صنع الله إبراهيم ومذكرات مغترب في عاصمة الجليد

صدرت مؤخرًا النسخة الفرنسية لرواية “الجليد” للكاتب المصري صنع الله إبراهيم. وفي ظل هذه المناسبة، أقام المركز الثقافي الفرنسي احتفالية بهذا الحدث تحت عنوان “أضواء الشرق”، وكانت النسخة العربية من الرواية قد ظهرت عام 2011 إبان ثورة يناير.

يعكس لنا عنوان الرواية واقعًا ملموسًا يستشعره القارئ منذ اللحظة الأولى، فأحداثها تقع في موسكو عاصمة الجليد، وفيها تتوالى الأحداث مع بطل الرواية د. شكري، هذا المصري المغترب صاحب العين الفاحصة لكل ما يدور حوله في مجتمع غريب.

كما أنه لا يتوانى أن ينغمس داخله بكل ما أوتي من قوة وبدون أي تردد، فلم يشر المؤلف بأية إشارة من قريب ولا من بعيد إلى وازع ديني قد يجعل البطل يتراجع أو يتردد أمام عادات هي بعيدة كل البعد عن مجتمعنا.

يأتي الوصف الدقيق والمتأني لصنع الله إبراهيم كأجنحة طائر يحلق بالقارئ في سماء موسكو، ليتقاسم مع البطل لحظات قضاها في فترة السبعينيات. إلا أننا نعيب على الكثير من هذا الوصف، الذي لا يتناسب مع طبيعة مجتمعنا، وهذا يقودنا إلى الاعتقاد بأن فكرة ترجمة الرواية للفرنسية لا يعزى سببها لنجاح الرواية في المجتمع المصري، بل هي محاولة لجذب قراء آخرين، فالغربيون قد تلقى الرواية عندهم القبول بعيدًا عن قيود التحفظات الشرقية.

إننا لا نستطيع أن ننكر أن تفاصيل الرواية صدمت الكثير من القراء من حيث المضمون، إلا أننا نتصور أن التجارب الشخصية للأفراد لا تعكس واقع مجتمع بأكمله، هذا المجتمع الذي لم ينفصل عنه المؤلف بتاتا، حيث يعكس لنا البعد النفسي داخل المجتمع المصري بعد نكسة 67 من يأس وإحباط حتى لهؤلاء الذين أجبرتهم الظروف على الابتعاد عن أرض الوطن، فقد كانوا يشعرون أيضًا بغصة الهزيمة التي أفقدت الكثيرين توازنهم لتقودهم فيما بعد إلى اللامبالاة والتخبط، حتى غطى الجليد قلوبنا وفقدنا كل منابع الدفء داخلنا.

وهذا هو بيت القصيد الذي يهدف إليه الكاتب، لتعكس الرواية تأثير هذه الأحداث على المغترب وسط مجتمع جديد يستشري فيه الفساد، بل هو إمبراطورية آيلة للسقوط، فالجليد يكسونا من الداخل إلى الخارج، حيث يفقد المرء هويته ويعيش في غربة عن نفسه. (بوابة الأهرام)

ميدل ايست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى