تفجيرات مطار اسطنبول: هزات ارتدادية لزلزال الحرب السورية

ارتفع عدد ضحايا الهجوم الإرهابي الذي نفذه ثلاثة انتحاريين في 28 حزيران على المطار الدولي –أتاتورك- في اسطنبول ، إلى 43 بعد وفاة طفل فلسطيني يبلغ من العمر ثلاث سنوات نتيجة إصابته بجروح بليغة وكانت والدته قضت في وقت سابق بسبب الانفجار، وإصابة 229 آخرين.

وقد أرخى هذا الهجوم بظلاله على جميع أنحاء العالم حيث عاش الجميع حالة من الرعب والخوف وسط تزايد مشاعر الغضب بين الشعب التركي وإلقاء اللوم ليس فقط على تنظيم داعش الذي يحمل العمل بصماته بشكل واضح وإنما أيضاً على الراعي الرئيسي لهذا التنظيم والمُيسر له، حكومة رجب طيب اردوغان.

صحيفة نيوورك تايمز نشرت يوم الخميس مقالاً، سلطت من خلاله الضوء بشكل حاد على الدور المركزي الذي لعبته الحكومة التركية منذ بداية صعود داعش، في إشعال نار الحرب السورية وإغراقها بالفوضى ، لسنوات كانت تركيا بمثابة قاعدة خلفية ونقطة عبور -بازار للتسوق- بالنسبة لهذا التنظيم …لقد بدأ شهر العسل الطويل بمساعدة تركيا للجماعات المتمردة التي تقاتل الدولة السورية، وفي كثير من الأحيان بمباركة من أجهزة الاستخبارات الغربية.. لأن الكثير من جماعة المقاتلين الاجانب ، عبروا من خلال مطار أتاتورك في اسطنبول للانضمام لداعش.

وحسب ما جاء في مقال التايمز فإن ما يًسمون يالمقاتلين الأجانب يتمتعون بحرية الحركة إلى تركيا ومنها إلى سورية، وكذلك مرة أخرى من تركيا إلى اوروبا، حيث كانوا مسؤولون عن ارتكاب فظائع إرهابية مماثلة هناك، وبعبارة أخرى، فإن واشنطن حليف رئيس وشريك للناتو المسؤول أساساً عن حماية المنظمة الإرهابية، وهذا هو الهدف الظاهر في تجدد الحرب الامبريالية الاميركية في الشرق الأوسط مع الإشارة إلى “مباركة وكالات الاستخبارات الغربية” وأشارت التايمز بدقة إلى حقيقة تعاون وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية بشكل مباشر مع حكومة اردوغان في تدفق كل من المقاتلين الأجانب ومئات الأطنان من الأسلحة إلى حمام الدم في سورية لمواصلة الهدف المشترك المتمثل بإسقاط الدولة السورية وفرض حكومة “دمية” عميلة تكون أكثر طواعية في يد الغرب، وكان “داعش” المستفيد الرئيسي من العمليات التي قامت بها الاستخبارات المركزية الأميركية هذا التنظيم الذي يتبع مع جبهة النصرة للقاعدة في سورية، وكانت الضحية الرئيسية مقتل مئات الآلاف من العراق وسورية و تحويل الملايين إلى لاجئين، جنباً إلى جنب وسط تزايد عدد الهجمات الإرهابية في باريس وبروكسل واسطنبول حالياً وسقوط المزيد من الضحايا.

برز الخلاف بين واشنطن وتركيا مؤخراً بسبب محاولة واشنطن استخدام القوات الانفصالية الكردية في كل من سورية والعراق كقوات بالوكالة للحد من محاولة تقدم داعش، وحتى بينما تركيا تشن حرباً أهلية ضد الأقلية الكردية وسط مخاوف من إنشاء جيوب كردية على حدودها، في حين هجمات محدودة ضد مواقع لداعش في سورية وحولت تركيا قوتها العسكرية الساحقة ضد مواقع كردية في كل من العراق وسورية.

أيضاً يشير مقال التايمز إلى أن الهجوم على مطار أتاتورك ربما يكون ردة فعل لداعش تجاه هجمات تركيا المحدودة على قواتها في سورية، بالإضافة إلى سلسلة المحاكمات لأعضاء داعش لعلاقتهم بهجمات إرهابية سابقة، وكان واضحاً في أعقاب التفجير الأخير إلى أي مدى ما يزال التنظيم يعمل بحصانة نسبية داخل تركيا وذلك عندما أطلقت قوات الأمن التركية سلسلة من الغارات ضربت من خلالها 16 موقعاً منفصلاً في اسطنبول وكذلك مواقع أخرى في مدينة أزمير الواقعة على بحر إيجة، ما يشي إلى أن مكان وجودعناصر داعش ليس خافياً على الدولة التركية، وقد ظهرت تفاصيل عن منفذي الهجوم مع ذلك، تم الإشارة غلى دوافع أخرى محتملة، ويُقال ان الانتحاريين الثلاثة حسب ما أعلنت السلطات التركية من الجمهوريات السوفييتية السابقة كجمهورية داغستان وأوزبكستان وقيرغيزيستان، مصادر تركية أوردت أن منظم الهجوم ويُدعى أحمد شاتايف وهو محارب إسلامي في حروب الشيشان كان قد حصل على حق اللجوء في النمسا ثم لجأ إلى جورجيا حيث أقام علاقات مع الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة المدعومة من الولايات المتحدة، وقيل انه كان ناشطاً في تجنيد وتدريب المقاتلين الشيشان المناهضين لروسيا من منطقة بانكيسي في جورجيا وإرسالهم للقتال في سورية، والمدهش ان المقاتلين المناهضين لروسيا من نفس المنطقة لعبوا دوراً بارزاً وقيادياً في صفوف داعش في سورية، طرخان بالتيراشفيل وهو رقيب في الجيش الجورجي السابق ويُوصف ب “التلميذ النجيب” وكان من بين الذين دربتهم القوات الأميركية ثم قاتل في حرب 2008 ضد روسيا وأصبح فيما بعد قائداً بارزاً في داعش، نظراً لخلفية أولئك الذين خططوا ونفذوا تفجيرات مطار اسطنبول، بالكاد يمكن اعتبار ذلك مجرد محض مصادفة حيث حدث التفجير فوراً عقب إصدار حكومة اردوغان اعتذاراً على قتلها للطيار الروسي في تشرين الثاني الماضي وإسقاطها طائرة سوخوي 24 وكانت هذه الطائرة تقوم بعملية قصف للقوات المدعومة من تركيا والمرتبطة بتنظيم القاعدة على الحدود السورية التركية، و كاد الحادث يحول شبح الحرب لتغيير “النظام” في سورية لاشتباك بين الناتو وروسيا مع احتمال التصعيد وتحولها إلى حرب نووية، وكان اعتذار اردوغان لروسيا جزء من محاولة أنقرة للتقارب مع روسيا بهدف إلغاء العقوبات التي ضربت قطاع السياحة والزراعة والبناء والقطاعات التجارية التركية الأخرى.

لقد خلقت الامبريالية الأميركية وحلفائها وحش فرانكشتاين المتعدد الرؤوس في سورية، بالإضافة إلى مقاتلين من روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق والذي يُعتقد أن عددهم تقريباً 10000 وتم جلب عدة آلاف من المتشددين الإسلاميين من عرق اليوغور من منطقة شينجيانغ في شمال غرب الصين عبر تركيا إلى سورية وهؤلاء ساعدوا جبهة النصرة في إحراز تقدم في محافظة إدلب شمال غرب البلاد، لقد تم جلب هذه القوات إلى سورية ليس فقط لاستخدمهم كوقود في الحرب المدعومة من الغرب لتغيير “النظام” لكن أيضاً للتحضير والإعداد لحروب أخرى أكثر خطورة ودموية وربما حروب عالمية أكثر كارثية ضد روسيا والصين.

الهجوم على مطاراسطنبول مثله مثل هجمات باريس في تشرين الثاني الماضي وتفجيرات بروكسل في آذاريجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار وهي إشارة تحذير من المخاطر الكبيرة التي تُشكلها المؤامرات الامبريالية، هؤلاء الذين يعملون في جميع أنحاء الكرة الأرضية.

موقع World Socialist

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى