هل تعود إسرائيل العدو الأول؟ (الياس سحّاب)

 

الياس سحّاب

يبدو أن ظروفا قدرية تجمع بين علاقة دول الخليج العربي بإيران من جهة، وعلاقتها بإسرائيل من جهة ثانية. ذلك أن تزامناً غريباً قد جمع بين ظهور مؤشرات هامة في الاتجاه الأول، والاتجاه الثاني:
1- ففي مجال العلاقات بين دول الخليج وايران، بدأت تتراكم مؤشرات إيجابية، من الواضح أنها مرشحة لتسجيل علامات تقدم إيجابي كبير في هذا المجال، ومن هذه المؤشرات، بروز احتمالات قيام وزير الخارجية الايراني بزيارة قريبة الى المملكة العربية السعودية، بناء على دعوة رسمية وعلنية.
وثاني هذه المؤشرات، وأهمها، قيام أمير دولة الكويت، الشيخ صباح الاحمد الصباح، بزيارة تاريخية لطهران، غرضها المعلن هو إحداث تطورات إيجابية بين الدولتين، اولا، تمهيدا لتطوير علاقات ايران بدول الخليج، وفي مقدمتها الرياض.
2- أما من جهة العلاقات القائمة والخفية والصامتة، بين دول الخليج من جهة واسرائيل من جهة ثانية، فقد نطقت هذه العلاقات بصوت شديد الارتفاع وشديد الصراحة، على لسان وزير خارجية اسرائيل الوقح افيغدور ليبرمان، الذي أعلن في إحدى محاضراته العلنية انه سئم من العلاقات السرية بين اسرائيل وبعض «الدول العربية المعتدلة». وان هذه الدول تعامل اسرائيل معاملة العشيقة، التي يتمتع بها الجميع، ولا يعترف بالعلاقة بها أحد.
أبرز ما في التزامن الغريب بين هذه المؤشرات انها كاملة التناقض، وان أي تقدم إيجابي يسجله أحدها، سيؤدي الى تراجع سلبي مؤكد في الثاني. والعكس صحيح.
لنتوقف أولا أمام المؤشرات التي نتمنى ان تكون لها الغلبة، وفي وقت قريب: مسألة احتمالات تطور علاقات الدول الخليجية بطهران.
ان أخطر ما في مشاعر العداء التي تسيطر على هذه العلاقات منذ سنوات طويلة، أنها أصبحت تتلازم مع تخفيف مشاعر العداء مع اسرائيل. الى درجة أن العدو الأول لدول الخليج العربي عموما، لم تعد اسرائيل، بل ايران. مع ما يسجله هذا الواقع من خطر داخلي على الدول العربية، من محيطها الى خليجها، لأنه يشكل سببا واضحا في الاستمرار بإذكاء نيران الفتنة السنية ـ الشيعية المفتعلة في صميم داخل المنطقة العربية برمّتها، مع ما تحمله هذه الفتنة من بذور التناحر الداخلي الى درجة التفكك.
لا تتسع هذه العجالة الصحافية القصيرة لفتح الملفات العالقة بين بعض الدول العربية من جهة، وايران من جهة ثانية. وليس المطلوب هو الوصول السريع الى حل كامل لكل هذه الملفات دفعة واحدة. بل المطلوب هدف أبسط من ذلك بكثير، وأسهل وأقرب منالا: المطلوب هو إعادة العلاقات بين كل الدول العربية (وخاصة الخليجية) وإيران، الى علاقات ثابتة مع قوة إقليمية صديقة، من المؤكد أن مجالات المصالح المشتركة بين العرب وبينها، أوسع بكثير من مجالات المصالح المتناقضة الى درجة العداء.
وايران قبل كل شيء، وبعد كل شيء، هي دولة طبيعية في المنطقة منذ أقدم العصور، وجارة للعرب منذ أقدم العصور، أما اسرائيل فهي كيان مصطنع منذ سنوات قليلة، في مشروع استعماري صريح لتفكيك الوطن العربي، وضرب كل احتمالات تقدمه وتماسكه.
المطلوب أن تعود اسرائيل الى موقع العدو الاول، بل العدو الاوحد للعرب جميعا، وفي مقدمتهم دول الخليج العربي، وهو أمر سنكتشف عندما يتم أنه سيعيد التوازن والازدهار الى العلاقات الخارجية للدول العربية كلها، وفي مقدمتها دول الخليج العربي.

صحيفة السفير اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى