حكاية ثائر

عندما نتحدث عن أرنستو غيفارا الثوري المقاتل الذي ذاع صيته بالعالم في القرن الماضي بمرحلة كانت الهيمنة الاستعمارية والإمبريالية طاغية على أغلب دول العالم ، نكون نتحدث عن أسطورة تعد مثلا للشباب ، الذين إحتذوا بنهجه وساروا على خطاه للوقوف بوجه الاستعمار ، فقد كان برأيهم المناضل الأممي الذي لايخاف الصعوبات ، و قبلة الثوار الباحثين عن الخلاص ، و من أمدهم بدفعة معنوية كبيرة للفكر الثوري عن طريق أفكاره و أعماله، التي رسخت وحدة العمل و الفكر الاشتراكي و إيمانه بالعدالة الاجتماعية و الخلاص من الامبريالية الاستعمارية أينما وجدت.
ولد أرنستو غيفارا في روزاريو –الأرجنتين في 14 تموز 1928

حياته:
تربى على الالتزام و القيم منذ طفولته، و كان وقتها مصابا بالربو الذي صاحبه طوال حياته . لكن بإرادته القوية استطاع التغلب عليه بممارسته للرياضة و اكتسب بنية جسدية قوية .

درس الطب في جامعة بيونس ايرس ، لكن قبل تخرجه بسنة اخذ إجازة من الجامعة و قام خلالها برحلة مع صديقه الطبيب ” ألبرتو غرانادو” عام 1951 باتجاه شمال القارة . قادته رحلته إلى الاحتكاك مع الفقراء و بدأ يربط حالتهم بالظلم الاجتماعي التي فرضتها الامبريالية الاقتصادية (الولايات المتحدة ).

خلال رحلته قام بكتابة مذكراته و كانت تحمل عنوان ( دراجة بخارية ) و قد ترجمت هذه المذكرات سنة 1996 و تحولت إلى فيلم عام 2004 تحمل نفس الاسم .
كانت هذه الرحلة نقطة تحول هامة في حياة غيفارا حيث عاش الفقر و الظلم المنتشر في أنحاء القارة اللاتينية و تركت انطباعا لديه بضرورة توحيدها و نزع جذور الامبريالية الاستعمارية .

بعد هذه الرحلة عاد إلى بيونس ايرس ليتخرج من جامعته و يحصل على شهادة الطب عام 1953 . بعد التخرج أحس بضرورة التطوع و مساعدة من يحتاج إليه لذا قرر بدأ تنفيذ ما يصبو إليه .

مشواره النضالي:
توجه إلى غواتيمالا على أمل الانضمام لصفوف الثوار حيث كان رئيس غواتيمالا يقود حكومة يسارية شعبية
. لكن سرعان ما أطيح بها عام 1954 بانقلاب عسكري مدعوم من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية .
عام 1955 قابل غيفارا المناضلة اليسارية “هيلدا اكوستا” من البيرو في منفاها في غواتيمالا و تزوجها و أنجب منها طفلته الأولى ،و كانت هيلدا هي من جعله يقرأ للمرة الأولى بعض الكلاسيكيات الماركسية إضافة إلى لينيين و تروتسكي …

بعد تحذير السفارة الأرجنتينية له انه مطلوب من قبل المخابرات الأمريكية سافر إلى المكسيك . وهناك التقى براؤول كاسترو المنفي مع أصدقاءه و قد كانوا يعدون العدة للثورة بعد خروج فيديل كاسترو من سجنه . و بعد خروجه التقى غيفارا و قرر الأخير الانضمام للثورة الكوبية .
كان هذين الاثنين أشبه بروحين متشابهتين في التفكير و مشبعين بالحماس الثوري .
وهناك أعطي غيفارا لقب (تشي) وهو لقب أعطاه إياه الكوبيون و هو كناية عن تعبير تعجب يستعمله الأرجنتينيون .

و بالفعل أشعل كاسترو ورفاقه الثورة ضد حكم باتيستا … و مع مرور الوقت حصل غيفارا على مكانة بين الكوبيين و برز كمقاتل شرس لا يهاب الموت و سريع البديهة يحسن التصرف في الأزمات و ا اكتسب احترام رجاله ، كان صلب المبادئ ، فظا صارما فيما يخص الوفاء لهذه المبادئ و الأفكار . و ربط بين القول والفعل في حياته ، فهو لم يرغب قط في الأشكال المختلفة للسلطة بل على العكس كان دائما يقود على أساس المنطق القائل انه لا يمكن الطلب من شخص أن يقوم بشيء إذا كنت آنت غير جاهز للقيام به.

هو رجل طور ورسخ فكرة العمل الطوعي ووحدة الصف و الأخوة ، و أقام مصانع لتصنيع القنابل اليدوية ، و أفران لصنع الخبز وقد علم جميع قواته و مجنديه التكتيكات العسكرية و علم الأميين منهم القراءة و الكتابة و جعلهم يقومون بفروض خطية أيضا . و بالإضافة لللترفيه عنهم أثناء فترات الراحة بين المناوشات، عن طريق القراءة ل( روبرت لويس , ستيفنسون وسرفانتس) بالإضافة للشعر ، و الغناء الاسباني ، فهو دائما ما ينظر لدور القائد كالمعلم . لكنه في المقابل كان قاسيا للغاية بشأن الضباط المنشقين أعداء الثورة . و كان يطلق النار عليهم من دون تردد. نتيجة لذلك أصبح غيفارا يخشى لحزمه و شدة بأسه .

كان دائما يحلم بتحرير أميركا اللاتينية من الفقر و الظلم ، و تمت ترقية تشي إلى منصب قائد عقيد وهي أعلى مرتبة في جيش الثورة ونال النجمة المشهورة الموضوعة على قبعته.
وصفه فيديل كاسترو بأنه ذكي و جريء وزعيم مثالي و له سلطة معنوية كبيرة على قواته، وقد لاحظ كاسترو كذلك أن غيفارا يقوم بالكثير من المخاطرات حتى أن لديه ميل نحو التهور أحيانا .

خلال الاندفاع الأخير تجاه هافانا وقعت معركة سانتا كلارا الحاسمة ، وكانت المدينة المعقل الأخير لإستراتيجية باتيستا الدفاعية و أيضا كانت مركز اتصالات مهم إن سقطت فإنهم سيخسرون الحرب بدون شك .
أرسل باتيستا قطارا مصفحا مليئا بالأسلحة و الذخائر ،بينما استعار غيفارا جرافة لجعل رجاله يحفرون جزءا من السكة ، و بحنكته العسكرية استطاع أن يستولي على قطار الأسلحة ، التي كانت السبب الرئيسي للفوز بهذه المعركة و انتصار الثوار .
بهذه الأثناء تزوج غيفارا من زوجته الثانية اليدا مارش والتي أنجب منها أربعة أبناء ، بعد أن طلق زوجته الأولى التي عادت مع ابنته إلى البيرو.

في تلك الأيام بدأ غيفارا بكتابة يومياته (( حرب العصابات )) و التي أصبحت نصا مكرسا للعديد من الحركات الثورية ادعى فيها انه يمكن للناس أن ينتصروا على جيش من دون انتظار الشروط الموضوعية للثورة ، وانه في أميركا اللاتينية كان على النضال أن يكون مسلحا ، و هذه هجمة ضد الأحزاب الشيوعية التقليدية التي رفضت الكفاح المسلح في أميركا اللاتينية زاعمة أن الشروط الملائمة غير متوافرة
في ذلك الوقت أصبحت كوبا بالنسبة للولايات المتحدة هاجسا حقيقيا .

بعد انتصار الثورة :
في كانون الثاني 1959 انطلق تشي غيفارا ذو الثلاثين عاما منتصرا إلى هافانا، وقد تسلم أول مناصب له في زمن السلم ، كان قائد قلعة ( لاكابانيا) و قائد فعليا للجيش . و أعطي مجموعة متنوعة من الواجبات الإدارية لأدائها واحدة منها الإشراف على محاكمات مجرمي الحرب و المتعاونين معهم ، وقد حصل نحو 55 شخصا على حكم الإعدام رميا بالرصاص في إحدى خنادق القلعة القديمة و كانت تهمهم بين تعذيب و قتل الأطفال و النساء و الثوار .

عين كاسترو تشي وزيرا للصناعة و مديرا للمصرف الوطني و كان على قدر من المسؤولية حين نقل احتياطي كوبا من الذهب من (فورت نوكس) منقذا كوبا من الإفلاس عندما جمدت الولايات المتحدة موجوداتها.

اهتم غيفارا بجانب ضمان “العدالة الثورية” بأمر رئيسي آخر وهو إصلاح الأراضي الزراعية، ففي 27 كانون الثاني 1959 ألقى تشي غيفارا واحدا من أهم خطاباته، حيث تحدث عن “الأفكار الاجتماعية لجيش المتمردين” وخلال هذا الخطاب أعلن أن الهم الرئيسي للحكومة الكوبية الجديدة هو “العدالة الاجتماعية والذي يأتي من إعادة توزيع الأراضي . وبعد بضعة أشهر في 17 أيار عام 1959 وضع “قانون الإصلاح الزراعي

عام 1959 عهد كاسترو إلى غيفارا بصفة مبعوث إلى الخارج سافر في جولة لمدة ثلاثة أشهر ، لأربعة عشر بلدا معظمها من حلف باندونغ و دول بأفريقيا و آسيا . لكسب الدعم للنظام الجديد و قد كان ناجحا كليا و خاصة في الاتحاد السوفيتي ، و تفاوض على اتفاقيات النوايا الحسنة و الصفقات التجارية و صفقات الأسلحة .
كان لغيفارا دور كبير في تزويد كوبا بالرؤوس النووية السوفيتية الموجهة نحو مدن الولايات المتحدة و التي أثارت احد أهم مشاكل الحرب الباردة .

كان لزيارته لليابان الأثر الكبير في نفسه حيث شارك بمفاوضات لتوسيع علاقات كوبا التجارية مع هذا البلد ، و زار سرا مدينة هيروشيما، و اطلع على المآسي و الخراب التي حلت بالمدينة نتيجة القنبلة النووية التي ألقتها الولايات المتحدة الأمريكية قبل 14 عاما من زيارته ، وقد زار المصابين الذين نجوا في المستشفيات و شاهد اثر التشوه عليهم ،مما جعله يزداد حنقا على الامبريالية الأميركية.

و من زياراته للدول العربية و التي تركت أثرا كبيرا على الشباب العربي الذي كان يصبوا للتحرر من الاستعمار كون المنطقة كانت في حال نهوض وطني و قومي
– غزة بفلسطين تجول فيها داخل المخيمات الفلسطينية للاجئين متفقدا أوضاعهم .
– و قام بزيارة تاريخية لدمشق زار فيها الجامع الأموي و ضريح صلاح الدين الأيوبي .
– في حزيران وصل للقاهرة في زيارة مدتها 15 يوم لدراسة تجربة الإصلاح الزراعي و كانت هذه أول مرة التقي فيها الرئيس المصري الراحل “جمال عبد الناصر” و هناك قدم له درعا تذكاريا .

في كانون الثاني 1964 توجه لمدينة نيويورك على رأس الوفد الكوبي لإلقاء كلمة في الأمم المتحدة فأدهش العالم بزيه العسكري و لحيته النامية و السيجارة التي قطعها نصفين على المنصة ليحتفظ بنصف و يدخن الأخر ، و خلال كلمته الحماسية انتقد غيفارا عدم قدرة الأمم المتحدة على مواجهة السياسة الوحشية و نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا ، و أعلن أن لا يمكن للأمم المتحدة أن تفعل شيئا لوقف هذا الأمر و شجب سياسة الولايات المتحدة تجاه السكان السود و قال ( أولئك الذين يقتلون أطفالهم و يميزون بينهم كل يوم بسبب لون بشرتهم , والذين سمحوا لقتلة السود بالبقاء أحرارا و قاموا بحمايتهم إضافة إلى ذلك عاقبوا السود لأنهم طالبوا بحقوقهم المشروعة بالعيش كرجال أحرار من هم أولئك الذين جعلوا من أنفسهم حراسا للحرية ؟ )
و اختتم غيفارا خطابه ساخطا من خلال قراءة الفقرة الثانية لإعلان هافانا معلنا أن أمريكا اللاتينية هي عبارة عن عائلة واحدة مكونة من 200 مليون أخ يعانون من نفس البؤس .
بعدها قام بجولة عالمية استمرت ثلاثة أشهر زار فيها الصين و تأثر بالثورة الثقافية فيها و عنوان الثورة المستمرة التي قادها ماو سي تونغ ، وزار غانا و غينيا و مالي و الكونغو و تنزانيا و باريس الذي زار فيها برج إيفل و ايرلندا التي حضر فيها احتفال بتراث ايرلندي في مناسبة عيد القديس باتريك .

بتاريخ 24 شباط 1965 في الجزائر كان أخر ظهور لغيفارا على الساحة السياسية الدولية عندما القي خطاب في المؤتمر الاقتصادي الافرو أسيوي الثاني ، وقال فيه :
(( لا يوجد صفوف أمامية و خلفية عند مواجهة الموت …فلا نستطيع أن نقول إننا نختلف عن أي مكان في العالم …. أي انتصار لدولة على الامبريالية هو انتصار لنا كما و أن أي هزيمة هي هزيمة لنا )).
ثم عاد لكوبا في 14 آذار ليلقى استقبالا رسميا من كبار رجال الدولة على رأسهم الأخوان فيديل و راؤول كاسترو

في نيسان 1965 استيقظ العالم على مفاجأة اختفاء غيفارا من كوبا تماما و قد فسر هذا الاختفاء بعدة تفسيرات لكن الأقرب للصحة كان تفسير ، إنه و بسبب الضغوط السوفيتية على كاسترو لعزله بعد التقارب الشديد الذي أظهره للصين على حساب الاتحاد السوفيتي .

فقد كان وقتها اقتصاد كوبا يعتمد بشكل شبه كامل على الاتحاد السوفيتي بينما كان غيفارا العدو الأول لهم في كوبا ، بعدما قاموا بسحب الرؤوس النووية دون مشاورة كاسترو وهو الأمر الذي اعتبره تشي اكبر دليل على خيانة الاتحاد السوفيتي .

غادر غيفارا الأراضي الكوبية سنة 1965 و بعد التساؤلات الكثيرة عن مكانه اظهر كاسترو في 3 تشرين الأول رسالة كان قد تلقاها منه وقد تنازل فيها رسميا من منصبه كوزير و من رتبته كقائد و من كل المناصب الرسمية ، و تنازل عن الجنسية الكوبية حتى لا تتسبب أفعاله بحرج لكوبا و بحجة انه اتمم واجباته المرتبطة بالثورة الكوبية و عليه أن ينجز مهام أخرى ، و برزت له فرصة مثالية للثورة في إفريقيا الوسطى ..

رؤياه الأممية ونهايته :
( الكونغوكينشاسا) و هو أخر مكان يتخيل احد أن يتواجد فيه مقاتل لاتيني . الذي اختار مساعدتها ، و التي صارت فيما بعد زائير ثم الكونغو الديمقراطية. و قد أقام غيفارا علاقة طيبة مع السكان المحليين الذين كانوا يكنون له مودة عميقة بسبب طريقته الإنسانية و الوطنية في التعامل معهم ، و قلقه الدائم عليهم نتيجة تردي أوضاعهم الصحية ،وعاد من جديد للممارسة الطب ليعالج سكان المنطقة .

كانت البلاد وقتها تعاني من استبداد الشركات البلجيكية و امتصاصها لكل موارد البلد ، و تضرب بعنف كل من يقف في وجه مصالحها و على رأس القائمة كان رئيس الوزراء الشاب باتريس لومومبا الذي تم ربطه بحبل في سيارة ثم إعدامه ، فقط لأنه طالب بتأميم موارد اليورانيوم التي تجلب الملايين .
ووسط هذا الظلم اختار غيفارا أن يساند هذه البلاد الواعدة ، ذهب و معه عدد من الثوار الكوبيين و بمساندة من الجيش الكونغولي . لكن في هذا التدخل فقد الكثير من رفاقه المتطوعين الكوبين و من أصحاب الأرض .

هذه التجربة الإفريقية فشلت لعدة أسباب منها
– لعدم تعاون رؤوس الثورة الأفارقة معه .
– و اشتداد مرض الربو عليه بسبب المناخ الإفريقي مما جعله في كثر من الأوقات غير قادر على القتال .
– و بسبب المخابرات المركزية الأمريكية التي تعاونت مع بلجيكا لرصد تحركاته بشكل دائم .

و غادر الكونغو على إثرها ، مع توقع الجميع عودته لكوبا ،لكنه رفض ذلك لسبب بسيط هو انه من غير اللائق أخلاقيا أن يعود بعد الخطاب الذي تركه خلفه .و عاش لستة أشهر متنقلا بين دار السلام و براغ و ألمانيا الشرقية كتب خلالها مسودتي كتابين احدهما في الفلسفة و الأخر في الاقتصاد …

وبعد ضغوط مستمرة من كاسترو وافق على العودة لكوبا بشرط أن تكون العودة مؤقتة ليستجمع أنفاسه، و أن يكون الأمر محاطا بالسرية التامة و هو ما كان.
و قبل سفره و ليستطيع التحرك بحرية قام بعملية لتغير شكله بشكل كبير ، حيث تحول من غيفارا الثائر إلى رجل الأعمال المهذب .

بعد فترة قصيرة توجه إلى بوليفيا و هناك لم يكن مشروع غيفارا يهدف لخلق حركة بوليفية مسلحة، بل لرص الصفوف لمجابهة النزعة الأميركية المستغلة لثروات دول القارة.
ومنذ بداية عام 1967 وجد غيفارا نفسه وحيداً مع مقاتليه العشرين يجابه وحدات الجيش المزودة بالسلاح بقيادة السي آي إيه، و أجبر على خوض المعارك مبكراً ، بعد أن اعترف اثنين من مراسلي الثورة تحت ضغط التعذيب الشديد بأنّ غيفارا هو قائد الثورة، وبدأت بعدها مطاردة لشخص غيفارا .

وفي ظل هذه الأوضاع الصعبة تعرض غيفارا إلى أزمات ربو حادة، ممّا سهّل عملية مطاردته والبحث عنه، وفي أحد وديان بوليفيا الضيقة هاجمت قوات الجيش البوليفي المكونة من 1500 شخص مجموعة غيفارا المكوّنة من 16 شخص، و على الرغم من موت أفراد مجموعته و إصابته استمر في القتال إلى أن القي القبض عليه و تم نقله إلى مبنى مدرسة في قرية لاهيجيرا ، و هناك رفض أن يتم استجوابه من قبل ضباط بوليفيين، و جاءت الاوامر بقتله ، انتهت حياة غيفارا بعد أن تم اطلاق النار عليه . و عرض جثمانه في المشفى للصحافة العالمية لالتقاط الصور له .

رفضت السلطات البوليفية تسليم جثته لأخيه أو تعريف أحد بمكان قبره حتى لا يصبح مزاراً للثوار من كافة أنحاء العالم، لكن في أواخر عام 1995 كشف الجنرال البوليفي المتقاعد ماريو فارغاس لجون لي أندرسون مؤلف كتاب (تشي جيفارا:حياة الثوري)، أنّ جثمان غيفارا يقع بالقرب من مهبط الطائرات في فاليغراندي، وكانت النتيجة بحث دولي عن الرفات.

في عام 1997 وبعد بحث طويل تم العثور على هياكل عظمية عدة و حل لغز جثته المفقودة و أعيدت رفاته أخيرا إلى كوبا .
في تموز 1997 في مطار سان انطونيو دي لوس بانيوس حطت طائرة تحمل رفات أرنستو تشي غيفارا و أربعة من رفاقه الذين سقطوا في بوليفيا من اجل تحقيق حلمهم بتحرير أمريكا اللاتينية من الاستغلال و الظلم، و قد حظي بجنازة مهيبة تليق ببطل الحرب الكوبي العظيم الذي اصبح عليه.
انضم للجنازة العائلة و الأصدقاء و على رأسهم فيديل كاسترو الذي كان لا يزال رئيسا برفقة أخوه راؤول الذي تسلم فيما بعد سلطة كوبا في شباط 2008 لأسباب صحية.

دفن غيفارا في سانتا كلارا المكان الذي شهد نجاحه الأعظم . بضريح يتوسطه نصب تذكاري عملاق له.
لم يكن غيفارا جنديا لا يقهر فحسب بل كان أيضا مفكرا أراد استخدام الثقافة لتحرير كوبا من مافيا أمريكا اللاتينية خالقا وعيا عند رجال عصره ، و رمزا من رموز العالم الثوري، وواحدا ممن تركوا أثرا في الحياة الإنسانية في القرن العشرين .

نضال غيفارا كان و سيبقى كالشعلة في قلوب و ضمائر المقاومين الرافضين للاستعمار و التواقين للحرية و رمزا للصمود في وجه الأعداء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى