موسكو: مجالس «التحالف» المحلية خطوة نحو التقسيم

تتحرك واشنطن بفعالية كبيرة في أروقة جنيف، تزامناً مع انعقاد الجولة الثامنة من المحادثات السورية. وتشير المعطيات إلى أنها تحاول ضمان تمثيل حلفائها على الأرض، «قوات سوريا الديموقراطية»، على طاولة «التسوية السياسية». وفي المقابل، صعّدت موسكو من لهجتها تجاه الولايات المتحدة، محذرة من أن الهيئات المحليةالتي تدعمها تهدد بتقسيم سوريا

لم يخرج اليوم الثاني لجولة محادثات جنيف الحالية، والأول بحضور الوفدين الحكومي والمعارض، عن إطار المتوقع، والتزم الوفدان باللقاءات المجدولة من دون أي تصعيد إعلامي لافت. وقد يكون الخبر الأبرز الذي تسرّب من أروقة المحادثات هو طلب الموفد الأميركي ومساعد وزير الخارجية، ديفيد ساترفيلد، من الوفد المعارض، في اجتماع أول من أمس، العمل على قبول ممثلين عن «مجلس سوريا الديموقراطية» بصفته الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديموقراطية»، ضمن الوفد الموحّد الذي خرج عن اجتماع «الرياض 2».

الطلب الأميركي ليس غريباً في هذه المرحلة، فواشنطن تُعِدّ المجالس المحلية في المناطق التي تم «تحريرها» من «داعش» في شمالي سوريا وشرقيها، لمرحلة ما بعد الحرب، واستعداداً للمشاركة في «التسوية السياسية» التي أعلنت الولايات المتحدة أنها تراها ضمن مسار «جنيف». وهي رعت التقارب بين «قسد»، بكامل مكوّناتها، والراعي السعودي للمعارضة ووفدها الموحّد. وتجلى ذلك في الزيارة الشهيرة لوزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان إلى محافظة الرقة، بصحبة المبعوث الأميركي إلى «التحالف الدولي» بريت ماكغورك.

وهنا يجب الإشارة إلى ما نقلته صحيفة «يني شفق» التركية في تموز الماضي، عن مصدر في «الائتلاف» المعارض، إذ قال الأخير إن ماكغورك يعمل مع المخابرات السعودية والأميركية لنقل «الائتلاف» من إسطنبول إلى الرقة، واندماجه مع المجالس المحلية هناك. ولفتت إلى أن لقاءات استضافتها القاهرة، بحثت مع المنسّق العام السابق لـ«هيئة التفاوض العليا» رياض حجاب هذا الطرح. كذلك سبق أن صرّح عدة مسؤولين أكراد بأنهم تلقّوا ضمانات أميركية بحضورهم على طاولة المحادثات «حين استحقاق التسوية النهائية».

وحول الطرح الأميركي، لفت عضو «هيئة التفاوض العليا» الموحدة، أحمد رمضان، إلى أن «الأكراد مكوّن أساسيّ من مكوّنات الشعب السوري، وهم ممثلون في مؤتمر الرياض، والوفد المفاوض». ورأى أن «إثارة القضية أمر غير مناسب، وتؤدي إلى خدمة النظام أكثر من خدمة العملية السياسية، ونحن لسنا مع تمثيل (حزب الاتحاد الديموقراطي)، فهو لديه سجل مقلق ومرعب في انتهاكات حقوق الإنسان، وارتكاب جرائم حرب، ولا تنسجم مع أجندة الثورة السورية».

ويأتي هذا الطرح في وقت حساس في منطقة الشمال السوري، مع ارتفاع حدة التوتر بين تركيا و«وحدات حماية الشعب» الكردية في محيط عفرين، خاصة بعد اتهام الجيش التركي «الوحدات» بمهاجمة نقاط المراقبة التي سبق أن أنشأها في ريف حلب الغربي، ونقاطه من جانب لواء إسكندرون. ومن المؤكد أن هذا التوجه الأميركي سيدفع بأنقرة أكثر نحو حلفها الثنائي مع روسيا وإيران، خاصة أن مطلب مشاركة الأكراد وشركائهم في شمال وشرق سوريا في جنيف، الذي حملته موسكو لسنوات، قد دخل الخطاب الأميركي اليوم، فيما تركز موسكو أكثر على تحجيم دور المعارضة الرافضة للحل السياسي في الوفد المعارض.

وفي تطور لافت موازٍ، نقلت عدة وسائل إعلام روسية عن سفير موسكو لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، اتهامه «التحالف الدولي» الذي تقوده الولايات المتحدة بمحاولة تقسيم سوريا، عبر إقامة هيئات حكم محلية في مناطق انتزعت من أيدي «داعش». واعترض على قيام «التحالف» ببحث «إجراءات لإنعاش الاقتصاد مع تلك الهيئات الجديدة وليس مع الحكومة السورية».

المشاركة الروسية الفاعلة دفعت برئيس الوفد المعارض إلى جنيف، نصر الحريري، إلى مطالبتها مع دول أخرى بأن تمارس ضغوطاً على الرئيس بشار الأسد «للاستمرار في التفاوض على حلّ سياسي خلال ستة أشهر، كما ينص (قرار مجلس الأمن الدولي) رقم 2254»، معتبراً في حديث إلى وكالة «رويترز» أن «الحديث فقط عن انتقال سياسي دون أيّ تقدم، سيفقدنا ثقتنا بالعملية، وشعبنا سيفقد ثقته بنا وبالعملية نفسها». ولفت إلى أن المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا يعتزم تمديد الجولة الحالية حتى 15 كانون الأول المقبل، غير أن هذه النقطة قد لا تلقى موافقة من الوفد الحكومي، وفق ما تنقل مصادر متابعة للمحادثات.

وفي جنيف، عقد الوفد الحكومي أمس اجتماعاً تحضيرياً مع المبعوث الأممي، من دون أن يخرج عنه أي تصريحات صحافية. وقال دي ميستورا عقب اللقاء إنه سيجري اجتماعاً رسمياً، وإنه يفكّر في متابعة اللقاءات حتى الأسبوع المقبل. ولفت إلى أن «أيّ طرف يعتزم المغادرة لإجراء مشاورات نهاية الأسبوع، فإن له الحرية المطلقة للقيام بذلك».

صحيفة الاخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى