مصر … وثائق الإخوان المسلمين تفضحهم (1-3) (إعداد: محمد صالح السبتي)

إعداد: محمد صالح السبتي

رفاق البنا للبنا: ‘أخذتك العزة وقربت إليك أهل الفساد ورميت الدعوة في أحضان السياسة وضحيت بأهل الرأي والإخلاص، وعملت على إقصاء المخلصين الواحد تلو الآخر. وأغرقت الدعوة بالسياسة الحزبية’.

هذه السلسلة من المقالات ليست دراسة ولا هي استنتاجاً وتحليلاً عن حقيقة دكتاتورية جماعة الإخوان المسلمين، إنما هي قراءة فقط في ما نشره أحمد السكري من مقالات، والذي كان يشغل منصب وكيل عام الجماعة قبل العام 1947، وفيما نشره غيره من قيادي الإخوان كذلك آنذاك.
وأـحمد السكري هذا مصري الجنسية ولد العام 1901 وتوفي السنة 1993، وشغل أكثر من منصب قيادي في جماعة الإخوان إلى أن وصل إلى منصب الوكيل العام للجماعة وبعدها تم فصله منها بقرار من حسن البنا على أثر خلاف بينهما. ثم قام بنشر عدة مقالات في صحيفة "الوفد" المصرية ما بين عامي 1947 – 1948.
إن قراءة هذه المقالات تبين أن جماعة الإخوان المسلمين تمارس الدكتاتورية بأعنف صورها داخل تنظيمها الحزبي؛ وتمارسه أيضاً مع غيرها ممن لا يؤمن بفكرها ومنهجها، وأنها لا تؤمن بالرأي الآخر مطلقاً مهما ادعى تمسكه بتعاليم الإسلام والرغبة في الحريات، وكل ما نشاهده اليوم من تمسك هذا الحزب بدعوى الحريات والديمقراطية والرغبة في الإصلاح ما هو إلا وسيلة لتحقيق الغاية المنشودة، وهي السيطرة على الحكم ومن ثم تحقيق الدكتاتورية التي كانوا ومازالوا يمارسونها.
قلنا بداية أن حسن البنا فصل أحمد السكري من جماعة الإخوان المسلمين لخلاف وقع بينهما؛ وعلى أثر هذا وجه السكري رساله للبنا اعتراضاً منه على قرار الفصل، ونشرت في صحيفة حزب الوفد، وكذلك فعل مصطفى نعينع (مندوب قسم نشر الدعوه بالمركز العام للإخوان ). انظروا ماذا يقول نعينع في مقالته الأولى، المنشورة 19/11/1947 في جريدة حزب الوفد:
"حضرة الأستاذ المحترم الشيخ حسن البنا، فلا شك أننا تعلمنا الإسلام معاً تحت لواء دعوة رسول الله وعلمناه للناس، وباسم القرآن الذي ندعوا إليه بصفتي جندياً من جنوده، لقد طلعت علينا جريدة الإخوان تحمل نبأ فصلي من دعوتي التي ربيت فيها ونشأت لها، هذا الفصل الأبتر، وإنني أتحداكم بعد أن أكلتم لحمي أمام إخواني أن تذكروا لهذا الإجراء مبرراً يقتنع به ذوو الألباب اللهم إلا إني وقفت منكم موقف المستفسر المتسائل وسط هذه الأجواء والأعاصير فلم يكن جوابكم إلا الغموض، ثم فصلي من دعوتي".
ويكمل نعينع فيقول في مقاله الموجه إلى حسن البنا:
"لقد سألتك عن هذا السيف المسلط الذي تسلونه على قوم تجمعوا لله وجاهدوا في سبيله، لتقطع حبل الله المتين، سألتك لِمِ أبعدتْ الأستاذ حسين عبدالرزاق؟ ولم أبعدتْ الوكيل الثاني للإخوان الدكتور إبراهيم حسن وهو النقي النزيه؟ ولم أبعدتْ الأستاذ أمين مرعي وغيرهم من الأحرار المخلصين؟ وأخيراً لم قطعت يمينك وفصلت أخاك وزميلك في الدعوة من يومها الأول الأستاذ المجاهد أحمد السكري؟ وماذا تقول في الحق الذي يتردد على أفواه الناس من أن فصل الأستاذ السكري كان نتيجة مساومات سياسيه خطيره؟ إذ أن مجرد اختلافه معكم في شؤون الدعوة لا يقضيكم أن تفصلوا ساعدها الأيمن ورجلها الأمين البار لا سيما إذا وضح الحق بجانبه وطالبكم بالتحكم فوليت وأدبرت".
ثم يكمل نعينع رسالته فيقول:
"كلنا يعرف خلافه (يقصد السكري) معك خصوصاً في إقدامك تشكيل اللجنة السياسية المعروفة من رجال الأحزاب. وخلافه معك في انسياقك التام في ركاب حكومة النقراشي. وخلافه معك في وجوب تطهير الدعوة ممن حامت حولهم الشبهات، وها هي البراهين الدامغة تثبت ما ارتكبه عبدالحكيم عابدين (أحد قيادي الإخوان وصهر البنا) من آثام اعترف بها واعترفت أنت بها. وواجب مكتب الإرشاد فصله وبعد ذلك أبقيته لسر لا نعلمه وضحيت برجال الدعوة الأخيار. هل هذه هي الأمانة، وهل هذا هو الدين الخالص والخلق الذي تدعوا الناس إليه؟ وهل اعتراضنا على هذه المآسي الأليمة واعتراضنا على موالاة الفجار والتنكيل بالأحرار، واعتراضنا على الدكتاتورية البغضية، كل ذلك يجازي صاحبه بالفصل دون محاكمه ولا تحكيم؟ وأخيراً أعلنها كلمة مدوية إنني لا أبهه بقرارك، وسأسير مع إخواني الأطهار الذين أبت دكتاتوريتك إلا تشرفني باللحاق بهم".
وهذه مقتطفات من رساله أحمد السكري إلى حسن البنا المنشورة في جريدة "صوت الأمة المصرية" بتاريخ 10 / 11 / 1947:
"لا أكتمك الحق، ما كنت أتصور يوماً من الأيام أن يبلغ بك الأمر فيطاوعك قلبك وضميرك؛ وتطاوعك العاطفة التي دامت بيننا 27 سنة، وتنسى كل ذلك لتفصلني، وكأنك شعرت الآن بما أنت عليه من صيت زائل وعز الدنيا وإقبال أهلها عليك، وما ظننت أنك تبطش بأخيك، الذي عاش معك أكثر من ربع قرن عرفتك يافعاً لم تتجاوز الـ 14 من عمرك، وكنت أنا في سن الـ 20 آثرتك على نفسي وبايعتك على الرياسة، وطلبت من الناس أن يبايعوك، فلما أقبلت الدنيا عليك لقيت منك جزاء سنمار ثم تماديت باطلاق ألسنة السوء في الأقاليم لتشويه سمعتي، والحط من كرامتي زوراً وبهتاناً (استبداد)، أما أنك تستبد وحدك بالأمر وتنزع ممن حضر من إخوان الهيئة التأسيسية تفويضاً بإقصاء من تشاء، وفصل من تشاء، دون تمكين من تتهمه من إبداء رأيه والدفاع عن نفسه، فإن هذه دكتاتورية يأبها الإسلام وتأبها الشرائع والقوانين".
"أخذتك العزة وقربت إليك أهل الفساد ورميت الدعوة في أحضان السياسة وضحيت بأهل الرأي والإخلاص، وعملت على إقصاء المخلصين الواحد تلو الآخر. وأغرقت الدعوة بالسياسة الحزبية إغراقاً تاماً. وتقلبك في هذه السياسة، حتى وصلت الدعوة من الانحطاط عقب تولي صدقي باشا الحكم، وشاعت الإشاعات باتصالك بفئه من رجال السياسة ومساومتهم لك على إخراجي من الدعوة وقد اعترفت لي بذلك، ثم اكتشافي عن طريق الصدفة لاتصالك ببعض الشخصيات الأجنبية وهالني ما عرفت، وبدأت تنفيذ المؤامرة بقرار فصلي وباقي الإخوان، وكان كل عذرك ما أسميته: تمرداً على القيادة. وبعد ذلك يا أخي أسفرت وكشفت القناع متمادياً بالدعوة في الانزلاق السياسي، فأبعدتني عن الدعوة وأنت أولى بالإبعاد، وتفصل ابنها الأول وأنت أولى أن تخلع عنك رداءها، إن كنت من المنصفين".
تعليقنا على ما ورد أن هذه الجماعة التي تنادي اليوم بالديمقراطية، وتزعم أنها تنادي بالحريات، بزعم أنها مفقودة، هي ذاتها تمارس الدكتاتورية، داخل تنظيمها بل تمارس القمع أيضاً، وقد استبان من مقالات قادتها كيف مورست ضدهم هذه الدكتاتورية مع ملاحظة أن هذه الجماعة لم تكن صاحبة سلطة! فيا ترى كيف الحال لو تسلمت سلطة في أية بلاد! ما عساها فاعله بالشعوب!

ميدل ايست أونلاين

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى