نتنياهو يبتّز عبّاس

تعمل إسرائيل في اتجاهين مُتناسقين لتحقيق مصالحها الأمنيّة والسياسيّة في كلّ ما يتعلّق بقطاع غزّة: فمن جهة تضغط حكومة بنيامين نتنياهو على رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عبّاس، لدفع رواتب مُوظفي غزّة لمنع كارثةٍ إنسانيّةٍ في القطاع، والهدف الثاني، يكمن في أنّ احتدام الأزمة الإنسانيّة في القطاع قد يقود إلى حربٍ جديدةٍ مع حماس باقي الفصائل الفلسطينيّة، علمًا أنّ إسرائيل تُشدّد على أنّها ليست معنيّةً في مُواجعةٍ عسكريّةٍ جديدةٍ في قطاع غزّة.

وفي هذا السياق أفاد موقع “كان” العبريّ، التابع لهيئة البثّ الإسرائيليّة شبه الرسميّة، أفاد أنّه في ظلّ حجب السلطة الفلسطينيّة الرواتب لمدة 3 شهورٍ متتاليةٍ تفاقمت الأزمة الإنسانيّة في القطاع، مُضيفًا، نقلاً عن مصادر سياسيّةٍ وأمنيّةٍ وصفها بأنّها رفيعة المُستوى، أنّ الهدف من الضغط الإسرائيليّ يعود إلى تخوف إسرائيل من زيادة التدهور الاقتصادي في غزة، مما سيحدث توترًا أمنيًا، وسيؤدي لمزيد من الضغط الأمنيّ على إسرائيل، على حدّ تعبير المصادر.

وساق الموقع العبريّ قائلاً إنّ كيان الاحتلال سيضغط على رئيس السلطة الفلسطينيّة عبّاس لصرف رواتب موظفي القطاع، وأنّه في حال رفض ذلك فإنّها ستخصمها من الأموال المُحولّة للسلطة الفلسطينية وتقوم بتحويلها لقطاع غزة، كما أكّدت المصادر عينها للموقع العبريّ.

وكشف الموقع النقاب أيضًا عن أنّ الدولة العبريّة قامت بإيصال رسالةٍ بواسطة جهةٍ ثالثةٍ إلى رئيس السلطة الفلسطينيّة، جاء فيها، بحسب المصادر في تل أبيب، أنّ إجراءات عدم دفع وتحويل الرواتب للموظفين من شأنه أنْ يؤدّي إلى تعميق وترسيخ المأساة، بالإضافة إلى أنّ ذلك قد يقود إلى تسريع المواجهة العسكرية بين جيش الاحتلال الإسرائيليّ وفصائل المقاومة، وفي مُقدّمتها حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس).
ومن الجدير بالذكر أنّ نيكولاي ملادينوف المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، كان قد قال إنّ رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة لم تدفع، موضحًا أنّ هذا قد يؤدي إلى تفجر الأوضاع في القطاع، بحسب تعبيره.

وشدّدّ ملادينوف في كلمةٍ له خلال جلسة مجلس الأمن حول التطورات في الأراضي الفلسطينية عُقدت يوم الأربعاء، على أنّه يجب التوصل إلى إستراتيجيّةٍ طويلة الأمد في غزة، وإنهاء دائرة العنف، داعيًا في الوقت نفسه جميع الأطراف إلى ضبط النفس ومنع نشوب حربٍ جديدةٍ، على حدّ قوله.

على صلةٍ بما سلف، اندلع حريقان في مستوطنتين مقامتين على أراضي المواطنين الفلسطينيين بمنطقتين مختلفتين بغلاف قطاع غزة بفعل طائرات ورقية حارقة. وشبت النيران في ساعات الصباح في حقولٍ زراعيّةٍ إسرائيليّةٍ بمنطقة مستوطنة “بئيري” المقامة على الأراضي المحتلة شرق مخيم البريج وسط القطاع، وهي ليست المرة الأولى التي تندلع فيها الحرائق في حقول تلك المنطقة بفعل الطائرات الحارقة.

ومن الجدير بالذكر أنّ الشبان الفلسطينيين يقومون بشكل شبه يوميٍّ بـ”إطلاق” طائراتٍ ورقيّةٍ مثبت عليها عبوات حارقة باتجاه الأراضي المحتلة شرق القطاع، وتكبّد هذه الطائرات الورقية التي تصنع بأدواتٍ بسيطةٍ الاحتلال خسائر مادية.
واستخدم الشبان خلال فعاليات المسيرة وسائل متعددة للتشويش على قناصة الاحتلال، كحرق الإطارات المطاطية، ووسائل أخرى لإحداث خسائر مادية للاحتلال، كالطائرات الورقية الحارقة، ردًا على قتله أكثر من 112 فلسطينيًا أعزل خلال نحو شهر ونصف.

وكشفت مصادر إعلامية عبرية، النقاب، عن أنّ الطائرات الورقية التي يرسلها فلسطينيون من قطاع غزة باتجاه أهداف لجيش الاحتلال والمستوطنات، أدّت إلى وقوع خسائر جسيمةٍ في ممتلكات المستوطنات المقامة على أراضي المواطنين الفلسطينيين.

وقالت صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية إنّه منذ ثلاثة أسابيع، يتّم إرسال الطائرات الورقية المحترقة من جهة غزة إلى إسرائيل، وقد تمكّنت بالفعل من إحراق وتدمير مئات الدونمات، مُضيفةً إنّ سكان غزة يقومون بإطلاق الطائرات الورقية، بشكل رئيسي، في فترة ما بعد الظهيرة، عندما تهب الرياح من الغرب، وتسبب حرائق في المناطق الزراعية ومنشآت الجيش.

وأكّدت الصحيفة أنّه تم حتى الآن، أحرقت الطائرات عشرات الدونمات من أراضي “دائرة أراضي إسرائيل”، وألحقت أضرارًا بغابات مسوطنتي “بئيري” و”كيسوفيم”، مُشيرةً إلى كارثة وقعت في مستوطنية كيسوفيم، حيث تم حرق مستودع للقش وحوالي 1000 طن من الحبوب، وتقدر الخسائر بنحو مليون شيكل على الأقل (300 ألف دولار) يعتقد انه بسبب طائرة ورقية.

وقالت “يديعوت أحرونوت” إنّ المستوطنين في غلاف غزة بدأوا بحصد حقول القمح بعد أنْ فهموا بأنهم إذا لم يسارعوا إلى ذلك، فلن يتبقى لديهم ما يحصدونه، بعد أنْ تم إحراق مئات الدونمات، مُضيفةَ أنّه تمّ أيضًا إحراق أكثر من 200 دونم من الغابات ناهيك عن الأراضي المفتوحة، بل وصل قسم من الطائرات الورقية إلى داخل مستوطنات غلاف غزة.

صحيفة رأي اليوم الألكرونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى