ما الذي يجري في أوساط المعارضة السورية؟ وما هو مستقبلها؟

منيت المعارضة السورية بضربتين من العيار الثقيل في اليومين الماضيين، الأولى تمثلت في عودة السيد نواف البشير المعارض المعروف، وشيخ قبيلة البقار، اكبر القبائل العربية في منطقة الجزيرة، الى دمشق، والثانية تمثلت في التعاطف الكبير الذي حظيت به الإعلامية سميرة مسالمة، من نخبة من الكتاب والسياسيين المعارضين، بعد قرار السيد انس العبدة، رئيس الائتلاف الوطني، احالتها للتحقيق معها ومحاسبتها، وربما طردها من الائتلاف الذي تحتل منصب نائبة رئيسه، لانها وجهت انتقادات حادة في مقالات نشرتها في عدة منابر للائتلاف من بينها اتهامه بالفساد، وعدم الفاعلية، وغياب القيادة الجماعية.

اذا صحت تسريبات صحافية تتحدث عن احتمال انشقاق قيادات أخرى في المعارضة عن هيئاتها والعودة الى دمشق ومصالحة النظام، وإعلان الولاء للرئيس بشار الأسد، فان هذا قد يعكس بداية النهاية لمرحلة معارضة المنفى، خاصة بعد الاستدارة التركية، واستعادة قوات الجيش السوري لكامل مدينة حلب.

لا شك ان عودة الشيخ البشير، وانشقاقه عن المعارضة وعودته الى دمشق، تشكل الهدية الادسم للرئيس الأسد جاءت في توقيت على درجة كبيرة من الأهمية، أي قبل أسبوعين تقريبا من موعد انعقاد مؤتمر الآستانة الذي من المفترض ان يدشن مفاوضات بين وفد الحكومة السورية وعشرة فصائل مسلحة لها وجود على الأرض، ومقربة من السلطات التركية، ولم توجه الدعوة لحضوره لا للائتلاف الوطني، ولا هيئة المفاوضات العليا ومقرها الرياض.

قيمة هذه الهدية لا تنعكس في مكانة الشيخ نواف البشير وضخامة نفوذه في أوساط عشيرته، وانما في التصريحات الخطيرة التي ادلى بها فور وصوله الى مطار دمشق، التي اعترف فيها بأنه بنى موقفه في الانشقاق عن النظام على معلومات خاطئة، ووصف المعارضة بأنها أدوات محكومة لجهات خارجية، واعتبر تسليحها خطأ كبير دقع ثمنه الشعب السوري، وتفوه بكلمات ضد المعارضة وداعميها في تركيا والسعودية وقطر في حديث له مع محطة العالم الإيرانية لا يمكن نشرها في هذه الصحيفة “راي اليوم”، واكد ولاءه المطلق الرئيس الأسد.

نقطة البداية الرئيسية في سيل هذه الانتقادات وحالة الجدل في صفوف المعارضة السورية حول أسباب ما وصلت اليه من تفكك وضعف، تجسدت في الشريط المسرب “عمدا” للقاء جرى مع السيد ميشيل كيلو، الكاتب والسياسي المعارض، ووجه خلاله انتقادات لاذعة للمملكة العربية السعودية الداعم الرئيسي للمعارضة السورية، وقال “ان جماعة السعودية ليس لهم أي حسن وطني، ولا حس تاريخي، ولا عروبي، ولا إسلامي”، واتهمها بأنها “تريد تفشي الفوضى في سورية”، كاشفا انه قال لمسؤول سعودي “ان كل سوري يموت هنا فإنه يوفر موت 5 سعوديين في الحرب القادمة مع ايران”.

عندما تقارن السيدة المسالمة بين النظام والائتلاف الوطني على صعيد مصادرة الحريات، وتقول في مذكرة بعثت بها الى رئيس اللجنة القانونية السيد هيثم المالح انها مستعدة للمثول الى التحقيق لكشف الفساد والفاسدين، وتؤكد ان النظام اقالها من منصبها (رئيسة تحرير تشرين) على خليفة تصريحاتها المساندة للثورة، وحق المواطنين في التعبير، فإن هذا يعني ان الكثير من هيئات المعارضة واحزابها، وفي المنفى خاصة، ضلت الطريق، وتآكل الكثير من مصداقيتها وصفتها التمثيلية، لان الثورة انطلقت من اجل الحريات بالدرجة الأولى، واولها حرية التعبير والنقد والحق في الاختلاف.

العام الجديد، الذي بدأ لتوة، سيشهد مفاجآت عديدة، ربما تكون اكثر أهمية من عودة الشيخ البشير الى دمشق التي أحدثت صدمة في أوساط المعارضة والمعارضين، ولا يمكن انكار الدور الكبير الذي لعبته هزيمة المعارضة المسلحة في حلب، بعد تخلي حلفائها العرب والأتراك عنها في هذا الاطار، وانضمام تركيا الى المعسكر الروسي السوري الإيراني، في تشجيع شخصيات معارضة اما الى الاعتزال، او العودة الى سورية.

من هي الشخصية الثانية التي ستطرق أبواب دمشق وتعقد مؤتمرا صحافيا في مطارها؟

العلم عند الله وحده.. ولكن الانتظار قد لا يطول لمعرفة هويتها.

صحيفة راي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى