لماذا تنازلت واشنطن عن هدف اسقاط نظام الأسد ؟ (انطوان الحايك)

 
انطوان الحايك 

كشف دبلوماسي عربي يعمل في الأمم المتحدة عن تبدلات جوهرية في سلم أولويات الادارة الأميركية بعد سلسلة من التقارير الصادرة عن مراكز عسكرية استراتيجية تنصح أصحاب القرار داخل البيت الابيض باعطاء الأولوية المطلقة لمحاربة الارهاب المتفشي بشكل خطير على الغرب وتقديم هذه الحرب على الأهداف التكتيكية بما فيها اسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يقدم في هذه الأثناء خدمة ثمينة لمشروع مكافحة الارهاب، والذي انطلق في أعقاب عملية تفجيرالبرجين في نيويورك خصوصاً في هذه المرحلة  الحافلة بالعمليات العسكرية النوعية التي ينفذها جيشه ضد قيادات تنظيم "القاعدة" ومتفرعاته في بلاد الشام .
ويذهب معدو التقرير إلى حد توجيه نصائح بالضغط على الدول الممولة للارهاب للحد من عمليات التمويل، التي بلغت في السنتين الاخيرتين حدود غير مسبوقة، جعلت من الارهابيين قوة تكاد تضاهي القوى العظمى من حيث الفاعلية والقدرة على التحكم بالشارع الدولي بعد أن تحول الارهاب إلى حالة متنقلة عابرة لحدود الدول العربية التي انطلقت منها  لتصل إلى منابع النفط التي تشكل حاجة استراتيجية ماسة لاقتصادات الولايات المتحدة التي تعاني بدورها من أزمات مرشحة للتفاعل في حال وصل هؤلاء إلى عمق العواصم الغربية، بيد أن ضبط ايقاعهم سيتحول إلى نوع من المستحيلات في ظل خروجهم عن سيطرة صانعيهم لا سيما بعد المتغيرات والتحولات الدولية والاقليمية والانشغالات الأميركية التي تتعدى الشرق الأوسط والخليج العربي لتصل إلى اسيا الوسطى، ففي غضون الأشهر القليلة المقبلة ستبدأ مرحلة التحضير الفعلي والعملي لانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان ولا بد من التحضير جيداً لهذه الخطة حتى لا يتكرر مشهد الانسحاب من العراق وتداعياته المستمرة حتى الآن.
انطلاقاً من مضمون هذا التقرير ووقعه على أصحاب القرار داخل الادارة، لم يستبعد الدبلوماسي أن يعمد الأميركيون إلى تأجيل انعقاد جنيف2 بانتظار الانتهاء من معارك القلمون وحلب، لا سيما أن تقدم الجيش السوري السريع يعطي الأرجحية لاحتمال تقديم دعم أميركي غير منظور يتمثل بمساعدات استخبارية ومعلوماتية تفيد النظام في معرفة مكامن الخلل لدى الارهابيين، وذلك على اعتبار أن الحسم العسكري يعطي واشنطن المزيد من الدفع باتجاه الخليج العربي، وبالتالي الحافز للجلوس إلى طاولة الحوار الروسية اذا ما جاز التعبير.
في هذا السياق، يؤكد الدبلوماسي أن اسقاط نظام الرئيس الأسد لم يكن مدرجاً من الأساس على جدول الأعمال الأميركي نظراً لعدم وجود بدائل، فكل ما تريده واشنطن هو تقليم أظافر الدولة السورية وتدمير سلاحها الاستراتيجي وهذا تحقق بالفعل، فضلاً عن دفع ايران للجلوس إلى طاولة مفاوضات مع مجموعة الدول الست تحقيقاً لمزيد من الإنفتاح على الخليج الفارسي، وبالتالي فإن الحديث من قبل حلفاء أميركا عن اسقاط النظام السوري لا يقع في مكانه الصحيح لا سيما بعد أن ثبت لديها أنه يحقق جزءاً لا بأس به من المصالح الغربية والتي تشدد على ضرورة الحد من فورة الارهاب التكفيري وحصره في نطاق الدول العربية وعدم تصديره منها خصوصاً أنه بات على أبواب القارة الأوروبية بعدما دخل من الباب التركي الواسع.
ليس بعيداً عن ذلك، يكشف الدبلوماسي عن اتصالات جديدة بين الخارجية الأميركية والدبلوماسية السورية من شأنها أن تضع النقاط على الحروف اذا لم تكن قد وضعتها بعد، فالأكيد أن النظام السوري ما كان ليلجأ إلى الحسم العسكري المصحوب بعنف مدمر يفوق الأعراف، بحسب التعبير، لولا ضوء أخضر دولي ودعم روسي وايراني مباشر، وبالتالي فإن المستقبل القريب يتعلق بما تحمله الجبهات من نتائج آنية ومستقبلية.

الالكترونية اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى