هل بات مؤتمر جنيف 2 معلقاً على مفاوضات الملف النووي الإيراني؟ (أنطوان الحايك)

 

أنطوان الحايك 

انخفض مستوى الاهتمام بالأزمة السورية خلال الأيام القليلة الماضية مفسحًا في المجال أمام الاعلام العالمي لتسليط الضوء على التقارب الأميركي الإيراني من باب التلميح إلى عودة المفاوضات السرية بين طهران من جهة ومجموعة الدول الستة من جهة ثانية، وذلك في ظل موقف لافت أطلقه مرشد الثورة الايرانية وصاحب القرار المؤثر السيد علي خامنئي أعلن فيه ثقته بأداء الحكومة الايرانية ودبلوماسيتها، وإن كان اعتبر أنّ بعض الأمور "لم تكن في محلّها"، في إشارة إلى الاتصال الذي رصد بين الرئيس حسن روحاني ونظيره الأميركي باراك اوباما باعتبار واشنطن دولة لا تحترم التزاماتها ومشكوك بصدقيتها.
في هذا الوقت، ترجح الدبلوماسية الغربية أن يكون مؤتمر جنيف 2 عالقا بين المحادثات المستمرة بين طهران وواشنطن خصوصا بعد أن حسم التفاهم الروسي الاميركي مشاركة ايران كلاعب اساسي وليس كشاهد زور على عكس ما هو الحال بالنسبة لبعض الدول الداعمة للمعارضة السورية المسلحة، وبالتالي فإنّ موضوع المقايضات يصبح مشروعا في ظل دبلوماسية محنكة أثبتت جدارتها في الكثير من المحطات التي مرت بها. فالرئيس الايراني الجديد الذي وصل الى الحكم تحت شعار الاصلاح لم يلغ زيارته الى المملكة العربية السعودية الا لهذا السبب، اي انتظار المفاوضات مع الغرب بشأن لملف النووي والثمن السياسي الذي قد ستقبضه ايران لقاء تنازلات او توضيحات اذا ما جاز التعبير. وبالتالي فان ذلك لن يكون سوى على مستوى دورها الريادي في الخليج بحسب التعبير، ما يعني ان طهران لا تبدو مستعجلة للقاء المفاوض السعودي او الحوار معه على توزيع الادوار واقتسام النفوذ.
في المقابل، يبرز الاهتمام الغربي بانهاء التوتر مع ايران باعتبارها الدولة القوية القادرة على لعب دور شرطي الخليج وتأمين الامن الاستراتيجي على تخوم مضيق هرمز وهو الممر الالزامي والحيوي لحاملات النفط العابرة الى البحر الاحمر ومنه الى اوروبا واميركا لاسيما في هذه المرحلة الحرجة بالنسبة لاقتصادات دول الحلف الاطلسي ولدول اليورو الهش الذي لا يحتمل أيّ صدمة، بل على العكس تماما فانه دخل الى غرفة العناية المشددة في اعقاب ازمة الموازنة الاميركية التي هي نتيجة لسياسات خارجية مكلفة وغير مجدية دفعت بالادارة الى اعادة النظر في مجمل مواقفها وسياساتها تجاه ايران والدول العربية.
الى ذلك برز الموقف السوري الداعي الى مؤتمر جنيف من دون شروط مسبقة وان كان قد النظام قد اشترط عدم جلوسه الى الطاولة مع التنظيمات الارهابية والمعني هنا جبهة النصرة وتوابعها، خصوصا بعد زوال الضغوط الخارجية عنه واستعادته لزمام المبادرة العسكرية. غير أنّ ذلك لا يمنع بحسب الدبلوماسية الغربية اشتداد المواجهات بين اطياف المعارضة السورية من جهة وبينها وداعش من جهة ثانية وهذا هو الرهان السوري الايراني الجديد باعتباره يشكل المدخل الصحيح لضرب الدول الداعمة لهم والحد من قدرتها على الضغط باتجاه الملفات السورية والايرانية، فالمملكة السعودية  لم تعد تسعى الى دور ريادي بقدر ما تعمل على اخراج نفسها من الدوامة العربية والاسلامية التي بدأت ترتد عليها سلبا والاحراج الذي تعانية الحكومة التركية لا يقل اهمية بعد ان تحرك الارهاب على حدودها وبات يشكل خطرا حقيقيا عليها اضافة الى انشغالها بالملف الكردي بحيث يشكل الوضع وفق معطياته الحالية الظرف الاكثر ملاءمة لايران للاستفادة الى اقصى الحدود من الارباك السائد للحصول على الشروط الافضل.

الالكترونية اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى