‘الجسد والسياسة’ .. يتعرض لطبيعة علاقة الجسد والإنسان بالدولة

“الجسد والسياسة” كتاب يتعرض لطبيعة علاقة الجسد والإنسان بالدولة أو الجسد السياسى من خلال إطار نظري يتناول قضايا الجسد في العلوم والأديان من خلال نظرية عامة، يعقبه تحليل عميق للجسد في النظرية السياسية.
وتركز مريم وحيد مؤلفة الكتاب على دراسة مفهوم الجسد في الثورة المصرية، فقد لفت النظر أثناء الثورة أن المتظاهرين لم يهتموا باختلافاتهم الجسدية بل إنهم تضامنوا وتلاحموا جسداً واحداً، وهو ما يمكن تسميته الجسد المجتمعي وجسد الأمة وجسد الدولة وجسد الفكرة والهدف السياسى.

لا يمكن وصف الجسد فحسب بأنه كيان بيولوجي، فالجسد يحمل التاريخ والثقافة والحضارة. كما أن الجسد هو وسيلة الإنسان للتعبير عن ذاته، ومن هنا جاء الاهتمام بدراسته في العلوم الإنسانية. وقد رأى الوجوديون أن للجسد نفس أهمية الروح على الأقل إن يكن فيفوقها، لأن وجود الإنسان الجسدى هو ما يصبغ عليه قيمة إدراك الحياة والكون.

وينتقد الوجوديون الثنائية الديكارتية التي تعتبره منفصلاً عن الجسد، الأمر الذي أدى إلى تفضيل العقل على الجسد، فيقول مارسيل بأن حقيقة وجود الجسد في الكون هي أهم ملمح لموقف الفرد، فلا توجد ذات منفصلة عن الجسد لعدم وجود قران بين الروح والجسد.

الجسد السياسي والجسد الفردي
وتشير الباحثة إلى علاقة الجسد السياسي والجسد الفردي، قائلة:
نشأت فكرة “الجسد السياسي” في الفكر الاجتماعى عند الإغريق تم انتقلت إلى الشرق تحديداً في الفكر الإسلامي عند “إخوان الصفا” الذين تأسست فلسفتهم على نحو كبير على الفلسفة الفيثاغورسية، فرأوا في الجسد الإنسانى صورة للجسد الكوني، ثم رأوا أن في الجسد السياسي صورة من الجسد الآدمي، وهو تناظر يعبرون عنه صراحة وتلميحا في رسائلهم.

وفي الفكر الإسلامي نجد أن ابن خلدون من أهم الذين ربطوا بين الدولة والجسد الإنسانى الذي نظر إلى الدولة ككائن حي، اختلاف حول مفهوم الشعب، هل يعني الأكثرية أم الأقلية؟
ويعتبر الجسد بصفة عامة في النظم الاستبدادية هو جسد الحاكم، أما في النظم الأرستقراطية فهو جسد القلة التي تمتلك مفاتيح صنع القرار، والجسد في الديمقراطية هو جسد الأغلبية التي تمتلك مقاليد الحكم، وعندما يدرك الشعب أنه يكون بذاته جسداً يكون ثورياً وفي قلب الخطاب الثوري.

ويستخدم مفهوم الشعب أو الناس بصورة واسعة عندما يذهب الرجال والنساء إلى الشوارع ويخالفون قوانين الدولة ويطالبون بتغيير نظام الحكم. وقد تحدث جولز ميشيليه عن ذلك في كتابه “تاريخ الفرنسية” الذى أشار فيه إلى خطأ التركيز على الأفراد الذين ظهروا كقيادات في خلال الثورة عند تحليل الثورة، فالقيادات عبرت فقط عن مشاعر الجماهير وغالباً ما يأتون خلف الزخم الشعب بعد اندلاع الثورة.

وتؤكد الباحثة: “كانت المرأة طوال التاريخ، رمزاً في الثورات ومن أمثله ذلك حالة الثورة الفرنسية فقد نشرت أوليمب دو جوج (إعلان حقوق المرأة والمواطن) مشيرة فيه أن المرأة خلقت حرة وتعيش متساوية مع الرجل في حقوقها كانت هذه الوثيقة بمثابة بأن المرأة لا بد أن تحصل على الحقوق السياسية نفسها التي تمنح للرجال”.

وعن مشاركة المرأة المصرية في الحياة السياسية، يمكن أن نرصد نماذج نسائية كثيرة منهن “شفيقة محمد” أول سيدة تسقط شهيدة في ثورة 1919. وقد ارتبط دور المرأة السياسى أيضاً بأسماء مثل هدى شعراوي وعدد من المفكرين مثل محمد عبده وجمال الدين الأفغاني وأيضاً قاسم أمين الذي له كتابان شهيران حول المرأة “تحرير المرأة” و”المرأة الجديدة”.

وقد انتقدت ليلى أحمد، كتابات قاسم أمين بدافع أنها أحلت السيطرة الذكورية الغربية على المرأة بدلاً من السيطرة الذكورية على الطريقة التى تستند على بعض التحليلات الإسلامية.
وفي خاتمة الدراسة، تقول الباحثة: إن انتقال الجسد من كونه مقهوراً قبل ثورة 25 يناير إلى كونه مقاوماً في الثورة، فالجسد كان مقهوراٍ قبل الثورة أثر عليه النمط الاستهلاكي الحداثي في بعض الإعلانات والأغاني أو تأثر بالعجز والفقر والمرض، وهو الأمر الذي اتضح جلياً من خلال تدهور أجساد المصريين. فإذا بالجسد مع الثورة يسطر عنوانا جديداً للمقاومة في الثورة المصرية مكتسباً طابعاً وشكلاً جديداً.

يذكر أن كتاب “الجسد والسياسة” للكاتبة مريم وحيد، صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ويقع في نحو 269 صفحة من القطع الكبير.

ميدل ايست اون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى