«حرب لبنان الثالثة»: إسرائيل في مواجهة جيش حزب الله

لن يكون بمقدور تحالفات تل أبيب ـ الرياض هزيمة «المنظمة الإرهابية»، لأنه كما أظهرت التقديرات العسكرية الإسرائيلية الجديدة، صباح اليوم، بات حزب الله جيشاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى!

بناءً على تقديرات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، بات حزب الله جيشاً بكل ما للكلمة من معنى. المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس» العبريّة، عاموس هرئيل، تناول «جيش» حزب الله في تقرير مطوّل، رأى فيه أنّ على إسرائيل تفعيل قوة لم يسبق لها مثيل في الحرب الثالثة مع لبنان، ما يعني قصف البنى التحتية المدنية في المناطق كافة من دون استثناء، بهدف تقليص مدّة الحرب وإيقاف المدّ الصاروخي الذي سيطال كل بقعة في إسرائيل.

عندما تولى أمنون لبيكين ـ شاحاك رئاسة هئية الأركان في الجيش الإسرائيلي، قائداً عملية «الحزام الأمني» في جنوب لبنان، خلص إلى نتيجة واحدة مفادها أنه ينبغي على إسرائيل أن تتعامل مع حزب الله على أنه «تنظيم حرب عصابات»، وليس كـ«خلايا إرهابية».

اليوم، وبعد مرور عقدين من الزمن على هذه الخلاصة، فإن الجيش الإسرائيلي أقرّ بحقيقة أن حزب الله تحول إلى جيش بالكامل، وذلك بناءً على خبرته التي اكتسبها خلال قتاله في سوريا. صحيح أن تقديرات «أمان» (شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية) تتأرجح بشأن تأثير الحرب الدائرة في سوريا منذ خمس سنوات على حزب الله، لا سيما أنه بعد ثلاث سنوات ونصف سنة من قتال الحزب هناك، انتقل من حماية مخازن أسلحته في سوريا، إلى المواقع الأمامية بمشاركة 5000 مقاتل، خسر وفق التقديرات الإسرائيلية «كثيراً منهم»، الأمر الذي «صعّب عليه المعركة السياسية لإقناع الداخل اللبناني بأن الحرب التي يخوضها هي لحماية لبنان».

ومع ذلك، يشير هرئيل إلى أن حزب الله خاض تجربته إلى جانب الضباط الإيرانيين، ومن ثم الروس، وبالتالي رفع من قدراته القتالية. كذلك فإن قادته وعناصره اكتسبوا تجربة عملانية لا تقدّر بثمن، إذ خاضوا أنشطة مشتركة، لأول مرة، مع طائرات، ومروحيات، وطائرات بدون طيار، ومدفعية، ودبابات، وقدرات استخبارية متقدمة.

ويضيف المحلل العسكري أنه رغم أن حزب الله لا يمتلك طائرات أو دبابات، إلا أن الجيش الإسرائيلي بات يتعامل معه على أنه جيش متوسط المستوى يطوّر قدراته باستمرار، ويضم في صفوفه 45 ألف مقاتل، من بينهم 21 ألف مقاتل نظامي، ويمتلك أكثر من 100 ألف صاروخ في ترسانته العسكرية قادرة على ضرب أي هدف في إسرائيل، بينها آلاف الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى، والتي يطوّر دقتها باستمرار.

ولفت هرئيل إلى خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي تناول فيه تَمَكُّن حزب الله من تهريب أنظمة قتالية متطورة من سوريا إلى لبنان، على رأسها صواريخ «أرض ـ أرض» دقيقة، وصواريخ مضادة للطائرات من طراز «SA 22»، وصواريخ «بر ـ بحر» من طراز«P-800 Yakhont». وبالتالي، خلص هرئيل إلى أنه إضافة إلى نجاح حزب الله في امتلاك سلاح نوعي، وإلى جانب التجرية والخبرة التي راكمها في سوريا، فقد بات يملك قدرات مستقلة حتى في مجالات حيوية مثل «قتال الكوماندوز، وتشغيل طائرات من دون طيار، من ضمنها أيضاً طائرات من دون طيار هجومية».

وفي هذا الصدد، أشار المحلل العسكري إلى مقال لأحد ضباط الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، حول النيّات المحتملة لحزب الله في الحرب المقبلة ضد إسرائيل، وخصوصاً السيطرة على الجليل. وقال إن «هجوماً مفاجئاً على طول الحدود بين إسرائيل ولبنان، تحاول فيه وحدات الكوماندوس من حزب الله السيطرة على بلدة أو معسكر صغير، بهدف تحقيق إنجاز معنوي لبدء الحرب، تجد إسرائيل صعوبة في التغلب عليه».

ورأى أن بالإمكان التخمين اليوم أن حزب الله يطمح إلى تطوير قدرات تمكِّنه من شن هجمات على بلدات ومواقع على طول الحدود في بداية الحرب. وأضاف أن هذا الأمر يتيح للحزب أن يشوّش على تحركات الجيش الإسرائيلي على الحدود، ما يصعِّب عملية تجنيد الاحتياط، إلى جانب أن طبيعة الأرض هناك جبلية، ما يعني أنه من الناحية الطوبوغرافية، بإمكان المهاجم الاكتفاء بعنصر المفاجأة والتخلي عن حفر أنفاق هجومية. ورغم أن تقديرات الجيش الإسرائيلي تشير إلى أن حزب الله «غارق في القتال في سوريا»، وأن تقديرات الاستخبارات العسكرية تعطي «أرجحية متوسطة» لاحتمال المبادرة إلى الحرب، إلا أنه طُرح مؤخراً إمكانية اندلاع حرب نتيجة حسابات خاطئة، أو حدث ما على الحدود.

وفي هذا السياق، قال هرئيل إنه «في جميع الأحوال على الجيش الإسرائيلي أن يطلع الجمهور على توقعاته»، لا سيما أن الضباط يدركون أنه في أي حرب مقبلة مع لبنان سيتكبدون خسائر كبيرة ومكلفة، إلى جانب الخسائر الماديّة الجسيمة التي ستتنج من إطلاق حزب الله لصواريخه على كل المناطق، كذلك فإن هذه الحرب ستلزم المستوطنين في المستوطنات الحدودية بترك منازلهم وإفراغها، إضافة إلى الهجمات الصاروخية على مركز إسرائيل، والتي ستكون «أقسى بكثير» من الحروب السابقة، وخصوصاً عدوان تموز 2006.

ورأى المحلل العسكري أن إسرائيل ستضطر في الحرب الثالثة مع لبنان إلى ممارسة قوة لم يسبق لها مثيل، مشيراً إلى أن الغارات الجويّة العنيفة لن تكون كافية، الأمر الذي سيدفع بالجيش الإسرائيلي إلى القيام بعملية بريّة لـ«جباية الثمن» من خسارته أمام حزب الله. كذلك رجّح إمكانية أن تدرس الحكومة الإسرائيلية مسألة مهاجمة البنى التحتية المدنية للبنان، وذلك بهدف تسريع وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل.

وخلص إلى أن الجيش الإسرائيلي سيكون أمام مواجهة غير مسبوقة في أيٍ من حروبه الماضية، معتبراً أنه لهذا السبب بالتحديد على إسرائيل مواصلة الحفاظ على قوة ردعها في المنطقة وبالتالي تحييد الحرب.

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى