«ألف وتسعمائة» لباريكّو بالعربية

في العام 1994، كتب الروائي الإيطالي ألساندرو باريكّو مونولوغ «ألف وتسعمائة» الذي أخرجه للمسرح غابريلِّه فاشيس. وسرعان ما حصل المونولوغ على ثناء الجمهور حتى صدر كتاباً مطبوعاً وتُرجم إلى لغات عدة. ثم قام المخرج الإيطالي الشهير جوزيبِّه تورناتورِّه بنقله إلى فيلم سينمائيّ بعنوان «أسطورة 1900/ عازف البيانو في المحيط» وأدى دور البطولة الممثل البريطاني تيم روث. نجح الفيلم نجاحاً هائلاً، وأصبح هذا الكتاب من أكثر الكتب التي ترجمت إلى عدد من اللغات. وصدرت أخيراً ترجمته العربية عن دار المتوسط. وقد انجزها معاوية عبد المجيد.

قصة الكتاب هي كما رواها صديق، عازف ترومبيت، على شكل مونولوغ، عن دانّي بوودمان (ت. د. ليمون ألف وتسعمائة) عازف البيانو على متن عابرة المحيطات فيرجينيان. تلك الباخرة التي كانت تتنقل بين أميركا وأوروبا محملة بأصحاب المليارات وبالمهاجرين في الوقت ذاته. وعلى متنها كلّ مساء، عازف بيانو استثنائي، صاحب تقنيات هائلة في العزف، يعزف هناك، للأغنياء والفقراء. يقولون إن قصته مجنونة جداً، وإنه ولد على متن الباخرة وإنه لم يطأ الأرض أبداً، ولا أحد يعرف لماذا!

قال المخرج السينمائي جوزيبِّه تورناتورِّه عن الكتاب: «لقد أبهرتني هذه الشحنة المتأججة من الاستعارة، في خروجها عن المألوف. جاءت شخصيّة «1900» كانعكاس صريح لعمق كلّ واحد منّا، في ما تعرضه من اختلال التوازن الذي طرأ على الإنسان الحديث، خلال دخوله القرن العشرين، بين مصير مجهول وتأزّم وجوديّ».

يتقصد باريكُّو، وهو الناقد الموسيقيّ والفنيّ، مشهدَ المبارزة الموسيقيّة – محور المونولوغ – إذ يجرّد الموسيقى من واقعها اليوميّ، ليضعها تحت مجهر الخيال الأدبيّ بغرض تفسير ضبابيّتها. ولعل الحساسيّة الموسيقيّة، التي يتمتّع بها باريكُّو، واضحةُ المعالم في هذا النصّ. في إمكان القارئ، أن يلحظ كيف تتصاعد النغمات، من آلة البيانو لتلك الشخصيّة الأسطوريّة، من خلال كثافة الصورة وانسيابيّة السرد.

«مونولوغ 1900» حكاية تعيدنا إلى حقبة الجاز المتألقة، وتتكوّن من ذكريات الراوي الذي عرف ذلك البطل الغرائبيّ، العازف الذي يطفح قلبه بالإنسانيّة ويستغرب من الإنسان. أسطورةٌ حديثةٌ، تمتزج فيها الكوميديا بالتراجيديا في آن واحد.

ألِسَّاندرو باريكُّو الكاتب الأكثر شعبية في إيطاليا بلا منازع، هو أيضاً مخرج ومؤد. تُرجمت رواياته إلى عدد كبير من اللغات العالمية، مثل أراضي الزجاج، حرير، البحر المحيط، مدينة، بلا دماء.

صحيفة الحياة اللندنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى