مركز أبحاث الأمن القوميّ: اتصالات لبلورة إستراتيجيّةٍ مشتركةٍ لكلٍّ من إسرائيل والأردن وأمريكا في جنوب سوريّة لمنع النفوذ الإيرانيّ وتواجد حزب الله

رأت دراسة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ أنّه بعد القضاء قريبًا على تنظيم “داعش” في سوريّة، سيتمثل الصراع الأساسيّ بين المجهود الأمريكيّ والإيرانيّ، بهدف السيطرة على جنوب سوريّة.

ولفتت إلى أنّ السباق على تصميم الساحة السورية تتصدره في هذه الأيام معركة احتلال الرقة، وإخضاع “داعش” يشمل مجهوديْن استراتيجييْن مركزييْن: الأول تقوده إيران، وفحواه تجهيز القاعدة من أجل جسر بري بسيطرةٍ شيعيةٍ من الشرق إلى الغرب، من إيران عبر العراق لسوريّة وإلى لبنان، من خلال سيطرة الأذرع الإيرانية على نقاط العبور المركزية بين العراق وسوريّة.

في المقابل، الائتلاف الذي تقوده واشنطن يعمل من أجل خلق منطقة عازلة في قلب منطقة الشرق الأوسط من الشمال إلى الجنوب، يعزل الجسر البري الإيراني والنفوذ الإيراني في سوريّة وفي لبنان وفي الأردن وغرب الخليج الفارسي، لافتةً إلى أنّ الغرض من هذا المجهود هو خلق وسط أمني تحت سيطرة حلفاء أمريكا من تركيا في الشمال عبر المنطقة الشرقية من سوريّة وجنوب الأردن، ووصولًا إلى العربية السعودية.

وأشارت إلى أنّ محافل إيرانيّة قالت إنّ انتشار القوات الموالية لإيران على الحدود العراقية السورية الأردنية يُراد منه إحباط مخطط أمريكا لتقسيم سوريّة. وبرأيها، فإنّ طهران تُريد: الدفاع عن هيمنتها في العراق، وعن بقاء نظام الأسد، وعن العمق الاستراتيجيّ الإيرانيّ في الجسر البري من طهران إلى بيروت، تدمير “داعش” على الحدود السورية العراقية، تحييد المخطط الأمريكيّ لتفكيك سوريّة، ومنع السيطرة على شرق سوريّة من قبل القوات المدعومة أمريكيًا.

وبحسب الدراسة، فإنّه في إدارة ترامب يوجد عناصر معادية للغاية لإيران، وتدفع باتجاه توسيع الحرب في سوريّة، من حيث أنّ هناك فرصة لمواجهة إيران في منطقة “مريحة”، تلك العناصر طرحت على ما يبدو فكرة خلق عازل يكون تحت سيطرة أمريكا من الشمال إلى الجنوب في شرق سوريّة والسيطرة عليه من أجل قطع واستيعاب المطامع الإقليمية الإيرانيّة. ولكن وزير الدفاع وقادة الجيش الأمريكي يُعارضون فتح جبهةٍ موسّعةٍ ضدّ إيران ووكلائها في سوريّة، لأنّ ذلك سيعود سلبًا على الجهود للقضاء على “داعش”.

وفي الأثناء، تابعت الدراسة، تسعى إيران بإصرار من أجل التقدم نحو أهدافها، أكثر من لاعبين آخرين بالمنطقة، فهي تدرس حدود التدخل الأمريكيّ دون أيّ قدرة على قياس قوة التزام واشنطن في سباق السيطرة على شرق سوريّة، وعليه فهناك احتمال لحدوث تصعيد بين واشنطن وطهران بسوريّة، والتي قد ينزلق أيضًا إلى العراق.

وأوضحت الدراسة أنّ سباق السيطرة على المناطق في سوريّة يبدو اليوم أنّه منافسة بين إيران وأمريكا على خلق محوريْن نوعًا من التقاطع، المجهود الأمريكي ألعامودي (من الشمال إلى الجنوب) والمجهود الإيرانيّ الأفقيّ (من الشرق إلى الغرب).

وتابعت: يدور الحديث في الواقع عن مرحلةٍ أخرى من مراحل تصميم سوريّة قبيل اليوم الذي يلي “داعش”، إلى الآن كان من الممكن النظر إلى الساحة السورية على أنها لوحة لعب متعددة الأوجه، حيث أيّ تحريك لأي وسيلة لعب تؤثر دفعة واحدة على وضع الأوجه الأخرى، وعليه، المنطقة الجنوبية الغربية من سوريّة، من درعا إلى هضبة الجولان، بقيت خالية لتحركات ونفوذ كلٍّ من إسرائيل والأردن، وعلى كليهما التقدم والعمل قبل أنْ يتأخر الوقت.

ولفتت الدراسة إلى أنّ هناك اتصالات لبلورة إستراتيجيّةٍ مشتركةٍ لكلٍّ من إسرائيل والأردن وأمريكا، الغرض منها منع النفوذ الإيراني وتواجد أذرعها، وسيما حزب الله والميليشيات الشيعية، على الناحية الجنوبية من لوحة “اللعبة السورية”.

بالإضافة إلى أنّه على إسرائيل والأردن أنْ تستعدا قبيل إمكانية أنْ يتسلل مقاتلو “داعش” الهاربين من شمال شرق سوريّة باتجاه الجنوب، وينضموا إلى وكيل “داعش” في مثلث الحدود جنوبي هضبة الجولان. إضافةً إلى ذلك، على إسرائيل أنْ تنسى النفوذ الروسيّ في سوريّة والحاجة إلى التوصل لتفاهماتٍ سريّةٍ، على الأقل مع موسكو، فيما يتعلق بأيّ خطوةٍ بهذا الاتجاه.

ربمّا، اختتمت الدراسة، فهمت روسيا ذلك، ومن أجل ذلك رفع التحالف الموالي للأسد قوّة الهجمات في منطقة درعا خلال الأسبوعين الأخيرين. رغم ذلك تفهم روسيا أنّ إسرائيل لديها القدرة على الإضرار بسوريّة بشكلٍ كبيرٍ، وعليه فإنّها تُفضّل إقامة منظومة تفاهمات مع إسرائيل وتتعاطى بجدية مع مخاوف إسرائيل، على حدّ تعبيرها.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى