مهرجان بيروت الدولي للسينما تواصل مع روائع للفن السابع (نديم جرجورة)

 

نديم جرجورة

على الرغم من تواضع برنامجه الجديد، يُقدّم «مهرجان بيروت الدوليّ للسينما»، الذي تُفتتح دورته الثانية عشرة مساء اليوم في المجمّع السينمائي «أبراج» (فرن الشبّاك)، مجموعة من الأفلام العربية والأجنبية، التي نال بعضها شهرةً شعبية وحفاوة نقدية.
ومع أن العناوين المرافقة للمسابقتين الرسميتين، الخاصّتين بأفلام روائية قصيرة ووثائقية من دول الشرق الأوسط، تتيح إمكان مشاهدة تنويع واضح في أنماط الاشتغال السينمائي، كما في المواضيع المختارة، فقد استطاع المهرجان أن يحافظ على حضوره في المشهد السينمائي اللبناني، وأن يجعل أيامه الثمانية نافذة للإطلالة على بعض الجديد في العالمين العربي والغربي.
تكمن الملاحظة الإيجابية الأولى باختيار إدارة المهرجان فيلماً لبنانياً طويلاً لعرضه في حفلة الافتتاح، هو الروائي الطويل الأول للارا سابا بعنوان «قصّة ثواني» (راجع صفحة 18). ففي مقابل غياب مسابقة خاصّة بالأفلام الشرق الأوسطية الطويلة، يُصبح اختيار هذا الفيلم محطة لاكتشاف أسلوب سينمائي استعانت به المخرجة للغوص في أعماق المجتمع اللبناني ومتاهاته القاتلة.
بالإضافة إليه وإلى المسابقتين الرسميتين، يمنح المهرجان فرصة جميلة لمحبّي الفن السابع، متمثّلة بعرض أفلام للسينمائيَّين الأميركي الراحل ستانلي كيوبريك والفنلندي آكي كوريسماكي. كبيران في الإخراج، يحلّ بعض أفلامهما في «أبراج»، احتفاءً بنمط سينمائي يغرف من شقاء الفرد حكايات، ويصنع من بؤس العالم لوحات بصرية مُدهشة.
بهذا، يستمرّ «مهرجان بيروت الدولي للسينما» في تخصيص حيّز بأفلام قديمة تُعرض إلى جانب أفلام جديدة، أخرجها سينمائيون فاعلون في لعبة الصوَر المتحرّكة واختراعاتها الدرامية والجمالية الفذّة.
تحتفل الدورة الثانية عشرة، أيضاً، بأحد عشر فيلماً لبنانياً، في إطار «ركن الأفلام اللبنانية»، أُنتجت في العامين 2011 و2012. أفلام قصيرة، تراوحت مواضيعها بين لقاء شابين يتحوّل إلى قصة حبّ، ورؤية داخلية لواقع الحال الاجتماعي اللبناني، وأسئلة ذاتية متعلّقة بالراهن والوجود والقلق ومعنى الانتصار للذات. بهذا، يبدو «ركن الأفلام اللبنانية» منفتحاً على أصوات شبابية، تجعل الصورة مفتاحاً لولوج العالم، أو لمحاولة فهمه، أو لطرح أسئلته. أصوات شبابية لا تخجل من تعرية ذاتها والآخرين، ولا تقف عند العتبة الخارجية للواقع الآنيّ. لذا، فإن المهرجان البيروتي مُطالبٌ بتطوير علاقته بصناعة الفيلم اللبناني، وبجعل هذه العلاقة أساس عمله.
إلى ذلك، هناك البانوراما الدولية المتضمّنة عدداً من بعض أكثر الأفلام الغربية إثارة لنقاشات نقدية، كـ«المطاردة» للدانماركي توماس فينتربيرغ، و«أوسلو، 31. آب» لمواطنه يواكيم تراير، و«وراء التلال» للروماني كريستيان مونجيو، و«علاقات خطرة» للكوريّ الجنوبيّ هور جين ـ تسو، وLooper للأميركي راين جونسن الذي يُعرض في ختام الدورة الجديدة هذه، مساء 11 تشرين الأول 2012.
هكذا، يجد المهتمّ نفسه أمام تنويع بصريّ لا بأس به، يطرح أمامه كمّاً من الحكايات والتفاصيل، وإن لم يكن على المستوى نفسه الذي بلغه المهرجان سابقاً. تنويع بصريّ قادر، بتواضعه، على جعل الأيام الثمانية مساحة للتواصل مع بعض أجمل روائع الفن السابع الغربيّ والعربي معاً.

 

صحيفة السفير اللبنانية

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى