جنيف (5) : لكي لا تعود الحرب إلى نقطة الصفر!!

دمشق ــ خاص لبوابة الشرق الأوسط الجديدة

اختفى بريق الحديث عن الحل السياسي سريعا في جنيف 5 ، لم يكن المتوقع أن تقع مثل هذه التحولات في المواقف بعد أن تغيّرت المعطيات في معركة حلب، فتلك المعركة أنتجت الكثير، ثم لايلبث هذا الكثير أن يتراجع الآن.

ذلك يثير أسئلة خطيرة عند السوريين: ترى ما الذي سيجري فيما بعد ؟!

جنيف الآن تقدم الصورة بوضوح، وإذا كان هذا الوضوح ملموسا من قبل، فإنه غدا اليوم أكثر تحديدا، وعندما تسأل عن طبيعة النتائج الأخيرة تكتشف أنها تذهب إلى حد الحسم بأن أحدا لن يتفق مع أحد !

هذه صورة متشائمة يمكن تلمسها من جنيف، وتحديدا من تصريحات من الوفود المشاركة، فالدكتور بشار الجعفري يعلن أن ملف الارهاب هو في الصدارة، وأن الذين يشاركون مع النصرة في الهجمات هم إرهابيين ، وهنا يبرز ((الميدان ، أي الحرب)) كمؤشر أساسي على مايحصل ، فما حصل عشية جنيف 5 في الميدان كان عبارة عن رسائل كان يفترض مرسلوها أن تثمر على الطاولة ، وعلى الطاولة وضع الوفد السوري ملف الارهاب في الصدارة.

وفد الرياض، وعبر كبير المفاوضين فيه محمد صبرا والذي وصفه الجعفري في تصريح سابق أنه إرهابي، يبحث في كل المرجعيات المتعلقة بالحرب في سورية ليصل إلى نتيجة أن المرحلة الانتقالية هي أولا، وعندما يجري الشغل عليها ، يصبح الرئيس بشار الأسد متهما ستتم محاكمته ((بعدالة))، ومن ثم لامانع لدى وفد الرياض من مشاركة أطراف من (النظام) لم تلوث أياديهم بالدماء.

في هذه الحالة : هناك سؤال منطقي : هل يأتي الوفد السوري إلى جنيف من أجل تسليم نفسه ورئيسه لوفد الرياض ؟! لا أحد يجد إجابة ..

ستنتج جنيف 5 في هذه الحالة مجموعة معطيات :

أولها : إلغاء ماتم التوصل إليه في جنيف (4) !
ثانيها : إلغاء ماتم التوصل إليه في أستانة (كل الجولات) !
ثالثها : عودة الحرب ..

لماذا يتم الرهان على عودة الحرب ، هل لأن القاعدة التي اتفق عليها العالم بأن الحوار هو الحل الوحيد لوقف الحرب السورية. هل لأن هذه القاعدة سقطت، وغدت الحرب وحسمها هي الحل؟ وإذا عادت الحرب هل تنتهي ؟ وما الذي استجد لكي يكون مثل هذا الجواب واردا ؟!

المعطيات مهمة ، ومنها معطيات تتعلق بالسياسة الأمريكية غير الواضحة بعد لترامب وبالتالي للتفاهمات الأمريكية السعودية التي جرت وتجري على مستويات محددة ، ومن المعطيات أيضا الاصطدام بالعقدة الايرانية الأمريكية ، والعقدة التركية السورية ، ومن ثم نزول قوات أميركية على الأرض على مقربة من سد الفرات.

إذن هناك رهان على أن كل هذه المعطيات قادرة على محاصرة الرئيس الأسد ، وقد تصل المسألة كما اتضح مما قاله كبير المفاوضين إلى عودة الاجماع الدولي على هذه النقطة، بل ويضيف إن الروس قد يقتربون منها.

هنا هناك معطيات نقيضة ، فلا أحد يعتقد أن الروس يمكن أن يتغيروا، ولا أحد يعتقد أن الايرانيين يمكن أن يتنازلوا، ولايمكن للاوروربيين أن يصدقوا أن خطر الارهاب يزول مع زوال حكم بشار الأسد ومجيء قوى لتحل محله ..

ومن الضروري الانتباه إلى أن السيطرة الحكومية السورية على الأرض تتسع رغم مستجدات حماه ، وهناك من قرأ إنزال القوات الأمريكية على طريق حلب الرقة على أنه إشارة لوقف تقدم القوات الحكومية السورية نحو الرقة بعد وصولها إلى دير حافر..

ثم : إذا نجحت القوات الحكومية ومن معها في توسيع رقعة هيمنة الدولة ، فماذا ستقول على مائدة جنيف ، هناك اعتقاد سائد بأن ما سيقدمه الوفد السوري على الطاولة هو (محاكمة عادلة لأعضاء وفد الرياض ) بمجرد أن تبدأ المرحلة الانتقالية !!

إذن ثمة حاجة لتنازلات ..

وهذه ليست صورة ساخرة للمشهد ، ولكنها صورة تقرأ في تفاصيلها معالم عودة الحرب إلى نقطة الصفر !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى