ضباب كثيف على صورة المشهد السوري

دمشق ــ خاص بوابة الشرق الأوسط

أعادت هجمات التوما هوك على مطار الشعيرات في حمص وتداعياتها الشعور العام الذي كنا نحسه في سورية إلى اليأس، فقد كانت الحيوية قد دبت في نفوس الكثيرين في الأسابيع الأخيرة رغم خرقي جوبر وتطورات حماه، وخاصة بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه خيار الشعب السوري المتعلق بالمنصب الأول الرئاسي. كانت تلك الحيوية تحمل توقعا بأن يتحرك المشهد السوري تلقائيا باتجاه الحسم بالحوار حتى لو تم تسخين بعض الجبهات، إلا أن الضربة الأمريكية كسرت هذه الحيوية وتشوشت الصورة!

في الأحاديث العامة، لا تبدو المسألة بمثابة رد على ما حصل في خان شيخون، بل تشير إلى أن السعي إلى تغيير المشهد السوري جذريا هو الهدف، وعندها تبدو الاحتمالات مفتوحة نحو الخطر..
إن الإشارات الأولى لتغيير المشهد السوري جاءت من تصريحات انطلقت في جنيف (5)، تعلن أن الأفق مسدود، فوفود المعارضة تصلبت حول الهدف المستحيل المتعلق بالمرحلة الانتقالية والرئيس الأسد، ولم يكن هناك موازين قوى لصالحها، وكان هذا يعني أنه ينبغي انتظار محاولات لتغيير موازين القوى..
وصلت التصريحات إلى سورية مع تفسيرات واضحة لتصنع توقعات تتعلق باللجوء إلى الحرب من جديد..، وعندما وقعت مأساة خان شيخون وسريعا ضُرب مطار الشعيرات ساد يأس مطبق وحدث ما كان متوقعا ..

صدر في سورية بيان ((هام جدا)) بتوقيع ((الحلفاء)) مضمونه تكاتف بين الروس والايرانيين وآخرين مع سورية لمواجهة التحدي الجديد كان البيان (صيغة) و (لغة) جديدا يؤشر إلى الاستعداد للمرحلة الأصعب التي تنتظر سورية والسوريين بكل اتجاهاتهم وتكويناتهم ومشاربهم !
أي ، أن الحرب قد تصل إلى المرحلة الأوسع والأعنف والأشمل ، وربما وهنا مكمن الخطر، ستتحول الحرب من حرب جبهات بين الجيش والمجموعات المسلحة في مختلف مناطق سورية إلى حرب اقليمية مدمرة ستأخذ إلى الجحيم بما تبقى في الدولة السورية وتدفعه باتجاه الفوضى في أبشع أشكالها .

يتنامى هذا الشعور لسبب أساسي، هو أن المكاسرة ستكون على الأرض السورية ، وستدور رحى الحرب على نحو مفزع، وقد اندفعت أوروبا لترد ، رغم أنها أي أوربا طلبت انتظار التحقيق قبل معاقبة روسيا ..
في الساعات الأخيرة تتكثف محصلة القوى المتنابذة في الحصيلة التي ستنتج عن موسكو: مباحثات وزير الخارجية الأمريكي هناك، والرسائل التي يحملها ، وطبيعة الرد الروسي، ثم فيما بعد ما الذي سيجري في مباحثات وزراء خارجية روسيا وسورية وإيران في الساعات التي تليها ..

الحديث الأمريكي واضح وفج : هو ضرب سورية من نوع الضربات المبرحة التي تغير، وعندما يحصل ذلك تنتظر هي أن يؤثر ذلك على إيران وكوريا واليمن والعراق ولبنان ..
هي نوع من التفكير الخطير، نوع من المجازفة باللغة التي يستخدمها الغرب، فمن يعرف ما الذي يمكن أن يحصل بعدها، وهل سيكون قانون الفعل ورد الفعل مهمشا، بمعنى الصمت الروسي والايراني والكوري والصيني ، وحتى السوري وهو مهم هنا لغة محور المقاومة التي قد تشعل جبهات لا تسعى أميركا إلى إشعالها .. ثم ماذا عن الداخل الأمريكي، وماذا سيفعل الارهاب في فصائله المتقهقرة في أكثر من مكان ؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى