الحرب السوريّة لم تعُد «بيّاعة» على فضائيات الترفيه

من البديهي أن تكون الدراما صناعة تبغي الربح، لا حيرة حول هذا. لكن عندما تقدّم شركات الإنتاج حجّة «الربح ولا شيء آخر» في اتجاه يكاد يكون خطيراً، من خلال إنتاجات تُراكم أفعالاً منفصلة بمسافات عن واقع الحرب السورية اليومي أو الأزمة الاجتماعية والإنسانية، يطفو القلق حتماً! المسألة أكثر من ملل؛ أصبح السوريون بعد ستّ سنوات أكثر استعداداً لتمييز المشكلات والقضايا المتعلّقة بحياتهم وأكثر تعلّقاً بمن يتتبّعها. لم تعُد تقنعهم دعابة فظّة يعتقد فيها البعض بأن كل ما يتواجد في برمجة الموسم الرمضاني يصلح لأن يُسمّى «دراما» بعد أن لاقى قبول المحطّات.

الأحاديث التي نسمعها في كواليس تحضيرات الموسم الرمضاني 2017، عن التشديد التسويقي على تأطير الدراما السورية في اتجاهات تتجاهل التناول المباشر أو غير المباشر للحرب، يكشف أن القرارات المتأصلة في عالم الدراما اليوم على صلة وثيقة بعالم التجارة لا أكثر. فسواء كان مضمون العمل الدرامي في واقعيّته جزءاً من المشكلة أو كان جزءاً من الحلّ؛ تبقى الخطيئة هي تبسيط الأمور أمام الجمهور. يفتقد اليوم عدد لا بأس به من القائمين على قرار الشركات الإنتاجية، التواصل مع متعة المهنة من جهة ومع مشاكلها من جهة ثانية أو حتى أهمية انتقاء الأعمال التي تبحث في إثارة عقل الجمهور واهتمامه بوصفه جزءاً لا ينفصل عمّا يحيط بها إضافة إلى الظروف الصعبة من قلة أماكن التصوير وتكرارها وانحصارها في مناطق جغرافية محدّدة داخل البلد الذي أنهكته الحرب. لم تعُد الفضائيات تريد أعمالاً عن سوريا. لتتناوب شركات الإنتاج تبعاً لشروط العرض والطلب التي تفرضها المحطات على التحكّم المطلق بظروف الإنتاج ونوعيته، والمعلن طبعاً هنا أساس الصفقة.

في هذا الجوّ غير الصحيّ للإنتاج يتحوّل «النصّ» قسراً إلى مجرد بضاعة يحتفي بما هو مطلوب، والمطلوب أي شيء إلا عن الحرب. أعمال عدّة توقف احتمال إنتاجها مؤخراً وطُلِب من كتّابها مواضيع مختلفة. لم تعد الحرب السورية مغرية على شاشات «الترفيه».

وفي السياق، لا تزال مسيرة الموسم الحالي، بطيئة مقارنة مع المواسم الماضية من ناحية عدد الأعمال التي يجري تصويرها. مثلاً لم تطلق شركة «سما الفن» إلا تصوير مسلسل «شبابيك» من إخراج سامر البرقاوي، علماً أنه في خطّتها أعلنت عن «بقعة ضوء» في جزء جديد إضافة إلى عملَيْن آخرَيْن هما «جريمة حب» لليث حجو كتابة رافي وهبي، و «قناديل العشاق» إخراج سيف الدين سبيعي وكتابة خلدون قتلان. تدور كاميرا زهير رجب لتصوّر مسلسل «الغريب» تأليف عبد المجيد حيدر وإنتاج شركة «قبنض»، بينما أعلنت الشركة نفسها عن الجزء الرابع من «طوق البنات» كتابة أحمد حامد، لكن لم تبدأ عمليات تصويره بعد. المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي أنهت تصوير «أزمة عائلية» لهشام شربتجي وكتابة شادي كيوان؛ وفي انتظار أن يبدأ تصوير مسلسل «أسوار دمشق» الذي يُخرجه مروان بركات من كتابة حازم صمّوعة. «غولدن لاين» تصوّر حالياً مسلسل «وردة شامية» للمخرج تامر اسحق وكتابة سليمان عبد العزيز. أيضاً يجري حالياً تصوير «شوق» لرشا شربتجي من كتابة حازم سليمان في أول إنتاجات شركة «إيمار». شركة «حاتم للإنتاج الفني» في أول إنتاج تصوّر العمل الكوميدي «هواجس عابرة». شركتا «زوى» و «النحاس» أنهت من تصوير «الرابوص» إخراج إياد نحاس وكتابة سعيد حناوي. وتصوّر «زوى آرت برودكشن» حالياً مسلسل «سايكو» تأليف أمل عرفة وزهير قنوع وإخراج كنان صيدناوي.

صحيفة السفير اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى