التحول الرقمي بالمغرب.. اهتمام رسمي ورهان على الريادة الأفريقية

 

تعكف مستشارة التسويق الرقمي هاجر الجندي (44 عاما)، على رصد وتتبع تنزيل مشاريع الحوكمة الإلكترونية لدى عملائها، وتواكب عن كثب حركة التحول الرقمي بالمغرب رفقة نخبة من الطاقات الشابة المختصة في المجالات المرتبطة بالرقمنة، والتي عملت على تشبيك خبراتها وتكاتف كفاءاتها، في مكتب للاستشارات الرقمية “جاداكم تقول هاجر إن المكتب يقدم حلولا متكاملة للمؤسسات الراغبة في التحول الرقمي سواء العمومية أو الخاصة، وتؤكد هاجر للجزيرة نت أن التحول الرقمي بالمغرب اليوم واقع حاضر بالفعل.

على مشارف السنة الجديدة (23 ديسمبر/كانون الأول 2019) ذكّر رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني بالاهتمام الذي توليه الحكومة للقطاع الرقمي وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، باعتباره من الوسائل التي لا محيد عنها للتنمية الشاملة للاقتصاد وقال العثماني -خلال ترؤسه اجتماع مجلس إدارة وكالة التنمية الرقمية في دورته الثالثة والذي خصص للوقوف على حصيلة عمل الوكالة، واستشراف الآفاق المستقبلية لتطوير المجال الرقمي- إن التحول الرقمي أصبح ضرورة قصوى وليس فقط اختيارا لتحقيق التنمية وولوج مصاف الدول الصاعدة.

وينوه المحلل الاقتصادي عبد النبي أبو العرب باهتمام المغرب مبكرا بالقطاع الرقمي، وتبني سياسات وإستراتيجيات مُهيكلة، أعطت نتائج “مُقدرة”، بحسب وصفه، خاصة في الإدارة الرقمية.

وأوضح أبو العرب للجزيرة نت أن تبسيط الإجراءات الإدارية بالمغرب عبر رقمنتها أسهم بشكل مباشر في احتلال البلاد موقعا إيجابيا على مستوى جاذبية الأعمال ومن جهتها، تعتبر هاجر الجندي الفاعلة في القطاع الرقمي أن الرهان اليوم أن يكون المغرب قائد التطور الرقمي في أفريقيا ووسيطا أساسيا.

وتوضح هاجر للجزيرة نت أن المغرب له مكانته في استقطاب الدول الراغبة في تطوير حلول رقمية نحو أفريقيا، مشيرة لوجود مجالات متعددة للبحث في المجال ومؤسسات ومراكز كبرى، وقطاعات حكومية تأخذ الأمر بالجدية اللازمة.

في اتصال للجزيرة نت بمحمد فيصل نبري رئيس قسم الإستراتيجيات في وكالة التنمية الرقمية (مؤسسة حكومية)، اعتبر أن المغرب أحرز تقدما كبيرا خلال العقد الماضي، خصوصا في تطوير البنى التحتية الرقمية، وفي تقنيات المعلومات والاتصالات الجديدة وتوزيعها على نطاق واسع.

وتحدث عن توفير خدمات الحكومة الإلكترونية عبر الإنترنت، وتحسين القدرة التنافسية والإنتاجية للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، ووضع شروط مسبقة ضرورية لتعزيز الثقة الرقمية ووكالة التنمية الرقمية أو التطوير الرقمي هي مؤسسة عامة ذات طبيعة إستراتيجية، مسؤولة بشكل خاص عن تنفيذ إستراتيجية الدولة من حيث التطوير الرقمي وتعزيز نشر الأدوات الرقمية وتطوير استخدامها بين المواطنين، من خلال إعداد منظومة رقمية متكاملة والمساهمة في رقمنة الإدارة، وسد الفجوة الرقمية، ودعم ثورة الصناعة 4.0 (الثورة الصناعية الرابعة)، وقيادة إدارة التغيير في المجتمع من خلال التدريب وزيادة الوعي.

وحسب فيصل نبري عرف تنفيذ الخطط المدرجة في خريطة الطريق ذات الأولوية للوكالة وتيرة متسارعة خلال عام 2019، مثل إطلاق برنامج الخوارزمي بالشراكة مع المركز الوطني للبحوث العلمية والتقني لدعم البحوث التطبيقية في مجال الذكاء الاصطناعي، وإطلاق منصة للشركات الناشئة، وبرنامج تدريب رقمي وطني يغطي التعليم العالي والمهني والمستمر، المتمثل في “الأكاديمية الرقمية”.

في سياق عمل الوكالة، سجل رئيس الحكومة وجود وعي لدى الجميع بأن مجال التحول الرقمي يتطور بسرعة كبيرة تستلزم تسريعا في الأداء ومواكبة مستمرة وتنسيقا وثيقا بين جميع الأطراف المعنية. ودعا وكالة التنمية الرقمية وجميع الشركاء والفاعلين إلى العمل على تكثيف الشراكات لاستدراك التأخر الحاصل وتطوير مشاريع رقمية ذات أثر ملموس على الحياة اليومية للمواطن والمقاولة (الشركات الاستثمارية).

ويقول رئيس قسم الإستراتيجيات في الوكالة، إن هناك تحديات كبيرة يتعين إثارتها بالمغرب، منها تشغيل خيارات هيكلة البنية التحتية مثل استخدام التكنولوجيا السحابية، وبناء مراكز البيانات على نطاق وطني، وإطار إدارة الأمن السيبراني، والخطة الوطنية للنطاق العريض (تقنية نقل إشارات مختلفة متعددة التردد).

ويشدد على ضرورة وضع خطة تحويل رقمي قطاعي للسماح لجميع المشغلين الاقتصاديين النشطين في مختلف القطاعات بالمراهنة على التحول الرقمي، لتعزيز الابتكار، وتشجيع البحث والتطوير من جانبه، يؤكد المحلل الاقتصادي أبو العرب أن المواطن ليس على علم بالمستجدات وأن العلاقة مع الإدارة الرقمية ليست قيد الاستعمال بسبب قلة التواصل والتعبئة حولها.

ويرى أبو العرب أن المغرب إذا ما تمت مقارنته بعدد من البلدان على المستوى المتوسط، فهو يعيش تأخرا ملحوظا، على الرغم من اهتمامه المبكر بالقطاع الرقمي ويشير لوجود تأخر على مستوى تحديد نوع النموذج الاقتصادي الرقمي، داعيا إلى ضرورة الأخذ بخطوات جريئة لتمكين الفاعلين الاقتصاديين من الدخول في المراحل الجديدة لتبادل المعطيات الرقمية، وضرورة مواكبة الشركات على مستوى التعبئة الرقمية وتحويل خدماتها. الكل يتفق على دور التحول الرقمي في استقطاب الاستثمار وإحداث فرص العمل وتحديث المرافق العمومية وتوفير الخدمات للمواطنين بطريقة فعالة وسريعة توفر الكثير من الجهد والمال والوقت، وتقلص الهوة الرقمية والفوارق المجالية والاجتماعية، وتعمق الشفافية والنزاهة وتحارب أشكال الفساد والرشوة.

وتبنى المغرب مجددا مشروع مخطط متعدد المراحل للوكالة للفترة الممتدة ما بين 2020 و2022، فهل ينجح في تحدي الصعوبات المرتبطة بالفجوة الرقمية بين مواطنيه ومؤسساته، وواقع التطور الرقمي الحالي في العالم؟

 

 

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى