شوقي بغدادي مكاسرة الزمن والخوف!

دمشق ــ خاص :

لم يكن الشاعر السوري شوقي بغدادي خائفا عندما أتى مساء ليحكي لبرنامج ((كاتب وموقف)) في الإذاعة السورية عن محطات الحياة التي عاشها مع الأدب والتعليم والحوف، وهي فرصة نادرة في ظروف الحرب في سورية ليظهر شاعر كبير بقامة ((البغدادي التقدمي: شوقي البغدادي)) في عصر ((البغدادي الداعشي: أبو بكر البغدادي))، فيلقي شعرا عن الحياة، ويستعيد مع المحاور الرائع عبد الرحمن الحلبي قصة بكاء رجل وفتاة انفردا وحدهما في
بيت! حكى شوقي بغدادي عن سيرة السوري في سيرته هو سواء كان مطاردا أو كاتبا أو شاعرا أو معلما أو حتى إنسانا عاديا مصابا بالدهشة مما استجرته الحرب على الناس، فيأخذك صوته الجهوري في جسده العجوز إلى مرحلة كان فيها الكاتب من مشاهير سورية، وكانت فيها القاعات تمتلئ لسماع الشعر، وكانت فيها أجهزة الأمن تطارد الشيوعيين ، وكان فيها الوطن أكبر حجما من العالم ..

وعندما سئل أحد الكتاب الموجودين، من قبل مراسلة التلفزيون عن شوقي بغدادي، قال الكاتب: إنه أستاذ! شوقي بغدادي أستاذ .. وأستاذ، يعني أنه علمنا في المدارس وفي منابر الشعر وعندما نختلي بأنفسنا لنقرأ قصة.. بل وعلمنا أيضا أن نقرأ الصحيفة جيدا كي لاتضيع زاويته عن عيون القراء!

شوقي بغدادي، شاعر سوري ، بعد سنتين ، سيحتفل بعيد ميلاده التسعين . قال عنه معجم البابطين : إنه شوقي جمال بغدادي (سورية). ولد عام 1928 في بانياس ـ الساحل السوري. شارك في تأسيس رابطة الكتاب السوريين التي صار اسمها رابطة الكتاب العرب, وانتخب أميناً عاما لها 1954، ومن دواوينه الشعرية :

أكثر من قلب واحد 1955 ـ لكل حب قصة 1962 ـ أشعار لا تحب 1968 ـ بين الوسادة والعنق 1974 ـ صوت بحجم الفم 1974 ـ ليلى بلا عشاق 1979 ـ عودة الطفل الجميل 1985 ـ رؤيا يوحنا الدمشقي 1991 – شيء يخص الروح 1996, وله ديوان شعر للأطفال بعنوان: القمر على السطوح 1984 , ومجموعة قصص شعرية قصيرة 1981, ومن أعماله الإبداعية الأخرى : له من المجموعات القصصية: درب إلى القمة (بالاشتراك) 1952 ـ حيّنا يبصق دما 1954 ـ بيتها في سفح الجبل 1977ـ مهنة اسمها الحلم 1986.

ومن مؤلفاته : قلها وامش (مجموعة خواطر) ـ عودة الاستعمار (بالاشتراك) ـ قديم الشعر وجديده (بالاشتراك).

جلس شوقي بغدادي على منصة المركز الثقافي بدمشق في أبي رمانة ينظر إلى الجمهور الذي حضر، وهو بالكاد ملأ صالة المركز، وكان إلى جانبه الأستاذ عبد الرحمن الحلبي صاحب أقدم برنامج ثقافي مسموع في سورية : كاتب وموقف، ومن على تلك المنصة حكى عن أيام الخوف التي عاشها مع نظام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وعن اعتقاله من قبل مخابرات عبد الحميد السراج ، ثم حكى عن التعليم ، وفاجأه عبد الرحمن الحلبي باصطحابه في عربة الزمن ليأخذه إلى قصيدة كتبها شوقي في عام 1952 عن الأطفال، وقرأها شوقي، وأحسسنا في القاعة أنه ينتشي، فعلا صوته، واسترد عافيته، وصار من الطبيعي أن ننصت إلى تجربته الشعرية التي قال عنها : أن لاغموض في شعري.

ولخص موقفه من الشعر بعبارات قليلة : ترددي في دخول الحداثة، لم يدم طويلا ، فبعد 5 أو 6 سنوات كنت مقلدا ظهر أسلوبي . بدأت أكتب روحي الخاصة . قال لي محمود السيد ذات يوم (كان في القاعة) شعرك لايشبه شعر أحد يشبهك أنت بالذات!

ومن على ذلك المنبر انتقد شوقي بغدادي أدونيس بشكل مباشر، وقال : أدونيس شاعر كبير وهام ، ومع ذلك له أشعار كتبها ليبرهن أنه أستاذ بالحداثة !وحكى أيضا عن القصة، وعن رواية المسافرة، وكان عبد الرحمن الحلبي يأخذه إلى تراثه الأدبي القديم ، وكان شوقي ينصت إليه باهتمام، ثم يقول له : لا أتذكر هذه القصة، ثم يتذكرها فيحكيها للحضور ..

استعادت ذاكرة شوقي بغدادي الكاتب الراحل سعيد حورانية، وتردد في الحديث عن قصة الفتاة الشامية، كي لاتفهم بطريقة ما هذه الأيام ، ثم حكاها ، لينثر مفاتيح قراءة المجتمع الريفي والمديني وصراعاته التي نعاني منها إلى اليوم !

لايريد الأستاذ عبد الرحمن الحلبي من الإعلام أن يسبق برنامج المسجل (( كاتب وموقف)) ، فقد تعود الصحفيون على أن من حق البرنامج أن يكون آسرا في ما يدور فيه أما الصحافة ، فلها حصة، ولكن يكفي : ينبغي أن نسمع بقية ما حكاه شوقي بغدادي مع عبد الرحمن الحلبي عبر إذاعة دمشق!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى