روسيا والغرب دخلوا في حرب باردة جديدة

دخلت كل من روسيا والغرب حربا باردة جديدة يمكن أن تقود إلى زيادة المواجهات في العالم أجمع، وذلك مع تحدي بوتين للهيمنة الأمريكية الدولية.

يجمع الخبراء العسكريين وخبراء السياسة الخارجية في موسكو على ذلك، وقد حذروا من أن روسيا والغرب ينحون نحو مواجهة خطيرة مماثلة لأزمة الصواريخ الكوبية.

قال الجنرال يفغيني بوزشنكي، الرئيس السابق لقسم المعاهدات الدوليةفي وزارة الدفاع الروسية والذي يرأس مركز بي آي آر في روسيا حاليا:” إذا تحدثنا عن الحرب الباردة السابقة، فإننا في مكان ما حاليا ما بين هدم سقوط جدار برلين وأزمة الصواريخ الكوبية”. وأضاف:” بالأحرى، إننا نتأرجح على أعتاب الحرب، ولكن دون وجود آليات لإدارة المواجهة”.

اتهمت وزارة الخارجية الروسية يوم السبت إدارة أوباما بأنها تحاول “تدمير آخر العلاقات التي تجمع أمريكا مع روسيا”. وقال سيرجري ريابكوف، نائب وزير الخارجية بأن موسكو سوف ترد بالمثل إذا مضت الولايات المتحدة قدما بفرض عقوباتها ضد روسيا ردا على قصف حلب.

وقد علمت التلغراف بأن الكرملين قرر فعلا أن يقطع العلاقات الدبلوماسية حتى بعد انتخابات 8 نوفمبر في أمريكا على الأقل، وذلك على أمل الوصول إلى علاقات أكثر إخلاصا مع خليفة باراك أوباما.

يأتي هذا التحرك بعد أن ألغى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري التنسيق في الموضوع السوري، قائلا إن روسيا أهدرت أشهرا من العمل الدبلوماسي. يقول المسئولون في موسكو إن الأمريكان أنفسهم تراجعوا في الكثير من الحالات عن الالتزامات السابقة المتفق عليها.

لقد أوضح بوتين مدى هذه المواجهة الأسبوع الماضي عندما وبخ صحفيا روسيا سأله عن انهيار العلاقات مع واشنطن بسبب سوريا. فأجاب بوتين:” إن الأمر لا يتعلق بسوريا. إن الأمر يتعلق بمحاولة دولة أن تفرض قراراتها على العالم كله”.

لقد اقترب بوتين من الإعلان الكامل للحرب الباردة في 3 أكتوبر، عندما ألغى صفقة لمعالجة البلوتونيوم مع الولايات المتحدة بسبب سياساتها غير الودية. قال فيودور لوكينوف، رئيس مجلس روسيا للعلاقات الخارجية وسياسة الدفاع:” إن الإفصاح عن الأمر اظهر حجم الغضب لأنه يتعلق بالأمن النووي، والظروف المرتبطة كانت تقول إذهبوا إلى الجحيم”.

لقاء بوتين مع المتشارة الألمانية ميركل والرئيس الفرنسي هولاند، في برلين الأسبوع الماضي ربما يشير إلى أن الكرملين لا زال يريد الإبقاء على بعض القنوات الدبلوماسية مع الحكومات الغربية مفتوحة. هدف روسيا، وفقا لعدد من المصادر العسكرية والدبلوماسية والسياسية في موسكو، هو الوصول إلى صفقة كبرى من شأنها قلب ما تعتبره تسوية غير عادلة بعد الحرب الباردة.

ولكن لا يوجد تصور عن ماهية مثل هذا الإجماع. بعض مطالب موسكو المعلنة مثل تراجع دور الناتو، أمر غير مقبول كليا بالنسبة للغرب. يخشى الخبراء الروس من أن الانهيار الدبلوماسي زاد من مخاطر الحرب التوكيلية الحامية أو حتى السيناريو الأسوأ الذي يمكن أن يشكل الكابوس وهو حرب روسية غربية مباشرة.

تشمل بؤر التوتر بحر البلطيق، حيث يتهم الناتو وروسيا بعضهما البعض بزيادة عديد القوات، وشرق أوكرانيا، حيث استمرت روسيا في إمداد وتوجيه الانفصاليين الجمهوريين في دونتسك ولونسك.

البؤرة الأكثر خطوة هي سوريا. بشار الأسد، حليف موسكو، قال الأسبوع الماضي إن الصراع تحول فعلا إلى مواجهة أمريكية روسية. في هذه الأثناء، تتحرك موسكو لتوسبع نفوذها في الشرق الأوسط. حيث تحركت موسكو لتعزيز علاقتها مع حكومة عبد الفتاح السيسي في مصر، وأرسلت 500 جندي إلى البلاد لإجراء مناورات عسكرية مشتركة بين البلدين. كما أن هناك تكهنات تدور حول إمكانية إعادة فتح القواعد الروسية في كوبا وفيتنام.

هذه الأمور تضاف إلى معرفة أن السياسة الخارجية الروسية تشعر دائما بالحذر من الدخول في صداقات مكلفة كانت تقوم بها إبان العهد السوفيتي. قال أحد الأكاديميين المطلعين على سياسة الشرق الأوسط:” في الظروف التوكيلية، فإنك تستثمر في عملائك. إنهم يعون انك استثمرت الكثير، وهم يدركون دوافعك أكثر من فهمك أنت لدوافعهم. وهذا يتيح لهم التلاعب بك”.

صحيفة دايلي تلغراف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى