يوميات ناقصة | سورةُ «ألم…» (نزيه أبو عفش)

 

نزيه أبو عفش

أيها الذابحون، يا أشقّاءَ العذابِ واللحم!
إنْ كنتم بشراً، أو دوابّاً، أو قوارضَ ترابٍ وعُشبْ،
لا تَتَّقوا إلهاً، ولا عرشاً، ولا حاملَ سيفْ !
لا تَتّقوا سماءً، ولا جيشَ ملائكة، ولا مجلسَ نبيّين !
إنْ كنتم بشراً (إن كنتم بشراً )
اِتّقوا بُطونَ النساء
وأفئدةَ الخائفين
ودمعةَ مَن يتوسّل .
: اِتّقوا .. الألمْ !
29/8/2012


مَرَض أيلول

صار حزيران.. ولم ينتبهْ إليه أحدْ.
صار تشرينُ الباكي ولم ينتبه إليه أحد .
صار آذار ونيسان .
صار حزيران الثاني وأيلولُ المرتبكْ .
صار العنب، والتين، ولوزُ العشّاقِ الأخضر.
صار البرتقال، وتفاحُ الشهوة، وسفرجلُ الغصّات .
صار السوسنُ الجليل، والسيكلامان العاطفيّ، وأقمارُ النرجسِ عديمةُ الرحمةْ.
صار خميسُ الأزهار، وعيدُ السكارى، ويومُ القيامةِ دائمةِ التأجيل .
صار الوقتُ كلّهُ، والأشياءُ كلّها؛ وأوشكتْ تصيرُ الأبديةْ
ولم يَصِرِ العرس .
: صارَ الخوفْ .
.. .. .. ..
.. .. .. ..
ومرةً أخرى صار أيلول
أيلولُ الحنونُ القاسي،
أيلولُ الذي يُشَيِّبُ قلوبَ الصبيان
ويُفَتِّحُ الوردَ في قلوبِ العجائزْ،
أيلولُ المريضُ الممْرِضْ،
ذو العين الدامعةْ
والأصابعِ المسْتَحِيةْ
وزغبِ الحلماتِ الغشيمةْ ..
ولم ينتبه إليهِ أحد .
حتى أيلول صار
ولم ينتبه إليهِ أحدْ .
.. .. .. ..
.. .. .. ..
كيفَ لأحدٍ أنْ ينتبهْ ؟ !..
العشّاقُ ما عادوا على بالِ عشّاق ،
والمحاربون – أبناء الحنانِ والندمِ وديانةِ الورد –
مشغولون بتضميدِ ذكرياتِهم
وعَدِّ أطرافِهم الناقصةْ
وجثامينِ أصحابهم الذينَ تعافَوا إلى الأبد
ولم يعودوا مؤهَّلين
للإصابةِ بمرضِ أيلول مرةً ثانيةْ .
.. ..
: صـارَ المأتم .
31/8/2012

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى