظمى قام قادتها فيما بعد بقيادة الانتقال إلى الديمقراطية. لكن في العالم العربي لم يكن هناك مثل هذا الأمر، بل استخدم الحكام سلطاتهم لإثراء طبقة صغيرة ولإلهاء الجماهير بمواضيع صغيرة.

والآن مع رحيل الحكام الطغاة، يحاول الإسلاميون ملء الفراغ، والإسلام دين عظيم ومجيد، لكنه ليس الحل للتنمية العربية اليوم، فمصر وتونس تحتاجان إلى قروض من صندوق النقد الدولي، ولأجل الحصول عليها، سيضطر السياسيون الإسلاميون إلى خفض الدعم وزيادة الضرائب، فهل يستطيعون القيام بتلك المهمة؟

من ناحية أخرى، يتابع فريدمان، لا يزال الشباب العربي الذين أدهشت ثوراتهم العالم، يفتقرون إلى الأدوات التعليمية التي تمكنهم من المنافسة على الوظائف في القطاع الخاص، ومن ثم فإنهم في حاجة إلى الدراسة بجد أكبر؛ لأن أيام الوظائف الحكومية السهلة قد ولت. كما أن هناك الصراعات الطائفية بين السنة الشيعة في البحرين والعراق، والانقسام بين البدو في الأردن أو الانقسام المسيحي المسلم فى مصر، فهذه الانقسامات الطائفية منعت ظهور القيادة، فليس هناك نيلسون مانديلا أو مارتن لوثر كنج في العالم العربي قادر على أن يلئم تلك الجراح. وبدون وجود مثل هؤلاء القادة، فلا يوجد ثقة كبيرة في إمكانية المضي قدماً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى