مصر لتخفيف الحصار عن غزة … ولو غضِب عباس

طغى التحذير من «واقع الدولة الواحدة على حساب حل الدولتين» على جلسة خاصة نظمتها الكويت وفرنسا والسويد وبوليفيا في مجلس الأمن أمس، في شأن «آفاق حل الدولتين من أجل السلام» بين الفلسطينيين والإسرائيليين. بموازاة ذلك، نددت السلطة الفلسطينية بخطة سلام وصفتها بـ «المنحازة» وروّج لها المبعوثان الأميركيان لعملية السلام جاريد كوشنير وجيسون غرينبلات، من دون أن يكشفا تفاصيلها، خلال جلسة مغلقة في مجلس الأمن الثلثاء.

في غضون ذلك، كشفت مصادر فلسطينية موثوقة لـ «الحياة»، تفاهمات جديدة بين مسؤولين مصريين ووفد حركة «حماس» برئاسة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية الموجود في القاهرة منذ أسبوعين. وأشارت إلى أن مصر قررت خطوات للتخفيف عن غزة، بموافقة إسرائيل، وبالتنسيق مع «حماس»، ولو أغضبت الرئيس محمود عباس. وقالت إن المسؤولين المصريين، الذين استمعوا إلى شرح مفصل من قيادة الحركة عن الأوضاع المأسوية في غزة، قرروا العمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في القطاع، وتخفيف القيود الصارمة على حرية الحركة عبر معبر رفح الحدودي، على رغم الوضع الأمني المعقد والخطير في شبه جزيرة سيناء.

وأوضحت أن مصر ستُصدّر إلى القطاع الكثير من السلع والبضائع في شكل شبه دائم ودوري عبر بوابة صلاح الدين، الواقعة على الشريط الحدودي الفاصل بين القطاع ومصر، والذي تُسيطر عليه الحركة، علماً أن السلطة ترفض إدخال البضائع عبر معبر رفح الذي تسيطر عليه. ويُرجح أن تدُرّ هذه السلع المصرية ملايين الشواقل شهرياً على خزينة غزة، وتُمكن «حماس» من دفع جزء من رواتب موظفيها.

وفي نيويورك، ترأس جلسة مجلس الأمن غير الرسمية، نائب رئيس مجلس الوزراء الكويتي وزير الخارجية خالد الحمد الصباح، بمشاركة السفير الأميركي السابق ريتشارد مورفي ممثلاً عن الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر، والمنسق الخاص السابق للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري، والمفوضة العامة السابقة لوكالة «أونروا» كارين أبو زيد، ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة السابق للشؤون الإنسانية يان إيغلاند.

و أكد الصباح ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية المحتلة، مشيراً إلى «مبادرات إقليمية ودولية اعتمدتها قرارات مجلس الأمن، تُمثل طريقاً واضحاً لا لبس فيه للتوصل إلى هدفنا في إنهاء هذا الاحتلال». وقال إن مآسي الشعب الفلسطيني «تحتّم علينا التحرك الفعلي لوقف النشاط الاستيطاني وفقاً لقرار مجلس الأمن ٢٣٣٤، ورفع الحصار عن قطاع غزة» ومواصلة دعم «أونروا». ودعا إلى «تكثيف وتسريع الجهود الديبلوماسية الدولية والإقليمية الرامية لتنفيذ ما نصت عليه قرارات الأمم المتحدة».

وأكد كارتر في كلمة ألقاها السفير مورفي نيابة عنه، أن حل الدولتين «طغا عليه واقع الدولة الواحدة التي ستكون لها نتائج أليمة على إسرائيل على المدى الطويل، وبالتالي فإن إنشاء دولة فلسطينية مستقلة هو أفضل مصلحة لإسرائيل، وهي يجب أن تقوم على أساس حل قابل للحياة ودائم وعادل على حدود ١٩٦٧ مع تعديلات يتفق عليها والقدس عاصمة لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين».

كما حذر سيري من «الاتجاه الخطير المتزايد نحو واقع الدولة الواحدة» داعياً إلى وقفه، وقال إن إزاحة القدس عن طاولة المفاوضات «تقوض فرص المفاوضات»، مشيداً بموقف الرئيس عباس حيال تعهده أن تكون القدس الشرقية مفتوحة لأتباع الديانات المسيحية والإسلامية واليهودية. ودعا مجلس الأمن إلى مراجعة جدوى اللجنة الرباعية الدولية التي «فشلت في تقديم الحل»، مشيراً أيضاً إلى أن الولايات المتحدة فشلت في إدارة المفاوضات بما يفضي إلى حل سياسي خلال الأعوام الخمسة وعشرين الماضية.

واقترح «توسيع المرجعية الدولية للمفاوضات من دون التخلي عن الدور الأميركي»، كما دعا الاتحاد الأوروبي إلى الاعتراف بدولة فلسطين «تأكيداً لدعمنا حل الدولتين». وقالت أبو زيد إن على الفلسطينيين أن يتمتعوا بكامل الحقوق على غرار بقية شعوب المنطقة، مشددة على ضرورة التزام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، بما فيها قرارات مجلس الأمن المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين، وأكدت ضرورة الاستمرار في دعم «أونروا». كذلك كرر مندوبا فرنسا والسويد التحذير من الاتجاه الخطير نحو واقع الدولة الواحدة، وأكدا ضرورة التمسك بمرجعيات مسار التسوية.

إلى ذلك (أ ف ب)، روى ديبلوماسيون تفاصيل الاجتماع بين أعضاء مجلس الأمن وكوشنير وغرينبلات اللذين طلبا «دعم» المنظمة الدولية خطة سلام أكدا أنها ستنجز قريباً. وقُدم الطلب الذي لم يرفق بأي توضيحات عن مضمون الخطة أو موعد نشرها، خلال الاجتماع المفاجئ المغلق الذي عقده مجلس الأمن الثلثاء، واستمر ساعة، وبدا فيها المبعوثان الأميركيان «ودودين ولطيفين جداً»، على حد وصف مصدر ديبلوماسي. وعقد الاجتماع بعد خطاب نادر لعباس في مجلس الأمن طلب خلاله عقد مؤتمر دولي منتصف عام 2018 يشكل نقطة انطلاق لإنشاء «آلية متعددة الأطراف» من أجل تحريك عملية السلام، ورفض فيه رعاية الولايات المتحدة السلام.

وقال ديبلوماسي إن اجتماع الثلثاء «كان مفيداً، لكن فعلياً كان هناك عدد قليل من العناصر الدقيقة أو الجديدة… لم تُذكر أي تفاصيل عن مهلة تقديم الخطة الأميركية». وأوضح ديبلوماسيون آخرون حضروا الاجتماع أن المسؤوليْن الأميركيين «طلبا دعم الدول الأعضاء في مجلس الأمن» خطتهما المقبلة «عندما يحين وقت» نشرها، وبعد أن «يقرها رئيس الولايات المتحدة».

وقالوا إن السفراء لم يقدموا «فعلاً» أي رد. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤول أميركي قوله إن كوشنير وغرينبلات أكدا أن المقاربة الأميركية «ليست منحازة» لإسرائيل، وأن «خطتهما الشاملة» ستتضمن «أشياء يصعب» قبولها من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.

ورد مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الخارجية نبيل شعث، بالقول إن طلب الولايات المتحدة من مجلس الأمن دعم خطتها للسلام «محاولة فاشلة للترويج لاتفاق منحاز لطرف على حساب آخر». وأضاف لإذاعة «صوت فلسطين» أمس، أن «مجلس الأمن لا يشتري مشاريع ما زالت في الخزانة لم يُفصح عنها إلا بالتسريبات»، متسائلاً: «لماذا يذهب مجلس الأمن إلى مشروع غامض وسبق كشفه بأشكال مختلفة، خصوصاً عقب تبرع (الرئيس) دونالد ترامب بالقدس لإسرائيل وإزالتها من طاولة المفاوضات؟». وأشار إلى أن «القيادة لديها مشروع سلام عُرض على مجلس الأمن، ويحظى بتقدير كبير في العالم».

صحيفة الحياة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى