ثلاثة تحديات تواجه الأردن

احتل الأردن، والاحداث التي يشهدها على اكثر من صعيد، العناوين البارزة في الاعلام بشقيه المرئي والمقروء، في وقت تتفاقم فيه حدة الازمة الاقتصادية، ويمكن تلخيص هذه الاحداث التي تنطوي على درجة كبيرة من الأهمية، واستقراء من خلالها مستقبل ما هو قادم في النقاط الرئيسية التالية:

أولا: استمرار الاحتجاجات الشعبية على موجات الغلاء الناجمة عن سياسات حكومة الدكتور هاني الملقي الحالية التي تريد سد العجز في الميزانية العامة، من خلال حزمة ضرائب تنهك المواطن المنهك أصلا.

ثانيا: تنفيذ خلية تابعة لـ”الدولة الإسلامية” هجوما انتحاريا على مركز لقوات حرس الحدود العراقية الأردنية، في “طريبيل”، مما أدى الى مقتل 15 جنديا عراقيا في رسالة واضحة الى الأردن الذي يشارك بفاعلية في الحرب ضد الإرهاب في سورية والعراق.

ثالثا: سقوط طائرة اردنية من طراز اف 16 فوق نجران جنوب المملكة العربية السعودية، نتيجة اصابتها بخلل فني، حسب البيانات الرسمية، مما يعني ان الطائرات الأردنية الست التي تشارك في “عاصفة الحزم” السعودية نشطة في الحرب اليمنية، وتشن غارات في العمق اليمني.

الاحتجاجات الشعبية الغاضبة ليست جديدة على الأردن، لكن الجديد فيها هو مشاركة مختلف الوان الطيف السياسي فيها، وخاصة اليساريين وحركة الاخوان المسلمين، ورفع شعارات جريئة مثل “الموت ولا المذلة”، و”تسقط حكومة الافقار”، و”ما في سكوت.. ما في سكوت.. ولو حطونا في التابوت”.

الحملة الغاضبة ضد الفساد والفاسدين تتصاعد في طول الأردن وعرضه، وتركز على نقطة وجيهة وهي محاولة حل الازمة الاقتصادية على حساب جيب المواطن الفقير المعدم، وليس القطط السمان التي كون بعضها ثروات طائلة جدا من جرائه، أي الفساد.

واذا كانت قوات الامن الأردنية لا تعتبر هذه الاحتجاجات تهديدا خطيرا لامن واستقرار البلاد، بسبب خبرتها ومحدودية عدد المشاركين فيها بالمقارنة مع اقرانهم أيام “هبة” او “حراك” ما يسمى بالربيع العربي قبل ست سنوات تقريبا، فان عملية “الدولة الإسلامية” الهجومية الانتحارية على الجانب العراقي من معبر طريبيل الحدودي، وما الحقته من خسائر عسكرية بشرية، تشكل قلقا امنيا مشروعا لا يجب انكاره والتقليل من أهميته، لانها توحي ان هذا التنظيم الإرهابي بات قريبا من الأردن، وما زال يتمتع بحاضنة قوية في محافظة الانبار المجاورة، وتعتبر المخزون السني في العراق، وربما داخل النسيج الأردني الاجتماعي نفسه، ولعل الهجمات التي شنها في الكرك جنون الأردن قبل اشهر معدودة مؤشرا مهما في هذا الصدد.

اما اذ تحدثنا عن سقوط الطائرة المقاتلة الأردنية فوق نجران المحاذية لحدود اليمن الشمالية، فهي تذكر اولا بسقوط مقاتلة الطيار معاذ الكساسبة التي سقطت في ظروف غامضة، في منطقة تسيطر عليها “الدولة الإسلامية”، مما أدى الى اسر طيارها الشاب واعدامه بطريقة بشعة، وثانيا بوجود دور اردني فاعل ونشط في اطار “عاصفة الحزم”.، وهو دور لا يحظى بتأييد شعبي اردني، بسبب التعاطف الكبير مع اليمن الذي يتعرض لحرب ظالمة، من قبل الدول العربية الغنية.

الأردن يواجه تحديات خطيرة جدا، من معظم دول الجوار ان لم يكن كلها، ففي الشرق هناك “الدولة الإسلامية” التي تواجه حربا لاقتلاعها من الموصل عاصمتها في العراق، وفي الشمال هناك جيش خالد بن الوليد التابع لها، أي “الدولة الإسلامية”، الذي يعزز وجوده في مدينة درعا، وفي الغرب هناك الخطر الإسرائيلي الذي ما زال يسعى من اجل تحويل الأردن الى وطن بديل، ويبتلع أراضي الضفة الغربية بشكل شرس، من خلال عملية استيطان شرهة وممنهجة.

وتكمن الخطورة في ان الأردن يواجه كل هذه التحديات الأمنية والاقتصادية وحده تقريبا، ولا يجد المساعدة المطلوبة من حلفائه العرب او الغربيين في آن.

النقطة المضيئة ربما تكمن في وعي الشعب الأردني بهذه التحديات، ورغبته الاكيدة في منع أي فوضى يمكن ان تؤثر سلبا على استقرار بلاده وامنها، حتى لا تتكرر سيناريوهات سفك الدماء وانهيار الدول ومؤسساتها، مثلما هو حاصل في دول الجوار، وهذه الرغبة الجماهيرية الواعية تستحق تجاوبا عمليا وسريعا من الحكومة تقديرا لها، ولكن المؤشرات محدودة في هذا المضمار حتى الآن، الامر الذي يفاقم من حالة القلق ويرسم صورة تشاؤمية.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى