وللندوب جمالها !

خاص بموقع ( بوابـة الشـرق الأوسـط الجديـدة )

” بعض دروس الحياة تأتي على هيئة جروح لكن لا بأس أن نتألم لكي نتعلم !! ”

لابد أنّ كل منّا عاين ومرَّ بآلام نفسيّة كثيرة وصدمات ربما اجتماعية ، عاطفية ، … إلخ ؛ وكم تسبّبت لنا بعض المواقف والأشخاص والعلاقات بجروح لا تبدو آثارها في ملامحنا بل تترك أثراً لا يشاهده أحد في أعماقنا !!

ولا بد لكل جرح من أثر وندوب تحفر في الذاكرة والقلب والروح ؛ تلك الندوب التي يتركها الجرح مكانه شاهدةً على حدوثه يوماً .

وإنّي لأرى الندوب كجروح المعارك ؛ تحمل جمالًا من نوع خاص حيث أنّها تُظهر لك أّنك قد نجوت وكذلك تُظهر مدى قوتك لتمكّنك من النجاة ؛ إذن فهي رمز لمرورك بمواقف عصيبة ؛ البعض تجاوزها بسلام ، والبعض أقام لها نصب تذكاري يتأمله ليل نهار بل ويسكب الدموع على جنباته.

ولكن مهلاً هل نسمح لهذه الجروح والآلام أن تسيطر على حياتنا وتتحكم فينا وتسوقنا نحو الدمار ؟؟ أم نُضيفها لسجل خبراتنا لنأخذ الدروس والعِبر ونزداد قوة وإصرار ؟؟!!

بدايةً أقول : إنّ الحياة معلم خبير لايعطي دروس بالمجان لأحد ؛ لابد في كثيرٍ من الأحيان أن نتألم لكي نتعلم، وهذا قانون يسري على الجميع لكن البعض لا يُلقي لهذه الدروس بالاً فيستحق الألم مجدداً فالجرح الذي لا نتعلم منه نستحقه مراراً !!

نعم البعض لا يتجاوز هذه الجروح ويظل رهيناً لها بأفكاره ومشاعره بل وتطغى على كل سلوكه وتصرفاته ؛ تصفعه الحياة المرة تلو الأخرى فلا يُجيد إلا الشكوى والتذمر ؛ يمشي في محطات الحياة منكسر الخطا ؛ يلجأ إلى العزلة ويعشق المنبهات وآخر المسكنات ويتوقف إنتاجه وتطوره ويفقد الثقة بكل النّاس وتصبح الآهات حروفه الوحيدة.

قال جان كريستيان ” لا يُهزم الانسان من خصومه لكنّه يُهزم من نفسه “. إذن فالمعركة الحقيقة تدور داخلك والشجاعة والقوة أن تنتصر على جروحك وآلامك وأن تكون تلميذاً نجيباً لهذه الحياة وتفهم الدروس والعبر كلما نظرت لتلك الندوب. فالحياة مدرسة والأخطاء دروس والألم مدرّس والمحصّلة ستكون مذكرة بعنوان ” الخبرة ” !!

الخبرة التي ستعلّمك في المحطات القادمة مثلاً : بمن ستضع ثقتك ؟ لمن ستكون محبتك ؟ كيف يجب أن تختار شريكك ؟؟ كيف ستحصل على حياة أفضل ؟؟ كيف تجني السعادة ؟ من هو الصديق الحقيقي ؟ ….إلخ، وكم هو رائع أن ترتشف بعضاً من الحكم التالية كلما همّ جرحك أن ينفتح ؛ بل وعليك أن تجعله يندمل ويصبح مجرد ندب لا أكثر.

رشفات من مدرسة الحياة :

* يظهر بريق و رونق الندوب عندما تتجاوز الألم وتعي الدرس جيداً وتعود للوقوف أقوى من ذي قبل.

* اِنسى الماضي لكن لا تنسى الدرس لأن من قوانين الحياة أنّها تكرر الدرس إذا لم يتم استيعابه.

* سوف تدرك أنّك تعلمت الدرس حينما تغير نفسك وأفعالك وسلوكك.

* الحزن إحساس إن استعمر القلب ملكه وأصبح من الصعب تحريره ؛ فليكن مجرد ضيف ومدة ضيافته قصيرة جداً !!

* فكّر في اليوم هذا فقط الذي ستحوّل فيه آلام ماضيك إلى إنجاز للمستقبل فلا تدع أي شي من تاريخك المؤلم يحتجزك كرهينة.

* ما أغفل العقل الذي يتوقف عن التفكير تاركاً صاحبه يموج في عذابات القلب المسلوب.

* العجز عجز القلب عن التفكير وعجز العقل عن التدبير أو عجز كليهما عن الاستمرارية في الحياة !!

* تعلم كيف تنتصر على آلامك وكيف تروّض أحزانك وكيف تستنبت من تلك الندوب طاقات هائلة.

* إنّ تذكر آلام الماضي ودوام الحزن لمآسيه هو قتلٌ خفيٌ للنفس والإرادة والطموح ، وتبديد للوقت الحاضر فلك أن تعلم أنّ ملف الماضي عند العقلاء يُطوى نهائياً ولا يُروى.

وأخيراً أود أن أؤكد أنّ للندوب جمالٌ من نوع خاص يتراءى لمن أخذ الدرس بعد جرحه وانتصر على آلمه وتجاوزه بقوة بل وحوّل ذلك الندب إلى ذكرى تزيده قوة كلما نظر إليه ؛ فكم من أناس تفجّرت طاقاتهم الكامنة وأبدعوا في الحياة ونجحوا أيّما نجاح بعد آلام جسيمة وجروح عميقة.

وختاماً أقول إنّ السعادة شجرة ماؤها وغذاؤها وهواؤها وضياؤها الإيمان بالله عزوجل فاقترب منه تنسى كل آلامك وتبرأ كل جراحاتك.

تسعدني متابعتكم

لكم مني أجمل التحيات

* مدربة تنمية بشرية

www.facebook.com/Lena.Mhd.Matteet

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى