الدراما السوريّة خارج سلطة النجم الأوحد

يجري التّعريف عن مسلسل «العرّاف» (نصّ يوسف معاطي/ إخراج رامي إمام)، في أسواق الإعلان والتّرويج، على أنّه «مسلسل عادل إمام». وضمن السّياق ذاته، تتعامل المحطّات العارضة مع مسلسل «الخواجة عبد القادر» (نصّ عبد الرّحيم كمال/ إخراج شادي الفخراني) على أنّه «مسلسل يحيى الفخراني متجاهلةً بذلك حضور الممثلة السوريّة سلافة معمار في شارة العمل.

ينسحب الأمر على نجوم الجيل الشاب في «المحروسة». هكذا تجري الإشارة إلى مسلسل «سجن النسا» (نصّ مريم نعوم/ إخراج كاملة أبو ذكرى) على أنّه «مسلسل نيللي كريم»، ويأتي اسم كلّ من درّة وروبي على هامش التعداد والتذكير. ولا يختلف مسلسل «خطوط حمراء» (نصّ أحمد أبو زيد/ إخراج أحمد شفيق) عن سابقاته كثيراً، فيتمّ التعامل معه، حسب الأعراف السائدة في أروقة صناعة الدراما المصريّة، على أنّه «مسلسل أحمد السقّا».

يتحدّث العارفون بشؤون الدراما المصرية عن سطوةٍ مطلقة للممثل النّجم. يعرف عن عادل إمام تفرّده باختيار جميع عناصر العمل الذي يؤدي بطولته. فهو من يحدّد مخرج العمل ويختار أسماء الممثلين المشاركين فيه، حاله في ذلك حال الكثير من نجوم الصف الأول. يبدو الحال مختلفاً تماماً حين يتعلق الأمر بالدراما السورية التي حصدت نجاحاتٍ متلاحقة بسبب اعتمادها على كتلة نجومٍ تشكّل رافعة تسويقيّة للعمل. ولا يزال مسلسل «أحلام كبيرة» (نص أمل حنّا/ إخراج حاتم علي) حاضراً في أذهان المشاهدين وقلوبهم، لكونه جمع في بطولته بسام كوسا، وسمر سامي، ونورمان أسعد، وقصي خولي، وباسل خياط، وندين تحسين بك، ونسرين طافش، ومكسيم خليل، فشكّل مثالاً يُحتذى.

جوقة نجومٍ مماثلة شهدناها العام 2013 في «سنعود بعد قليل» (نص رافي وهبي/ إخراج الليث حجّو) الذي ضمّ إلى جانب الكبير دريد لحام، كلاً من قصي خولي، وباسل خيّاط، وعابد فهد، وسلافة معمار، وآخرين. يشير ذلك الخلط إلى أنّ الممثل/ الممثلة السوريين لم يفرضا معادلة «الربّ الأعلى للعمل». وعلى سبيل الاستثناء، يحضر اسم الممثل عباس النوري الذي يشكل قيمةً تسويقية وازنةً في كلّ عملٍ يشتغل ضمنه، ويسعى المخرجون والمنتجون على حد سواء لإرضاء شروطه الفنية والفكرية.

هذا ما يفسّر تأخّر ظهور مسلسل «سكر وسط» (نص مازن طه/ إخراج المثنّى صبح) إلى العلن، يومها طالب النوري بإجراء تعديلات على الورق، واشترط حضور جملةٍ من الممثلين يقاسمونه بطولة الحكاية وكان له ذلك، ينسحب الأمر على النجم تيم حسن. يقول أحد العاملين في أروقة شركة «كلاكيت للإنتاج الفنيّ»، رافضاً الكشف عن اسمه: «حين أراد منتج الأخوة إياد نجّار التوقيع مع نسرين طافش وضمّها إلى ركب نجوم العمل، قام باستشارة تيم حسن طالباً منه ما يُشبه الإذن، يومها كانت ثلاثية تيم ونسرين وديما بياعة حديث وسائل الإعلام، وافق تيم على حضور طافش، اعتراضه كان كفيلاً في الدّفع نحو البحث عن خيارٍ مختلف، فتجاهله قد يؤدّي إلى انسحابه، وهذا ما ترفضه محطّات اشترت العمل مسبقاً على اسم تيم».

يقول ماهر عزّام، مدير شؤون الإنتاج في «المؤسّسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي»: «مركزية النّجم ليست حالةً صحيّة، وتنتج شلليّة وإقصاءاتٍ مرفوضة. تخيّل أن يقوم ممثل بفرض ممثلٍ آخر على مخرجٍ العمل، حينها لن يتمكّن المخرج من تحقيق إدارة سليمة لفريقه الفنيّ، الأمر الذي سوف يؤدّي إلى إضعاف سويّة المسلسل». ويضيف: «ديكتاتوريّة النجم معادل سلطويّ لقيمته بالأرقام في حسابات المنتجين والمعلنين، ولكنّ الكلمة الفصل في هذا الإطار تبقى لربّان العمل، فحين يكون المخرج نجماً بدوره تصير اشتراطات النجوم ولاءاتهم أقلّ تصلّباً، وغالباً ما تنتهي الخلافات بتسويات مرضية للطّرفين».

صحيفة السفير اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى