النساء في حياة كافكا وبيسوا وبافيزي

أصدر مشروع «كلمة» للترجمة – أبو ظبي كتاباً بعنوان: «ما لا يُدرك» للكاتب الأرجنتيني لويس غروس وترجمته إلى العربية نقلاً عن الإسبانية زينب بنياية.

ينطلق لويس غروسفي في كتابه من فكرة لامعة وجذّابة، فهو يجمع ما بين ثلاثة من أبرز الأدباء العالميين في القرن العشرين: فرانز كافكا، فرناندو بيسوا وسيزار بافيزي. وهو انتقاء ليس بالاعتباطي، إذ إن حياة هؤلاء الثلاثة، الذين عرفوا بـ «المعذبين»، تلتقي من خلال عدة قنوات موصلة، على رغم الاختلافات البديهية الأكيدة. ويحدث ذلك من خلال نساء أهلن حياتهم الحقيقية وأعمالهم الأدبية، وهنا «مربط الفرس»، وهنا، أيضاً، نجد المفاتيح التي تسلِّط الضوء سواء على أسلوب حياتهم أو على مناحٍ إشكالية من نصوصهم.

يلتقي فرانز كافكا وفرناندو بيسوا وسيزار بافيزي في الشخصية المضطربة، والخوف المرضي من مواجهة الحياة -أو بالأحرى، من قيود الحياة- في الكتابات التي لم تكتمل أو لم تُـنشر، في الرحيل المبكر، وفي المفارقة التي تكمن في الشهرة بعد الرحيل وخمول الذِّكر والفشل خلال حياتهم.

ينطلق «ما لا يُدرَك» من هذه التصوُّرات، التي- من فرط تكرارها- أصبحت بمثابة «مسلَّمات» بين النقاد، ليبدأ مساراً آخر محوره المرأة. لم يستطع أحد من هؤلاء الأدباء أن ينشئ روابط ثابتة مع الآخرين، وبوجه خاص، مع النساء؛ فكانت علاقاتهم بهن إشكالية إلى حدٍّ كبير. لم يستطع أحد منهم أن يواجه خطر الاستسلام لذاته أو لغيره. وبتمزق كبير ومواجهة مريرة مع الذات، نبذوا النساء الحقيقيات اللائي عبرن حياتهم ذات يوم، لكي يعشقوا صورة مثالية، مجرَّدة، «لا تُدرَك»، رسموا ملامحها، بالموازاة مع ذلك، في رسائلهم ويومياتهم، مؤمنين، ربما، بأن الاستجابة لإغراء ما هو كلِّيٌّ ومطلق – والذي كان بمثابة هاجس لديهم- لا تكمن في الاستسلام للحب الجسدي ولا لامرأة بعينها، وإنما لفضاء الخلق الأدبي الواسع. هل كانت تلك استعارة لما لا يُدرَك؟ كيف أثَّرت في هؤلاء الكتاب استحالة التوفيق بين حياتهم العاطفية والمهمة الفنية التي كرَّسوا ذواتهم لها؟

صحيفة الحياة اللندنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى