في رواية “نبض” متسعٌ للحب تحت فوهات البنادق

هي رواية تحكي قصة حب في زمن الحرب؛ فطالما زجّ النّاس “الراء” بين الحاء والباء فانتقلنا من أجمل ما عرفه الإنسان _وهو الحب_ إلى أسوأ ما عرفه، وهي الحرب”، بهذا يستهل الكاتب الفلسطيني أدهم شرقاوي حديثه لمراسلة “فلسطين”، الذي دار عن روايته “نبض” التي صدرت حديثًا.
تقع الرواية في أربعة فصول، في فصلها الأول يحكي عن الحرب ومآسيها، ويسردُ لحروب ماضية لم يتعلم النّاس دروسها، ويمزجُ بين الماضي والحاضر، عن ذلك يقول “قس بن ساعدة” (وهو الاسم “المستعار” المعروف به الكاتب): “حاولت أن أقنع القارئ برؤيتي، وهي أن الحرب وأسبابها ومشعليها هي نفسها في كل زمن، ولكن المقاتلين يتغيّرون”.

ويبدو متحفزًا وهو يشرح عن تفاصيل “نبض”: “في الفصل الثاني أتعرّضُ لقضايا اجتماعيّة معينة، مثل محاولة تفسير الجنون وتبيان الشعرة الرفيعة بينه وبين العبقرية، وانتقاد ظاهرة مأسسة الدين وتحويله من دعوة إلى وظيفة، وفي الفصل الثالث أسردُ اللقاء بين الراوي ونبض، وهو فصل غزليّ بامتياز يحكي نشوء علاقة الحب بينهما، في الفصل الرابع أحكي عن موت نبض، وكان من الضروري أن أقتلها لأوصل رسالتين: الأولى أنّه حتى تحت فوهات البنادق هناك متسع للحب، والثانية أن كل من يخوض الحرب خاسر لا محالة، المنتصر والمهزوم على السواء، فحين ننتصر في الحرب سنجدنا مهزومين بإنسانيتنا، وهذه خسارة فادحة لا يمكن للنصر ترميمها”.

ويشير إلى أن الرواية ليست مستوحاة من قصة حقيقية، وإن كانت تُحاكي بالرمز واقع الربيع العربيّ، “فهي تصوّر حربًا أهلية، صراعًا بين العبيد والأحرار في حلبة الوطن”.
ويعد قس بن ساعدة الرواية تجربة كتابية انقلبَ فيها على نفسه كونها تجربته الروائيّة الأولى، فهي _لا شك_ مغايرة في الأسلوب والمضمون لما كان الحال عليه في إصداراته السبع السابقة.

أدهم شرقاوي
“بماذا تختلف هذه الرواية عن غيرها من الروايات التي تتناول ثنائية الحرب والحب؟”، يرد على سؤالي بقوله: “سأكون جريئًا وأقول إنّي لا أقرأ نتاجات أدبيّة كثيرًا، والسبب أنّ النتاج الأدبي في أغلبه يتناول الجانب العاطفي فينا ويهمل الجانب الفكري، وهذا أحد مآخذي عليه، لهذا أغلب قراءاتي في النقد بحكم الدراسة والتخصص أولًا، وبهدف فهم التجربة الكتابية أكثر، وإذا ما قرأتِ نتاج نزار قباني الشعري كله فستشعرين أنه هذبكِ عاطفة، ولكنه أهملكِ فكرًا، ولكن جرّبي أن تقرئي (دين ضد الدين) لعلي شريعتي، أو (شبهات حول الإسلام) لمحمد قطب، أو (الإسلام بين الشرق والغرب) لعلي عزت بيغوفيتش، هذه كتب تُحدث في داخلك ثورة من التساؤل والدهشة، وستشعرين أنك كنتِ في بحر خرجتِ منه مبتلة تمامًا، على عكس النتاجات الأدبية التي تُشبه قراءتها حالة الذي يسير على الشاطئ ولم يبتل منه إلا قدماه”.

والمطلع على الرواية سيلحظ أن “ضيفنا” حاول أن يمزج بين الأدب والثقافة، ففي طياتها ثمة زواج بين الحاضر والتاريخ ينجب قصصًا كثيرة، من نزاع إبليس وآدم، إلى حرب طروادة، إلى جلجامش وسعيه الدؤوب وراء نبتة الخلود، إلى نقاشات مستفيضة مع ماركس ولينين، إلى الحديث عن الفرق بين الحضارة والمدنية وإنزالها على الواقع، يقول الشرقاوي: “الرواية _وإن كان فيها متسع للحب_ أُصنفها رواية فكرية أكثر منها عاطفية”.
ويذكر الكاتب المقيم في لبنان أنه في الرواية حاول الخروج من حيّزي الزمان والمكان، قائلًا: “لن تجدي فيها تاريخًا محددًا أو بقعة جغرافية واضحة تدور بها الأحداث لأني مع أنسنة الأدب، أما عن اختيار اسم “نبض” فهو اسم شفاف يختصر في طياته الكثير من الرقة، وقد راقني أن أطلقه على بطلة الرواية، ثم أسميت الرواية بهذا الاسم”.
ويختم حديثه بنصيحة مفادها أنه ينبغي أن نقرأ الكتب التي تثرينا، وأن نتوقف عن التفكير بقلوبنا فقط؛ “فإذا ما كان هناك متسع للقلب؛ فعلى العقل ألا يجلس على دكة البدلاء”.

فلسطين أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى