عجلات حافلات داعش توقفت.. هل يلعب العبادي بالنار

فجأة ظهر الموقف العراقي الرافض لاتفاق حزب الله مع تنظيم الدولة لنقل عناصر التنظيم من جرود القاع على الحدود السورية اللبنانية إلى منطقة البوكمال على الحدود مع العراق .
الموقف العراقي عبر عنه رئيس الوزارء العبادي في مؤتمر صحفي بطريقة دبلوماسية إلا أن العبادي ليس الوحيد في العراق الذي عبر عن هذا الرفض ، فهناك في العراق من سبقه إلى ذلك وزاد من وتيرة الرفض حتى وصل الانتقاد إلى الإساءة إلى شخص الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله وحزبه . وشهدت مواقع التواصل العراقية حملة شتائم وإهانات وهجوم على خلفية هذا الملف . ما استدعى من السيد نصر الله إصدار بيان رد فيه على المواقف السياسية العراقية ووضح فيه حاجة لبنان للكشف عن مصير العسكريين المختطفين وهو ما كان ليتم لو أن الحزب والجيش السوري اجهزوا على عناصر تنظيم الدولة بعد حصارهم في الجرود .

وعلى هامش هذا التطور المفاجيء يهمنا أن نورد الملاحظات التالية:
أول ما يلفت الانتباه هو اتخاذ الجانب العراقي وسائل الإعلام للتعبير عن موقفه الذي يتلخص في جملة وهي” لماذا سحبتم عناصر التنظيم من حدود لبنان إلى حدودنا ”. هنا يمكن أن نتساءل عن عدم ذهاب العراق إلى القنوات الدبلوماسية المفتوحة مع دمشق ، إذ يتنقل رئيس مجلس الأمن الوطني العراقي “فالح الفياض” بين دمشق وبغداد عند حدوث أي تطور أو الحاجة لأي تنسيق . كما أن القنوات مفتوحة أيضا مع حزب الله .

ثانيا – لماذا تدحرج الموقف الدبلوماسي العراقي إلى حملة ضد حزب الله وأمينه العام تحديدا وبهذا السرعة القياسية خلال أقل من 24 ساعة ؟

ثالثا – لماذا ظهر الموقف السياسي العراقي في منتصف عملية التنفيذ ، وبعد انطلاق الحافلات ووصولها الى مابعد منتصف الطريق علما أن الاتفاق معلن منذ أيام وكل وسائل الإعلام تحدثت عنه وعن بنوده وعن وجهة عناصر داعش إلى البو كمال .

رابعا – الموقف الأمريكي الذي ترك أيضا الاتفاق يمضي إلى مرحلة التنفيذ ثم نفذ غارات تحذيرية لوقف الحافلات التي تنقل عناصر تنظيم داعش ، وهي بالفعل توقفت ومازالت تنتظر .

الملاحظة الخامسة والأخيرة ، وهي عدم انتظار الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله أقل من أربع عشرين ساعة لخطابه يوم الخميس في مدينة بعلبك ليرد على المواقف العراقية وسارع لإصدار بيان مكتوب مساء الأربعاء . هذا ربما يؤشر إلى أهمية التوضيح السريع وخطورة الموقف المفاجيء .

ربما نستطيع الإجابة على ماسبق من تساؤلات بالتحليل ورصد المزيد من الملاحظات .
الثابت في المشهد أن الأمريكيين اختاروا التوقيت بعناية فائقة لإيقاع الحزب وحلفائه في مأزق . إذ لم يعلقوا على الصفقة لإخراج داعش من الحدود السورية اللبنانية ، وتدخلوا في وقت التنفيذ واوقفوا مسير الحافلات .

وهذا يفسر أيضا عدم تعليق الحكومة العراقية على الصفقة حين ابرامها ، واللحاق بالموقف الأمريكي حال إعلانه . ويبدو هذا التصرف الأمريكي مرتبط بسلسلة من السياسات تهدف لخلق المزيد من المشكلات لحزب الله . إذ يتزامن الموقف الأمريكي من صفقة حزب الله بهجمة مركزة على الحزب داخل العراق ، و مع ترتيب إعادة تفعيل قوات اليونيفيل على الحدود مع فلسطين المحتلة ، بناءا على طلب إسرائيلي تبنته بشكل كامل سفيرة واشنطن في الأمم المتحدة “نيكي هيلي” يقضي باعطاء صلاحيات للقوات الدولية لمنع حزب الله من التحرك في قرى الجنوب اللبناني وفق القرار الدولي 1701 الصادر بعد حرب تموز 2006 ، بالإضافة إلى إرتفاع وتيرة الحملات على الحزب من قبل افرقاء في لبنان ووسائل إعلامهم .

أما اختيار الحكومة العراقية للتعبير عن موقفها عبر وسائل الإعلام و ليس القنوات الدبلوماسية ، فهو يعكس مؤشر على أن السيد العبادي يخرج نفسه من مربع التحالف مع محور طهران دمشق حزب الله ، وينأى بالعراق عن هذا المحور ، ويقترب بشكل مفاجيء من الخيارات الأمريكية . وهنا نعتقد أن السيد العبادي يغامر مغامرة كبرى . إذ أن قوى عراقية بدت محرجة من موقف العبادي ، وبعضها بدأ بالفعل انتقاده ولعل الساعات المقبلة ستشهد المزيد من تفاعل هذا الموقف المفاجيء. وقد يهدد هذا وحدة الحكومة العراقية ويلحق الضرر بالداخل العراقي أكثر من أي جهة خارجية أخرى . لا نعرف اذا كانت الخطوط الساخنة التي فتحت ليلا بين عواصم الشأن ستثمر حلا للأزمة وتعيد دوران عجلات الحافلات باتجاه البو كمال أو أي اتجاه آخر . أم أن سياسية اللعب بالنار في الداخل اللبناني والعراقي ستستمر. سنعرف خلال ساعات الإجابة .

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى