المؤثرون على مواقع التواصل.. هل انتهى عصرهم الذهبي؟

المؤثرون.. كلمة ما انفكت تبرز في كل مكان خلال السنوات الماضية مع زيادة نسبة عدد مستخدمي مواقع التواصل. المؤثر على مواقع التواصل ليس بالضرورة الشخص الذي يملك ملايين المتابعين، فأي شخص يمكنه شراء المتابعين وبمبلغ متواضع، لكنه الشخص الذي يؤثر برأي الذي يتابعونه أي أنه الذي وبمجرد حديثه عن منتج معين مثلاً فإن نسبة مبيعات هذا المنتج ترتفع.

هؤلاء يملكون قاعدة جماهيرية «فعلية»، ويملكون ما يميزهم عن غيرهم، وبالتالي تقديم الأفكار بشكل فعال؛ ما جعلهم يتمكنون من الإقناع أو تبديل الآراء منصات مواقع التواصل هي الأهم حالياً للعلامات التجارية الكبرى، فالغالبية الساحقة من البشر تمضي وقتها هناك، وبما أن الأنماط القديمة للترويج والدعاية لم يعد لها أي مكان أو تأثير فإن المقاربات تبدلت، وكان التعامل مع المؤثرين.

المعادلة بشكل عام هي مربحة للطرفين أو هكذا كانت على الأقل.. ولكن الفضائح المتتالية التي باتت تلاحق عدداً من المؤثرين وعدم القدرة على «احتواء» الرغبة القوية لعدد كبير من مستخدمي مواقع التواصل بأن يكونوا من المؤثرين جعلتنا نقترب وبسرعة البرق من مرحلة انتهاء العصر الذهبي لهم

المال يفسد العقول.. والشركات الكبرى ضاقت ذرعاً  

هناك الكثير من الحسابات الخاصة بالسفر على مواقع التواصل وخصوصاً على إنستغرام. المؤثرون عادة يقومون بتوثيق رحلاتهم بالصور، وبالتالي يروجون لهذه الوجهة أو تلك أو هذا الفندق أو ذاك. وبطبيعة الحال الغالبية إما أن تحصل على خصومات جنونية أو تقيم في تلك الفنادق مجاناً. المعادلة تكون واضحة إقامة مجانية مقابل نشر لعدد من الصور أو الفيديوهات عن المكان للجمهور الذي يتابع هذا المؤثر أو ذاك.

شركات السياحة والفنادق استغلت هذا الأمر، واستفادت منه إلى حد كبير؛ فهو أشبه بتبادل للخدمات. فعلى سبيل المثال حساب “هل تسافر” الذي يديره جاك موريس يملك قاعدة جماهيرية عريضة، وهو ما ينفك ينشر الصور عن المنتجعات الفاخرة التي يقيم فيها، وفي إحدى المرات أكد أن الشركات تدفع له ما يقارب عشرة آلاف دولار كي ينشر الصور.

ولكن الشركات التي تعنى بالضيافة والسياحة على ما يبدو ضاقت ذرعاً بالطلبات الجنونية لعدد من المؤثرين. مؤخراً نشر خبر عن رفض مجموعة دوسيت ثاني لعدد كبير من طلبات المؤثرين للإقامة عندهم. في الواقع هم يرفضون ٦ طلبات يومياً؛ لأن ما يطالبون جنوني. والمشكلة الأخرى أن الذين يدعون أنهم مؤثرون باتوا أكثر من المؤثرين أنفسهم ما جعل الشركة تغلق الباب على هذه المرحلة.

قبل أشهر ال داربي التي تملك أكثر من مليون متابع، والتي لها شهرة واسعة بحكم أنها بالفعل من المؤثرين طلبت من «ذا وايت موس هوتيل» في دبلن الإقامة مجاناً لخمسة ليالٍ مقابل الترويج للفندق. تم رفض طلبها في رسالة تم تداولها على نطاق واسع، والتي جاء فيها إنه إن لم يكن المؤثر مستعداً لإنفاق المال على تجربة أو على منتج ما فهو لا يملك الحق في طلب غيره تجربته أو شراءه.

الكذب والخداع

داريل يو  الذي سنتحدث عنه هو مجرد مثال؛ إذ إن ما قام به هو سلسلة من عمليات تزييف وخداع قام بها غيره من المؤثرين. الشاب هو مصور فوتوغرافي ونجم على إنستغرام يروج للأماكن الخلابة التي يزورها والمنتجات الرائعة، التي يستخدمها خلال رحلاته.

ولكن وبما أنه لا يمكن خداع جمهور يمضي معظم حياته على الإنترنت، فالأمر كان مجرد مسألة وقت قبل كشف أمره. صور يو ليست كما تبدو فهي تشبه وبشكل كبير صور شتر ستوك.  ولكن الأمر لم يتوقف عند استخدام صور من وكالة وتعديلها بل كان يستخدم صوراً ليست له أصلاً وينسبها لنفسه.

يو هو أحدث مثال على أنه لا يمكن الوثوق بكل ما ينشره هؤلاء، فلا مجال لمعرفة أي منها فعلاً حقيقي، وأي منها مسروق وأي منها مزيف. غالبية المؤثرين اعترفوا بتزييف الصور التي يروجون من خلالها للمنتجات والوجهات أو على الأقل تعديلها، ولكن بعد كشف أمرهم من قبل المستخدمين.

المقلدون كثر ما يجعل الحسابات تتشابه

هناك الكثير من الصور التي تتشابه والتي تروج للوجهات أو منتجات معينة. إحدى المؤثرات على إنستغرام اتهمت علناً مؤثرة أخرى بالتقليد والنسخ. وهاتان المؤثرتان مثال فقط على حجم التقليد الموجود بينهم. فالمبدأ نفسه للصور يتكرر والآلية نفسها في الفيديوهات تتكرر ما يجعل الترويج بات أشبه بدعاية واحدة، وإنما بأسماء مختلفة للمنتجات، ولا يوجد شركة تريد ذلك.

الهوس بالأرقام يقلص مدة التأثير المباشرة

هناك هوس بالأرقام للمؤثرين وللشركات التي تسعى للتعامل معهم. ولكن كما قلنا أن يملك الشخص ملايين المتابعين لا يعني أنه من المؤثرين، فما هو هام هو القدرة على التأثير. ولكن للأرقام دورها أيضاً، فشخص مؤثر بعشرة أشخاص ليس كشخص يؤثر بمليون شخص مثلاً.

وبالتالي هناك ضرورة أن يسيرا جنباً إلى جنب، ولكن لا يمكن التأثير بكل الأشخاص والشهرة عمرها قصير، وهذا ما أثبتته التجارب. التعامل الآن فعال، ولكنه لا يصلح للمدى البعيد بالنسبة للشركات الضخمة.

خداع الشركات سهل للغاية

أبسط مثال على سهولة خداع الشركات هو ما قامت به ميديا كيكس عام ٢٠١٧  حين قامت بإنشاء حسابين وهميين على إنستغرام، وقامت بشراء المتابعين، وروجت لهما على أنهما لمؤثرين. الشركات وقعت ضحية الخدعة وبدأت بتقديم العروض والمغريات المالية للحسابين، وبالفعل حققت ميديا كيكس أرباحاً كبيرة قبل أن يتم كشف أمرها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى