برمجة الدماغ البشري ليست خيالا علميا

تتعرض أدمغة البشر إلى الكثير من المشاكل التي من الممكن أن تؤثر على قدرات مراكز التذكر في الاحتفاظ بالذكريات والأحلام والعلاقات، فأمراض مثل الزهايمر وباركنسون مثلا كفيلان بتجريد الإنسان من كل ماضيه. وللسيطرة على تأثيرات الامراض على الدماغ أعلن مؤسس “براين تري” بريان جونسون أنه سيستثمر 100 مليون دولار لجعل الشيفرة العصبية البشرية قابلة للبرمجة مطلقا بذلك قدرات الدماغ اللامحدودة.

وتقوم شركة جونسون كيرنيل بصناعة أول عصب اصطناعي في العالم يحاكي العصبون البشري ويمكن استخدامه لإصلاح وتحسين عمل الدماغ. وبمعنى واضح تحاول الشركة وضع كمبيوترات داخل الدماغ البشري لتعزيز القدرات البشرية حتى تجاري أنظمة الذكاء الصناعي ولا تحكمها الروبوتات في يوم من الايام كما تستطيع هذه الكمبيوترات معالجة الامراض العصبية.

يقول جونسون: “إن صلتنا مع اختراعاتنا الذكية الجديدة محدودة بالشاشات، ولوحات المفاتيح، والواجهات الإيمائية، والأوامر الصوتية، وكلها أشكال مقيدة للدخل والخرج. إننا لا نستطيع استخدام أدمغتنا بكامل طاقتها، ما يحد من قدرتنا على مجاراة الآلات السيليكونية الأساس في التطور بشكل جيد”، وفقا لموقع مرصد المستقبل الاماراتي. ويضيف “نعمل على تغيير ذلك، وضمان وجود واجهة انسيابية العمل مع تقنياتنا وذكائنا الاصطناعي، أصبحت بنيتنا الحية وجيناتنا قابلة للبرمجة بشكل متزايد، وكذلك ستصبح شيفرتنا العصبونية”.

والخطوة الأولى لتحقيق هذا الانجاز يبدأ من ضرورة فهم الإنسان لطبيعة دماغه وكيف تعمل قبل برمجته على محاكاة طريقة تواصل خلايانا الدماغية مع بعضها. ويقود جونسون لفك رموز الدماغ البشري فريقاً من الخبراء، وذلك لتحديد آليات عمل شيفرتنا العصبونية، وجعلها قابلة للبرمجة في نهاية المطاف.

تقوم تقنية البرمجة على عمل الدكتور ثيودور و. بيرغر، وهو بروفسور في الهندسة الطبية الحيوية وعلم الأعصاب، كما أنه مدير مركز الهندسة العصبونية في جامعة ساوث كاليفورنيا. ويستند الفريق على 15 سنة من العمل الأكاديمي لبيرغر وهو الشخص المناسب لهذه المهمة، حيث أظهرت أبحاثه تحسناً في قدرات التذكر عند الجرذان والقردة.

ويضم فريق جونسون العالم ج. كريج فينتر، الذي يحمل شهادة الدكتوراه في الفيزيولوجيا والصيدلة، وهو المؤسس والمدير التنفيذي لشركة هيومان لونغيفيتي الذي قام مع فريقه في عام 1995 بفك الشيفرة الجينية لأول كائن حي مستقل.

ويرى فينتر إن عمل شركة كيرنيل واعد إلى درجة كبيرة ويضيف “بوصفي أحد الرواد في مجال تفسير وتعديل الشيفرة الجينية، وتحقيق البرمجة الإحيائية، من الواضح لي أن فهم الدماغ والشيفرة العصبونية سيأتي تالياً”. ويتابع “منذ عشرين سنة، اعتقد الكثيرون أن قراءة الجينوم البشري ستكون مهمة شبه مستحيلة بدون مليارات الدولارات، وجيش ضخم من العلماء الذين سيعملون على مدى عقود من الزمن، أما في الحقيقة فقد تطلب الموضوع تسعة أشهر، و100 مليون دولار، وفريقاً صغيراً من الباحثين، أتوقع حدوث نفس الشيء عندما ننظر بعد 20 سنة من الآن إلى عمل شركة كيرنيل”.

وتبدو هذه هي البداية بالنسبة لجونسون، فنجاح تطبيق برمجة على الاعصاب البشرية قد يؤدي في المستقبل إلى برمجة أجهزة الجسم بشكل عام ليختار الانسان بنفسه من يريد أن يكون، شيء ربما يبدو الآن ضربا من المستحيل أو خيالا علميا لكنه حتما في الطريق.

ميدل ايست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى