أشكال العنصرية.. ارتباطات سياسية واقتصادية

العنصرية هي إحدى الآفات، التي يتردد الحديث عن أخطارها، في مختلف المحافل والمجالات. ويعود الحديث عن العنصرية من جديد في أوروبا في السنوات الأخيرة مع تعاظم موجات الهجرة، التي تدفقت إلى أوروبا وأحيت من جديد مشاعر البغض الدفين «التاريخي» حيال الآخر. هذا «الآخر» كان هو الذي يعتبره اليونانيون القدماء «البربري»، بالنسبة لكل من لم يكن يونانياً.

وفي كتاب يحمل عنوان «أشكال العنصرية»، يشرح المؤرخ البرتغالي فرنسيسكو بيتنكور، الأستاذ في المعهد الملكي البريطاني بلندن ومؤلف العديد من الكتب، التي تمت ترجمتها إلى لغات عديدة، تاريخ العنصرية مؤكداً أن أشكالها الأولى تعود إلى أبعد بكثير من ظهور النظريات المتعلقة بـ«العرق» و«الأعراق» في أوروبا، خلال القرن الثامن عشر.

ومن هنا يحدد تاريخ العنصرية منذ القرون الوسطى عندما انطلقت من أوروبا الحروب الصليبية مشروعاً توسعياً منذ نهاية القرن الحادي عشر، وحتى نهاية القرن الثالث عشر، كما يشرح. ويأتي هذا العمل عن «العنصرية» في السياق الحالي، الذي يعطيه «راهنيته»، ما يجعله «ابن الساعة وفي صلب اهتماماتها».

ويبين الكتاب أن العنصرية ترتبط خلال تاريخها الطويل بنوع من «وجود مجموعة تعتبر نفسها أنها المرجعيات، التي يتم قياس الآخرين لها». ونزعة «التفوق هذه تنتقل من جيل إلى آخر» على أساس الانتماء إلى هذه الأثنية أو تلك. بالمقابل يفترض وجود مثل هذه المجموعات «متميزة» وجود مجموعات أخرى «أدنى» أو على الأقل «مغايرة بالقياس إلى المعايير، التي تمثلها المجموعات ــ المرجعيات. ومثل هذه التقسيمات تترافق بالضرورة مع أشكال من التمييز العنصري».

ويناقش على مدى العديد من الصفحات مفهوم «العرق» نفسه. وهو يؤكد أنه مفهوم لا يملك السمتين الأساسيتين لتحديد خصوصيات أي مجموعة بشرية وهما «الثبات والاستمرارية، لكن العنصرية تتسم، كما يتم شرحها، بأنها «تتغير عبر الزمن»، من حيث دلالاتها واستخدامها. وفي المحصلة ينتهي المؤلف إلى القول إن المشاعر العنصرية بدأت منذ حقبة قديمة وأخذت أشكالاً متعددة، وهي لم تختف من العالم الحديث. هذا في الوقت الذي يساعد فيه «المناخ السياسي السائد الراهن» على ازدهارها.

صحيفة البيان الأماراتية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى