جدل يتسع في سورية حول عودة المعارضين!

دمشق ــ خاص بوابة الشرق الأوسط الجديدة:
اشتعلت على مواقع التواصل الاجتماعي حوارات ملتهبة حول المرحلة القادمة في سورية، وواحدة من النقاط المتعلقة بها، وهي عودة المعارضين إلى “حضن الوطن” وردود الفعل عليها.
وقد وصل السجال إلى الصحافة في مرحلة أولى، ثم خرجت الصحافة السورية في الأيام الأخيرة وبتوقيت متتابع بحملة واضحة تتعلق بالمعارضين السوريين، وكان يمكن اعتبار هذه الحملة مجرد أصوات ترتفع نتيجة السنوات السبع التي مرت من الحرب لولا أن مقالا نشرته صحيفة البعث للدكتور مهدي دخل الله الذي أصبح عضوا في القيادة القطرية لحزب البعث الذي يشكل أغلبية برلمانية ويتسم الحكم بطابعه بعد دستور 2012، لولا أن ما كتبه اليوم يدفع المسألة إلى تشكيل رأي عالم شبه رسمي يتعلق بالموضوع..

ويرى دخل الله في بداية ساخرة لمقاله أن «حضن الوطن» يبدو وكأنه اتسع واتسع وازداد دفؤه إلى حدود قد لا يتحملها المنطق. وأن «ضرع الوطن» بات يدر من الحليب ما يكفي «للتائبين» المساكين، ويضيف : (( شو خسروا الشباب؟ ما خسروا شي.. إذا ربح أعداء سورية فسيأتون مع سكاكينهم ليذبحونا من الوريد إلى الوريد… وإذا ربحت سورية فسيأتون «تائبين» إلى «حضن الوطن» الدافئ . وكأن شيئاً لم يكن..)).

ويعلن الدكتور مهدي دخل الله صراحة وبمفردات واضحة أن باب الوطن يطرقه اليوم عائدون من استانبول وغيرها من ((ملاجئ الخيانة)) ويضيف: أقولها صراحة، هم يأتون لأن أسيادهم وجدوا فيهم استثماراً خاسراً. ألم «يبصق في وجههم» روبرت فورد عندما وبخهم في اجتماعه معهم ووصفهم بأنهم مجرد فاشلين؟؟.. عندما كان الملايين من الشعب السوري يتألمون ويقاسون، كان هؤلاء ينامون في فنادق استانبول وجنيف وقصور الرياض المريحة بحماية المخابرات المعادية لوطنهم، ويتقاتلون على اقتسام ملايين الدولارات ويظهرون أمام كاميرات الإعلام العالمي «منفوشين» كالديكة.. ”

ويتساءل دخل الله : لماذا تكون حكمة سورية أكبر من حكمة الجميع؟ ولماذا يكون حضنها أكثر دفئاً من أحضان «أوطان» كبرى كروسيا وفرنسا؟ ولماذا يكون ضرعها أكثر إدراراً من ضروع الآخرين؟…”
وقد جاءت مقالة دخل الله تتويجا لكتابات أخرى من بينها افتتاحية الثورة منذ أيام لرئيس تحريرها علي قاسم يرى فيها أن الاندماجات والانشقاقات التي تتكاثر من كل حدب وصوب تحت مسميات وأصناف من التحالفات غير المسبوقة في سباق محموم مع الأحداث أو في محاولة للتأقلم مع الوضع الجديد الذي فرض شروطه السياسية والميدانية، تعيد طرح الأسئلة المؤجلة أو تلك المتعلقة بسياق ما يجري، في وقت يتسابق فيه عتاة المؤدلجين والهاربون من المنابر الإعلامية ومنصاته السياسية التي اكتظّت بهم على مدى سنوات خلت للبحث عن طريق الإياب والبدء برحلة العودة تحت مبررات وذرائع تتلون وتتغير تبعاً للمعطى السياسي، أو وفقاً للمنهج الأكثر تداولاً هذه الأيام، وهي اكتشافهم غير المسبوق بأن هناك من يتآمر وهناك من يخطط للتآمر على الوطن..!!‏

وفي صورة أخرى من صور الكتابة نقرأ للصحفي ديب حسن مقالا بعنوان : من نبض الحدث.. الخائبون في رحلة الإياب … هل يصفح الوطن عن خطاياهم؟ وفيه يعلن: ” لابد من حوار سوري – سوري، واليقظة إن صحت يجب أن تكون أكثر وابعد غورا وقدرة على الفعل، وحصاد ذلك على أرض الواقع ليس بالكلام” ويعلن ديب حسن: “فمن كان يقضي ليله ونهاره في التحريض ويدعو الى المزيد من الخراب والدم، عليه الآن أن يكون في الموقع الذي تقتضيه مصلحة الوطن، ولاعذر لأحد أينما كان ومهما كان، فالميدان السوري الذي انجز النصر، ورسم التحولات وحده القادر على الفرز، وله الكلمة الفصل، وليس في جعبته شيء اسمه ثأر أو انتقام، لكنه يراقب ويعرف كيف يكون الحساب حين يستلزم الامر.

رئيس تحرير صحيفة البعث الدكتور عبد اللطيف عمران استبق مقال دخل الله بمقال عما أسماه ” استراتيجية النزول عن الشجرة” تحدث فيه عن موسم النزول الذي ” سيكون هروباً عشوائياً يترجم الرغبة السريعة في الخلاص من ضحالة الرؤى، والارتجال، وتخبّط الحسابات التي رافقت قرار الصعود المذلّ.” ويقول : ” لم تعد الباصات الخضراء سلّماً كافياً للنزول عن الشجرة، ولا كذلك تناقضات حكام الخليج، ولا تبادل الاتهامات بين تركيا وأوروبا بدعم الإرهاب… لابد من سلّم آخر يدل هؤلاء إلى أين سيذهبون…”

ودون عبارات مباشرة، خلص رئيس تحرير البعث إلى القول :الحل بأن “يسامح الجميع الجميع” كما أكد السيد الرئيس، وهذا السلّم الاستراتيجي يجب ألّا يطول الانتظار للهبوط عليه، بل يُستحسن التسابق نحوه، فلا انتقام ولا شماتة. فالسياسة مصالح لا أحقاد.. وسيتسع صدر سورية بمبادئها وثوابتها ونظامها السياسي لجميع أبنائها وقريباً تنتهي الحرب عليها وتفشل المؤامرة. هذا ماينتظره ويعرفه شعبنا العربي الأبي ..

الحوار حول الموضوع الذي سخّنته الصجافة يصل أيضا إلى الشارع السوري، وما يعكسه من آراء على صفحات الفيس بوك، وثمة تساؤلات تطرح عن ضرورة تحفيز التوجه الجدي للمصالحات في سورية، أو فإن الأفكار الساخنة ستزيد من حدة التناقضات والصراع الذي يسعى الجميع والدولة لإنهائه!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى